عقد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي اجتماعا، أمس السبت، على مستوى رؤساء الدول والحكومات لبحث الأزمة السودانية، في حين يسود الهدوء الحذر جبهات القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، في اليوم الأخير لاتفاق وقف إطلاق النار. قدّم رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي في الاجتماع تقريرا للقادة يتضمن رؤية الاتحاد الأفريقي لحل الأزمة السودانية. وتتضمن الرؤية وقفا شاملا لإطلاق النار وحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية، واستئناف حوار شامل يضم كافة السودانيين. وقال فكي إنّ مجلس السلم والأمن يطالب بإشراك المدنيين في مفاوضات وقف إطلاق النار بالسودان. ولم يشارك السودان في الاجتماع حسب ميثاق مجلس السلم والأمن الأفريقي، الذي لا يسمح لأي دولة معنية بالنزاع بالمشاركة في الاجتماع. يذكر أنّ المجلس انعقد على مستوى الرؤساء للمرة الأولى لبحث الأزمة السودانية التي سبق أن بُحثت على مستوى المندوبين الدائمين 3 مرات. لا حلّ عسكريّا في السياق ذاته، قال مجلس السلم والأمن الأفريقي في بيان، لا حل عسكريا في السودان، داعيا إلى وقف القتال فورا من دون شروط مسبقة. وأضاف البيان أن القتال في السودان سببه اختلاف الرؤى بشأن الاتفاق الإطاري الموقع في ديسمبر الماضي. ودعا المجلس لإدخال المدنيين كطرف ثالث في المفاوضات لوقف الحرب التي تسببت في نزوح نحو 700 ألف شخص حتى التاسع من الشهر الجاري، حسب البيان. وأكّد المجلس ضرورة تأسيس آليات للرقابة والتحقق من وقف إطلاق النار وحماية المنشآت الحيوية للمدنيين، مثل مطار الخرطوم. وأشار مجلس السلم والأمن الأفريقي إلى أنّ وقف إطلاق النار في السودان خلال الفترة الماضية لم يتم احترامه بشكل كبير، وأنّ تأثيره كان محدودا على المدنيين. تهديد بالانسحاب من جانبه، قال مصدر دبلوماسي سوداني إنّ بلاده أبلغت الاتحاد الأفريقي بأنها ستنسحب من عضويته إذا اتخذ خطوات من دون التشاور معها. وأضاف المصدر أن السودان أحبط خطة لعقد مؤتمر قمة لدول "إيغاد" يوم 12 ماي الجاري، لأن الأمر تم من دون التشاور مع الخرطوم، حسب قوله. من جهة أخرى، قال مصدر دبلوماسي سوداني مطلع، إنّ ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بالسودان فولكر بيرتس لن يعود مجددا إلى السودان رغم تعبير الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش عن ثقته به. وأشار المصدر الدبلوماسي إلى أنّ السودان مارس حقه كدولة كاملة السيادة، وقدّم رسالة لها أسبابها في رفض التعامل مع بيرتس، لا سيما أن بعثة الأممالمتحدة جاءت بطلب من السودان وتعمل تحت الفصل السادس. وأضاف المصدر أنّ بعثة الأممالمتحدة الموجودة بالسودان ستواصل عملها بشكل اعتيادي إلى حين اختيار ممثل بديل لبيرتس بالتشاور مع الخرطوم. وشدّد المصدر على أن بيرتس لن يعود إلى السودان، وأن الحكومة السودانية لن تعترف به ولن تتعامل معه بعد رسالة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إلى الأمين العام للأمم المتحدة. صدمة غوتيريش وكان البرهان قد طلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ترشيح بديل لممثله الخاص في السودان فولكر بيرتس للحفاظ على العلاقة التي تربط المؤسسة الدولية بالسودان. وأضاف البرهان، في رسالته للأمين العام للمنظمة الدولية، أنه ما كان لرئيس قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) أن يتمرّد، لو لم يجد إشارات تشجيع من عدد من الأطراف بينها فولكر بيرتس، على حد قوله. وقد قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إنّ الأمين العام مصدوم من الرسالة التي تلقاها من البرهان، التي يطالب فيها بإبعاد ممثله الخاص من السودان.وأوضح أن الأمين العام فخور بالعمل الذي يقوم به بيرتس، ويعيد التأكيد على ثقته الكاملة به.ميدانيا، أفاد مراسلون بسماع تحليق للطائرات الحربية وإطلاق نار متقطع في جنوب غربي مدينة أم درمان. الأزمة الإنسانية تتفاقم رغم تراجع حدّة الاشتباكات، فإن ذلك لم يؤدّ على ما يبدو إلى تراجع الازمة الانسانية ، حيث تتعذر عملية إيصال المساعدات لملايين السودانيين المحاصرين في العاصمة. وأدّى الصراع الذي اندلع في 15 أفريل إلى مقتل 730 مدنيا على الأقل ونزوح 1.3 مليون سوداني عن ديارهم إمّا إلى الخارج أو إلى مناطق أكثر أمنا داخل البلاد. ويعاني من بقوا في الخرطوم من انهيار الخدمات مثل الكهرباء والمياه وشبكات الاتصالات، بينما ينهب اللصوص المنازل، ومعظمها في الأحياء الميسورة. وقالت الشّرطة السودانية إنّها توسع نطاق انتشارها واستدعت أيضا القادرين من رجالها المتقاعدين للمساعدة. وقال أحمد صالح (52 عاما) وهو من سكان المدينة "أصبحنا نازحين ننتقل من مكان لآخر، لا نستطيع العودة لمنازلنا التي نهبت بالكامل وأصبحت مناطق عسكرية، وانهارت الخدمة وانتشرت الفوضى في الخرطوم". وأضاف: "لا توجد جهة مهتمة بمساعدة المواطن السوداني سواء كانت أطرافا حكومية أو دولية، نحن بشر، أين الإنسانية؟". وتقول وكالات الإغاثة إنّها، على الرغم من الهدنة، تجد صعوبة في الحصول على الضمانات الحكومية والأمنية لنقل المساعدات والموظفين الموجودين في مناطق أكثر أمانا بالبلاد إلى الخرطوم، وغيرها من المناطق الساخنة.