حمزة حسام: الجزائر أسست موقفها من الأزمة السورية وفق رؤية للمنظومة العربية بلال عبد الله: الجزائر حاضرة في الوجدان العربي بكل الجهود لتوحيد القوى العربية منذ إعلان الجزائر، تجلّت معالم عودة سوريا الى الحضن العربي، فالجزائر لم تبدّل مواقفها الداعية إلى توحيد كلمة الأشقاء أبدا، وظلت سبّاقة لأي مبادرة تصب في صالح لم الشمل العربي وما الأزمة السورية إلاّ واحدة من بين القضايا التي تحركت الدبلوماسية الجزائرية من أجل الوصول بها إلى حلول إنسانية، خاصة خلال الثلاث السنوات الأخيرة. لم ترضخ الجزائر للضغوط، وظلت ثابتة تجابه المكائد التي دبرّت ضد الشعوب العربية، ما جعلها قلعة في وجه المخططات الصهيونية، وكانت مواقف الجزائر ثابتة تجاه الازمة السورية، حين وصلت إلى طريق مسدود. لم توافق الجزائر عمليا على تعليق عضوية سوريا بالجامعة العربية، وأبقت على صلة الوصل معها، فلم يغادر سفير الجزائردمشق في عز الازمة، ودعت قبلة الثوار في أكثر من مناسبة الى عودة سوريا لشغل مقعدها بالجامعة العربية، وكرّر الرئيس عبد المجيد تبون موقف الجزائر تجاه القضية بأن "سوريا عضو مؤسس بالجامعة العربية ولا يمكن حرمانها من حقوقها." ويرى كثير من المحلّلين والمتابعين للشأن العربي، أن عودة سوريا لحضن الجامعة العربية كانت لتكون خلال قمة الجزائر ، إلاّ أن المكالمة الهاتفية التي تلقّاها الرئيس تبون من أخيه الرئيس السوري بشار الأسد الذي شكره فيها على جهوده كي تستعيد سوريا مقعدها بالجامعة العربية، قطعت الشك باليقين بأنّ جهود الجزائر كانت في محلّها، فالصفّ العربي واحد، ولا مناص عن وحدة الكلمة في الظروف العالمية الجديدة. انجذبت سوريا للحضن العربي أكثر عقب الكارثة الطبيعية التي ألمت بها في السادس من فبراير الماضي، وإن كانت الجزائر وفية لعهدها مع الشعب السوري وسارعت عقب الساعات الأولى للزلزال إلى مد يد العون والمساعدة، وأذابت دول عربية أخرى جليد الخلاف، وهبّت لإرسال مساعدات إنسانية، وبالرغم من أنها لم تكن مساعدات بأهداف سياسية، إلاّ انها كانت بمثابة خطوة نحو انفراج الأزمة السورية العربية. لم تستكن الجزائر يوما في سبيل إعادة سوريا لمكانتها بالجامعة العربية، وهي ذات المواقف الثابتة تجاه كل القضايا الدولية والإقليمية، فالجزائر ظلت على الدّوام مدافعة عن القضايا العربية، رافضة لكل ما يشتت الكلمة، ويرى الاستاذ بالمدرسة العليا للعلوم السياسية، الدكتور حمزة حسام أنّ الحدث الذي مثلته عودة سوريا الى حضن الجامعة العربية، هو تأكيد على أن المواقف الجزائرية كانت أصيلة بعيدة عن منطق المصلحة الضيقة. وأضاف الدكتور حمزة حسام أنه اليوم وبعد 12 سنة تقريبا، يعود العرب إلى الموقف الجزائري، ويدركون أن الجزائر حينما كانت تدافع عن سوريا فإنها لم تكن فقط تدافع عن دولة عربية بقدر ما كانت تدافع عن منظومة عربية مهدّدة ومخترقة ومستهدفة، وبالتالي فإن العودة الى الموقف الجزائري الأصيل هو تأكيد على صواب المقاربة الجزائرية والتي لم تبن على شعارات، وإنما بنيت على مواقف استراتيجية. وأكد محدثنا على ضرورة لفت الانتباه الى هذه المقاربة، فالعديد من المحللين السياسيين الذين يريدون إصباغ الموقف الجزائري بصبغة عاطفية أو يعتبرونه موقفا شخصيا، هو خطأ ذريع في التحليل، فالجزائر لم تبن موقفها على هذا النحو، وإنّما أسسته وما زالت تؤسس دائما وفق رؤية تحفظ مصالح المنظومة العربية. وأضاف حمزة حسام: "اليوم، تبين أن الخطأ الذي ارتكب ضد سوريا، كان خطأ ضد المنظومة العربية نفسها، وجرّ علينا مجموعة من التبعات ومجموعة من التهديدات لم يسلم منها أحد". من جهة أخرى، يرى الدكتور حمزة حسام أن عودة سوريا اليوم تمثل ترميما لذلك الشرخ والانقسام الذي وقع بالعالم العربي والذي كان سيعيق تحرك الدول العربية ككتلة جيوسياسية موحدّة لو استمر"، وذكّر بتصريح رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون الذي كرّر مرارا أن الدول العربية لديها من المؤهلات الاقتصادية والمالية والطبيعية وحتى الموقع من أجل أن تكون كتلة سياسية موحدّة يمكن أن تكون لها كلمة في المنظومة العالمية التي هي قيد التشكل، وفي الوقت نفسه ان تفرض خياراتها وأولوياتها، شريطة أن تتحرك ككتلة موحدّة. وأضاف المتحدث قائلا: "من الواضح جدّا بأن التغيرات الحاصلة في المنظومة العالمية تسير وفقا للطرح الجزائري، فاليوم، نحن أمام حتمية تغيير البوصلة الاستراتيجية بعيدا عن منطق التبعية"، مشيرا إلى أننا حينما نتحدث عن التخلص عن الهيمنة الغربية "فهذا لا يعني أننا يجب أن نسقط في فخ هيمنة قوة كبرى أخرى، لذا فالمقاربة الجزائرية تقتضي أن نتحرك ككتلة جيوسياسية موحدّة، لديها ما يؤهلها لكي تفرض خياراتها، وأولاها تلك التي تتعلق بالقضية الفلسطينية". من جهته، أوضح بلال عبد الله، النائب عن الحزب التقدم الاشتراكي بالبرلمان اللبناني، أنّ "ما يميز الجزائر تاريخا وحاضرا ويقدرّه الاخوة في الحزب الاشتراكي بلبنان، أنه وبغض النظر عن البعد الجغرافي، الجزائر حاضرة في الوجدان العربي بكل الجهود لتوحيد القوى العربية والدول العربية والاهم من كل ذلك أن القضية الفلسطينية لم تكن غائبة ولا يوم من الوجدان الجزائري دولة وشعبا"، وأضاف أن "كل خطوة من شأنها أن توحد الشعوب العربية مرحّب بها، وكل جهد لاستعادة سوريا لموقعها العربي هو موضع ترحيب، وعودة سوريا للجامعة ننتظر أن يرافقها عودة الشعب السوري للأحضان العربية وعودة 9 ملايين نازح لبلدهم"، مشيرا إلى أنه "من المهم ان تكون هناك أسس سليمة لهذا الموضوع، لذا ينبغي الترقب هذه المسألة ومتابعة التنفيذ الدقيق والصحيح والسليم للعودة السورية للحضن العربي، داعيا لخروج كل القوى المسلحة الأجنبية من سوريا".