الجزائر كانت سبّاقة في جهود إعادة دمشق إلى حُضنها العربي شهدت الساحة العربية، في الأسابيع الأخيرة، حراكا دبلوماسيا محمودا، أفضى إلى إعادة دولة سوريا الشقيقة إلى محيطها العربي، بعد عزلها منذ 12 سنة وتجميد عضويتها وأنشطتها بجامعة الدول العربية. اتخذ مجلس جامعة الدول العربية، في دورة غير عادية على مستوى وزراء الخارجية بالعاصمة المصرية القاهرة، خُصصت لبحث تطورات الوضع في دولة سوريا، قرارا باستئناف شغل مقعدها واجتماعاتها بأجهزة الهيئة المذكورة، وسط تفاؤل عربي ودولي بقرب نهاية الأزمة السورية عبر حلول سلمية وتسوية سياسية شاملة داخلية، والدّفع نحو استرجاع دمشق لمكانتها ودورها المحوري بالمنطقة. ويبدو من خلال هذا المُعطى، أن المقاربة الجزائرية لحل الأزمة السورية قد فرضت نفسها ووجدت طريقها إلى التنفيذ على أرض الواقع بعد محاولات بعض الأطراف العربية التملص منها، حيث سبق وأن سعت الجزائر إلى إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية في كثير من المناسبات، وكان آخر مساعيها وجهودها الدؤوبة طرحها فكرة إعادتها إلى حُضنها العربي في قمة الجزائر التاريخية يوم أول نوفمبر 2022م. في الصدد ذاته، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور عبد الله رقيق، أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، سيكون له أثر إيجابي جدا على الوضع العربي المضطرب منذ أكثر من عقد، نظرا إلى ما تمتلكه من ثقل حضاري ضارب في أطناب التاريخ، وتمتعها بمركز جغرافي استراتيجي ومقدرات بشرية وطبيعية معتبرة. وأوضح الدكتور عبد الله رقيق، في اتصال مع «الشعب»، أن الجزائر كانت سبّاقة في جهود إعادة سوريا إلى حُضنها العربي، وساهمت في تمكينها من شغل مقعدها بجامعة الدول العربية، ولم تتوان في تحقيق ذلك منذ اندلاع الأزمة. حرص جزائري تضامني أكد الدكتور عبد الله رقيق أن الجزائر حرصت على عودة سوريا للجامعة العربية، وسعت بشكل حثيث من أجل لمّ الشمل العربي ووحدة صفه وفق رؤية صادقة غير خاضعة لأي مناكفات سياسية أو تصفية حسابات. وعلّق رقيق على آخر تصريح لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، خلال لقائه الدوري الإعلامي مع الصحافة الوطنية، حول حق سوريا في عضوية جامعة الدول العربية، بأن الجزائر لم تتدخل يوما في الشؤون الداخلية للدول العربية ومن بينها سوريا، وبما أنها دولة عضو مؤسس للجامعة العربية فلها حقوق التمتع بالانتساب ولا يستطيع أحد نزع ذلك الحق منها. موثوقية وصدق الجزائر ويرى الدكتور عبد الله رقيق أن حالة الانفراج التي شهدتها علاقات سوريا مع عديد الدول العربية، ما هي إلا رجوعا إلى الرؤية الجزائرية الرزينة والثابتة في التعامل مع الدول واحترام سيادتها، وإقرارا صريحا برجاحة ورصانة دبلوماسية الجزائر في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية. وتابع بالقول: «منذ بداية الأزمة السورية كان موقف الجزائر ثابتا ولم يتغير رغم تغوّل التدخلات الخارجية، لكنها صمدت وطفت على سطح الأحداث مؤخرا مراجعات عربية لكل من شارك في تأزيم الوضع، واللافت في ذلك بقاء الجزائر على نهجها البنّاء مستندة إلى ثوابتها التاريخية القائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول».