كثيرون لا يقبلون طلاق المرأة.. ويرضون باستمرار موتها البطيء مع زوج مدمن!! في مجتمع يضع قوانينه الخاصة للمرأة، تفضل بعض الزوجات البقاء مع الزوج المدمن والاستمرار في حياتهنّ بصفة طبيعية رغم الخطر المتربص بهنّ، الكثير منهن يحاولن ابعاد ازوجهن عن المخدرات أو الركون الى الاستسلام وتقبل الوضع على ما هو عليه خاصة عند وجود الأبناء، فخوفهن من ضياع الاسرة وشتاتها يجعلهن يمسكنّ النار بأيديهن غير مباليات بحقيقة ان الأطفال تحت وصاية أب مدمن أسوأ وأبشع من بقائهم بعيدا عنه. وضعن أقنعة اصطناع السعادة جانبا، ليتحدثنّ عن حياتهن مع زوج مدمن قد يتحول الى مجرم قاتل في أي وقت، الغريب أنهن يؤكدن منطقا أعوج وأرعن لا يقبل الخيار السليم يكرسه في كثير من الأحيان أهل الزوجة الذين يفرضون عليهن البقاء مع أزواجهن لأن الزوجة مطالبة بالصبر والتحمّل، حتى وإن كانت نهايتها الموت. فارس الاحلام.. مدمن!! سعيدة واحدة من تلك النسوة اللواتي فضلن الاستمرار في حياتهن بصفة طبيعية بالرغم من علمن بإدمان أزواجهن، «اعلم أنني اخترت الطريق الأصعب»، هكذا عبّرت عن خيارها الذي قالت إنها مجبرة عليه ولا حرية لها في ذلك، لأن العودة الى بيت أهلها مطلقة وأم لأربعة أطفال صعب جدا بالنظر الى المشاكل العائلية التي «تعيث فسادا» بأهلها، وأكدت «لم يكن ممكنا طلب الطلاق من زوجي بسبب ادمانه خاصة وانه يحرص على ألا يراه أطفاله في تلك الحالة، لذلك وجدت في البقاء حلا مناسبا لي، بعد ان نصحتني والدتي بالبقاء عند اخباري لها بإدمان زوجي، وقالت انه ابن عائلة ولا بد من مساندته حتى يتركها ويقلع عن ادمانها.» واستطردت قائلة:»في الحقيقة في أكثر من مرة حاولت فتح الحوار معه حول المخدرات، لكنه طلب مني عدم التدخل، لأنه لا يقصر في أي من واجباته الزوجية، لذلك من الأفضل – بحسبه - بقائي والأطفال بعيدا عن خصوصياته، لكن خوفي أرغمني على إخبار حماتي بالأمر علّها تقنعه بترك هذه السموم، المفاجأة كانت تعلم بالأمر أخبرتني وأنه مدمن قبل زواجه مني، ما يعني أنني مخدوعة منذ دخولهم الى منزلنا لطلب يدي». لم تستطع حبس دموعها؛ لأنها تعرضت للضرب لأكثر من مرة من زوجها الذي يعود في آخر الليل في حالة يرثى لها وبمجرد سؤالها له عن سبب تأخره يضربها، تبكي في صمت حتى لا يسمعها أبناؤها الذين يرون في والدهم القدوة والبطل، فظاهره رجل متعلم، محترم تتمناه أي فتاة ليكون زوجها وعائلته عريقة، لن يخطر على بال أحد أنه مدمن كوكايين، «نعم يتعاطى زوجي كوكايين ولا يستطيع البقاء دون جرعته اليومية وإلا ستحل الكارثة علينا جميعا». خيّرني بينه وبين زوجي المدمن.. ليست سعيدة الوحيدة التي اختارت البقاء مع زوج مدمن، ف «كميليا» بقت مع زوجها علها تثنيه عن طريق الهلاك والدمار، لأنها كما قالت «تحبه ولا تستطيع العيش بعيدا عنه»، «تعرفت على زوجي في الجامعة فقد كان أحد ألمع الطلبة والأوّل على دفعته لذلك كان مستقبله كما يقال: «مضمون»، تزوجنا بعد تخرجنا بسنتين، عشنا خلالها أياما جميلة لكنه تغير بعد وفاة والدته، فقد طردنا والده من المنزل ليتزوج بأخرى، كانت الاحداث سريعة ومتعاقبة لم يجد فيها زوجي سوى المخدرات لتضميد جراحه، وبالرغم من وجودي بجانبه إلا انه غرق في أحزانه لدرجة التيه في عالم المخدرات». وأضافت: «الأسوأ ان الطالب اللامع وأحد الإطارات المستقبلية أصبح مدمنا، ما أثر على مشواره المهني لدرجة طرده بسبب الأخطاء المتكررة التي وصلت الى الامضاء على فواتير وهمية، كلفته منصبه في شركة محترمة». وعن رأي أهلها في بقائها مع زوجها، تقول: «والدي خيرني بينه وبين زوجي؛ لأنه يخاف ان يستيقظ على خبر قتله لي، لأنه مقتنع ان المخدرات تفعل ما لا يعقل بمدمنها، والدتي حاولت كثيرا اقناعي ولكن لم أستطع تركه في تلك الحالة والوضعية التي يعيشها، أأزيد آلامه بعد ان قهرته الدنيا وكسرته؟، الى جانب انني مقتنعة انه من واجب الزوجة مساعدة زوجها من أجل العودة الى جادة الصواب وطريق الصلاح والفلاح، أحاول دائما إقناعه بالذهاب الى مركز متخصص للتعافي من الإدمان لكنه يتردد في كل مرة يقول فيها سأذهب»، لكنها متأكدة هذه المرة انه سيتعافى لأنها حامل ولا يريد ان يعيش ابنه في كنف أب مدمن. طلبت الطلاق فشوّه وجهي لم تكن سميرة محظوظة؛ لأنها وجدت نفسها بعد شهر واحد من زواجها أمام رجل لا تعرفه، مدمن كحول ومخدرات، عند اكتشافها له يتعاطى سيجارة، ذهبت الى أهلها الذين رفضوا تصرفها وأرغموها على العودة الى بيت زوجها، لأنه رجل غني لن يؤثر تعاطيه للمخدرات على حياتها، لأن المال –بحسبهم - موجود. وقالت: «بقيت ستة أشهر بعد ذلك عشت فيها مختلف أنواع العذاب فقد كان يضربني لأتفه الأسباب، ولا يقبل مني أي كلمة، كنت مجرد «لا شيء» بالنسبة له بل غير موجودة في تفاصيل حياته، اهماله لي جعلني انتفض في وجهه واطلب الطلاق لأن صبري نفذ ولا طاقة لي للاستمرار في هذه الحياة الضنكة». وواصلت: «طلبي جعله يتحوّل الى رجل لا عقل له، فقد اتهمني في شرفي وانني أريد الزواج بآخر وانني أتكبر عليه لأنني جامعية وهو لا مستوى له، حاولت إقناعه انني اريد الطلاق بسبب ادمانه، لكن كيف أقنعه وهو في حالة لا أستطيع وصفها.. أصبح كالمجنون ضربني، صرخ، فعل كل شيء يراه عقابا مناسبا لي، وفي الأخير حمل قارورة «روح الملح» ورشه على وجهي، وقال الآن أستطيع تطليقك فلن يقبل بك أي رجل بوجهك المشوه». سكتت قليلا، لتواصل قائلة: «تدخل الجيران لإنقاذي من بين يديه، وتم ابلاغ الشرطة التي اتخذت كل الاجراءات اللازمة للقبض عليه، ما قهرني في كل ما حدث ان والدتي حمّلتني المسؤولية لأنني لم اسكت والتزم حدي ولم آخذ بنصائحها محمل الجد، نعم بوجهي المشوه وجسمي الذي تملؤه الكدمات من آثار الضرب أنا المذنبة، لأنني امرأة سيعايرها المجتمع بأنها مطلقة بوجه مشوه وهو رجل غني «فوق أي شبهة»، كسرتني والدتي وأهلي لدرجة انني سافرت الى احدى الولايات الداخلية فقط لابتعد عنهم ولا أراهم، لكن المجتمع لا يرحم فدائما ما اسمع تلميحات غير مقبولة عن سبب تشويه زوجي لزوجي، وكأن قائليها يبررون ضمنيا ما فعل طليقي حتى وان أثبتت الأدلة الجنائية انه مذنب.»
بوعموشة: ضياع الاسرة وشتاتها أهم الاسباب في إجابته عن سؤال «الشعب» حول سبب اختيار الزوجة البقاء مع الزوج المدمن رغم حوادث القتل التي ارتفعت في الفترة الأخيرة، قال المختص الاجتماعي الدكتور نعيم بوعموشة انه هناك العديد من النساء المتزوجات في المجتمع الجزائري مرتبطات بأشخاص مدمنين لكن رغم ذلك اخترن الاستمرار في حياتهن الزوجية وعدم المطالبة بالانفصال أو الطلاق، مع أنهن مدركات تماما أن الحياة الزوجية مع الرجل المدمن صعبة جدا وتحتاج للحذر الشديد. وربط الدكتور أسباب اختيار الزوجة البقاء مع زوجها المدمن بالحفاظ على الأسرة من الضياع والتشرد خاصة في ظل وجود الأطفال، فكثيرا ما يرتبط الاستقرار الزواجي بعدد الأطفال ومدة الزواج، حيث تتحلى العديد من الزوجات بالهدوء والرزانة والحكمة في حال اكتشاف وقوع زوجها في فخ الإدمان. وريثما تجد حلا تفضل التريث لانقاد علاقتها الزوجية والحفاظ على سلامتها الجسدية من الاعتداء وانتشال زوجها من مستنقع الإدمان الذي تنظر له على أنه ضحية ربما دفعت به الظروف لاختيار هذا المسار وكثيرا ما تكون الظروف الاقتصادية والاجتماعية سببا في ذلك، وبالتالي على الزوجة هنا محاولة احتواء زوجها ودعمه نفسيا وتشجيعه على العلاج والاقلاع عن الإدمان. كما تختار بعض الزوجات البقاء مع أزواجهن المدمنين-بحسب بوعموشة-خوفا من المشكلات التي قد تنجر عن قرار الانفصال والذي قد يخلق مشاكل لا تقل سوءا عن سابقتها خاصة في ظل وجود الأبناء بينهما، فالرضا عن الحياة الزوجية عادة ما يرتفع مع قدوم الأطفال الذين يكونون سببا في السعي الجاد للحفاظ على استمرار العلاقة الزوجية واستقرارها. وقال المتحدث ان الزوجة في هذه الحالة تفضل تحمل المسؤولية والأعباء الأسرية والصبر على زوجها وتقلب مزاجه على خسارة أبنائها، كما تخشى أيضا على سلامتها الجسدية من الأذى فقد يتهور الزوج المدمن ويقوم بالاعتداء عليها أو قتلها في حال طالبت بالانفصال، ما يضعها أمام العديد من الضغوط النفسية والاجتماعية.