استثمارات في الأفق لتهيئة وتجديد شبكات التوزيع تؤكد الظروف المناخية التي تمر بها الجزائر خاصة بعد انتصاف شهر أفريل حالة الجفاف التي تعيشها بلادنا ما حتّم على الدولة التدخل بصفة استباقية تحسبا لهذا الوضع لتجسيد برامج استعجالية من خلال العمل على انجاز محطات تحلية مياه البحر جديدة والذهاب لأبعد من ذلك من خلال تعميمها عبر كامل شريط الساحل الجزائري كمخطط استراتيجي خصوصا أن تكنولوجيا التحكم في محطات تحلية مياه البحر أصبحت جزائرية خالصة، وهو الخيار الذي يؤكد عليه رئيس الجمهورية في كل مرة. ضمان توفير ماء الشروب للمواطنين فرض على قطاع الري اتخاذ العديد من البرامج الاستعجالية بهدف التحكم في توزيع هذا المورد الثمين باستمرار وبحكمة، خاصة مع حالة تذبذب التساقط السائد وطنيا ودوليا، ما يفرض مراجعة مخططات تسيير توزيع المياه بما يوافق التوزيع العادل للماء الشروب بين الأحياء وضمن رزنامة معقولة، وهو ما أمر به رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء المنعقد الأحد واستخدام أحدث التكنولوجيات لتنظيم استهلاك المياه بهدف الحفاظ على هذه المادة الحيوية. وتواصل الدولة الاستثمار في المصادر التكميلية البديلة لحشد الموارد المائية غير التقليدية لتدعيم المصادر التقليدية، واتخاذ العديد من الإجراءات التي تصب في الاستغلال الرشيد والأمثل للماء والحد من التبذير حفاظا على الأمن المائي للجزائر، فهي اليوم تسعى لأن تساهم هذه البدائل في إنتاج 2 مليار م3 من المياه المحلاة في آفاق 2030، بعد دخول مشاريع المحطات المرصودة لهذا الهدف ليصل العدد مستقبلا إلى 24 محطة تحلية، مع قيام ذات السعة الإنتاجية الكبيرة بتمويل البلديات والولايات المحاذية لها على امتداد 150 كلم، وذلك في إطار ما يسمى بالتضامن المائي بين مختلف الأقاليم. وحاليا تمتلك الجزائر 11 محطة تحلية ذات الحجم الكبير، والبرنامج الاستعجالي في هذا المجال مفتوح لتغطية 14 ولاية ساحلية وتغطية ولايات داخلية بعمق 150 كلم، وتدخل في هذا البرنامج محطتي المرسى وقورصو، ناهيك عن خمس محطات أخرى صغيرة الحجم على غرار تلك المنجزة بكل من موقع الباخرة المحطة ببرج الكيفان، لتضاف إلى محطتي فوكة، ورأس جنات للتخفيف من أزمة المياه، كما سيتم انجاز 6 محطات أخرى بكل من تيبازة وهران، بجاية، بومرداس، الطارف بطاقة إنتاجية تصل إلى 300 ألف م3/ اليوم بحيث سترتفع الكمية المنتجة إلى 60 بالمائة من المياه المحلاة، فيما سيرتفع عدد المحطات حيّز الاستغلال في سنة 2030 إلى 24 محطة ما من شأنه المساهمة في إنتاج 2 مليار م3 في آفاق 2023. في المقابل يجب أن ترفق هذه المشاريع بمراجعة مخططات تسيير توزيع المياه بما يوافق التوزيع العادل للماء الشروب بين الأحياء وضمن رزنامة معقولة، خاصة وأننا على أبواب موسم الصيف، حيث يرتفع الاستهلاك للماء ولاستعمالاته اليومية، وقد سبق ذلك شهر رمضان الذي هو الآخر سجل ارتفاعا محسوسا في الاستهلاك، فمثلا الشركة الوطنية للمياه والتطهير قد أعلنت على لسان مديرها العام لياس ميهوبي أنها تنتج أكثر من 800 ألف م3 تم ضخها في شبكة التوزيع بصفة يومية لضمان الماء الشروب بنظام يوم بيومين ل 40 بالمائة من الساكنة وبصفة يومية بالنسبة ل60 بالمائة من الساكنة لولاية العاصمة، علما أن الاستهلاك المنزلي للمياه ارتفع ما بين 10 و15 بالمائة. وبخصوص موسم الاصطياف سيتم العمل على رفع المياه المنتجة لتصل 900 ألف م3، من خلال جلبها من دخول محطة التحلية قورصو حيز الخدمة، حيث ستسمح برفع القدرة الإنتاجية لسيال ب 80 ألف م 3، أما 20 ألف المتبقية فسيتم استقدامها من الآبار، ونفس العمل سيتم القيام به بالنسبة لولاية تيبازة المعروف بموسم سياحي نشيط، وذلك في إطار مقاربة توازن بين العجز المائي وتوفير الماء للمواطنين خاصة وأن العاصمة مثلا كانت قبل 2020 تمول بنسبة 60 بالمائة من السدود، في حين يتم حاليا العكس، وهي نموذج حي عن تغيير طريقة تسيير توفير مياه الشروب. وتهدف هذه المقاربة الجديدة التي تعتمد على رفع مساهمة المصادر غير التقليدية وجعلها البديل الذي يوجه لإنتاج المياه الموجهة للشرب، خاصة وأن نسبة امتلاء السدود اليوم، هي في حدود 32 بالمائة، والتي تعتمد الفلاحة عليها من أجل عمليات الري، وهي نسبة ضعيفة جدا بعد ثلاث سنوات من الجفاف ما يفرض طرق جديدة للتسيير في الاستغلال والاستهلاك لمواجهة العجز المائي. وتطرح أيضا تحديث وتجديد شبكة توزيع المياه نفسها بقوة لمواجهة إشكالية التسربات التي تنسف في كل مرة الجهود المبذولة لتوفير كميات هائلة من المياه التي للأسف تضيع بسبب التسربات، والربط العشوائي والسرقة وغيرها، ما يعني اتخاذ العديد من البرامج الاستثمارية لتجديد الشبكة والحفاظ عليها، والتصدّي بصرامة وبقوّة القانون لكل من يستغل هذا المورد غير المتجدّد بطريقة عشوائية.