تشهد بلدية البليدة ازدحاما مروريا كبيرا، بعد التوسع العمراني الذي بات بحاجة اليوم الى مخطط مروري ناجع لتجنب الاختناقات التي أصبحت هاجسًا حقيقيًا في السنوات الأخيرة لاسيما في الطريق الوطني رقم 29 الرابط بين عاصمة الولاية وبلدياتها الشرقية. لم تكن البليدة تشهد ازدحاما في مدنها في السابق، لكن مع بداية الألفية الثالثة شهدت نموا عمرانيا كبيرا أدى إلى هذه الاختناقات المرورية التي أصبحت تعرقل قضاء حاجيات المواطنين وتؤثر على نفسيتهم، وبات من الضروري القيام بخطوات مستعجلة من قبل السلطات المحلية لتسهيل وتنظيم حركة السير في كامل إقليم تراب الولاية. يتمثل النمو السكاني الذي عرفته البليدة في مدينة جديدة في بلدية بوعينان بالإضافة إلى قطب حضري في سيدي سرحان، يضمان ما يقارب 60 ألف وحدة سكنية مجملها بصيغة البيع بالإيجار، وموقع وحيد مخصص لصيغة التساهمي.. هذه المدينة التي شُيدت خصيصا لطالبي السكن من الجزائر العاصمة، تضم 51 ألف نسمة بحسب آخر الإحصائيات. كما شهدت عاصمة "المتيجة " إنجاز أقطاب سكنية أخرى بسيدي حماد والصفصاف في بلدية مفتاح، وتعرف هذه البلدية أيضا قطبا حضريا كبيرا قيد الإنجاز في منطقة "حوش الريح" والذي تم تخصيصه لفائدة مكتتبي الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره (عدل) من ولايتي البليدة والعاصمة، وقريبا ستنتهي أشغال قطب جديد في بلدية بوعرفة وموقع مماثل في بلدية بني تامو، ويُناهز عدد السكنات بهذه المواقع والأقطاب 50 ألف وحدة سكنية بصيغتي البيع بالإيجار (عدل) والإيجاري العمومي (اجتماعي). وأسهم النمو العمراني في توفير السكن لمواطني البليدة والعاصمة، لكن تبعته مشاكل عويصة بالنسبة للمستفيدين من السكن الذين لم يتمكنوا من شغل سكناتهم المتواجدة بعيدا عن أماكن عملهم، ونقصد القادمين من بلديات أخرى مثل بوفاريك وأولاد يعيش والبليدة الذين استفادوا من السكن في الصفصاف. فوضى وازدحام ومناوشات بين الناقلين تتكرر مشاهد مؤسفة يوميا في الحافلات وفي المواقف المخصصة، ذلك أن بعض الناقلين يتنافسون بينهم لأخذ أكبر عدد ممكن من الزبائن، وبسبب هذا التنافس، كثيرا ما يفرطون في السرعة فيتسببون في حوادث سير، ناهيك عن مناوشات تحدث بينهم وسط تذمر شديد من قبل المواطنين. زيادة على ذلك، يرفض كثير من الناقلين إكمال سيرهم نحو المحطة البرية الواقعة في الرامول، وهو ما يغضب المواطنين، ونقصد الحافلات القادمة من العفرون الواقعة من الجهة الغربية، والحافلات القادمة من البلديات الشرقية، أي الأربعاء وبوقرة وبوعينان، مع الإشارة إلى مديرية النقل كانت قد فتحت خطا بين مفتاح والبليدة مرورا عبر الطريق السريع شرق غرب لتخفف الضغط الكبير الذي يعرفه الطريق الوطني رقم 29 الذي يربط مركز ولاية البليدة بجهتها الشرقية. بفعل النمو العمراني الذي ميز بلدية بوعينان، أصبح هذا الطريق يشهد ازدحاما مروريا غير مسبوق، خاصة على مستوى بلدية الصومعة، كما تنامت ظاهرة الازدحام المروري في السنوات الأخيرة، على اعتبار أن المستفيدين من السكن في المدينة الجديدة بوعينان يمرونها بها عند الذهاب أو العودة من أماكن عملهم في الجزائر العاصمة. ينتظر سكان بوعينان والبلديات الشرقية الانطلاق في أقرب وقت في إنجاز طريق اجتنابي يربط المدينة الجديدة مع منطقة البليدة الكبرى، والذي صدر بشأنه قبل أشهر مرسوما تنفيذيا وباشرت الجهات المختصة الإعداد لهذا المشروع الهام الذي سيفك الخناق عن المنطقة بأكملها، كما هي الحال بالنسبة لمشروع خط السكة الحديدية التي انطلقت الدراسة بشأنه، ويأمل السكان تجسيده في أقرب وقت ممكن. ثلاثة مفتشين فقط!! لعلّ ما يجعل الناقلين يخالفون اللّوائح المعمول بها خلال ممارسة نشاطهم، مثل عدم التقيد بشروط النظافة وعدم إكمال السير نحو المحطة البرية وعدم احترام وقت التوقف ووقف الإقلاع، هو الرقابة الضعيفة على النشاط التي لمسناها، وبالأحرى افتقار القطاع للموارد البشرية. في انتظار اعتماد مفتشين جهوين اثنين أي بعد تخصيص منصبيهما الماليين، يُمارس الرقابة على نشاط الناقلين في البليدة ثلاثة مفتشين فقط، يتولون مراقبة قطاع حساس يتشكل من حظيرة 1683 حافلة، 1521 سيارة للأجرة، 188 مدرسة لتعليم السياقة ومراكز تقنية وآلاف الشاحنات. على الرغم من نقص الموارد البشرية التي تسمح لها بتنظيم القطاع، فإن مديرية النقل تسعى إلى تطبيق قوانين النقل كما هي الحال للمرسوم الوزاري 11/08 الصادر سنة 2007 والذي يلزم الناقلين إعلان الخطوط المستعملة من قبلهم، وعدد المقاعد الممسوحة للمسافرين وذكر أوقات الإقلاع بالمحطة. وأسفرت عملية التفتيش خلال الأشهر العشرة الأخيرة من سنة 2022 عن تغريم 92 ناقلا بسبب عدم توزيعهم تذاكر للمسافرين، وكذلك تغريم 27 آخرين بسبب توقفهم في محطات الحافلات، كما تم خلال هذه الفترة معالجة 1245 ملف ليتم على إثرها وضع 725 حافلة في المحشر. ويستغل الناقلون الفراغات التشريعية لصالحهم، فلا يرتدي السائقون بدلات خاصة حتى يتم التعرف عليهم، بل هناك من يرتدي ألبسة صيفية غير لائقة في فصل الصيف سواء أكان سائق الحافلة أو القابض الذي يمنح التذاكر للمسافرين. وبحسب المعلومات التي تحصلت "الشعب" عليها، فإن مديرية النقل بالبليدة قررت فتح المحطات البرية المغلقة في البلديات لتكون مكانا للإقلاع بالنسبة للحافلات، في وقت ينتظر سكان المدينة الجديدة بوعينان تجسيد مشروع المحطة البرية التي تم إدراجها في ميزانية سنة 2023، والتي ستسهل حركة النقل كما هو الحال لمحطة القطار في بلدية قرواو التي ينتظرها الطلبة الجامعيون بشغف إدخالها حيز الخدمة مع العلم أن نسبة أشغالها فاقت 70 بالمائة.