دخلت الأزمة في السودان أسبوعها الثامن، والمعارك الشرسة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، مستمرة، والضغوطات الدولية على أشدها. حثّت السعودية والولاياتالمتحدة طرفي الأزمة في مدينة جدة على مواصلة التفاوض لوقف الحرب فورا، عبر توقيع اتفاق نافذ لوقف إطلاق النار، بينما أبلغ شهود عيان أن الاشتباكات العسكرية اندلعت في مدن الخرطوم وبحري وأم درمان؛ باستخدام كافة الأسلحة الثقيلة والخفيفة. وأعلنت قوات الدعم السريع أنها أسقطت طائرة من طراز (ميغ) تابعة لقوات الجيش، في منطقة بحري، كما سمع دوي إطلاق نار وشوهد تحليقا مكثفا للطيران العسكري، فيما كانت الحصيلة تدمير مبانٍ في أحياء جنوبي العاصمة الخرطوم. إطلاق الرصاص ودوي المدافع الثقيلة أوقع أضرارا بالغة بمنازل المواطنين والمنشآت الحيوية، وأشار سكان إلى وقوع اشتباكات من بينها قصف جوي ومدفعي في جنوبالخرطوم والمناطق الشمالية للمدينتين المجاورتين أم درمان وبحري، وكذلك منطقة شرق النيل في الجانب الشرقي من البلاد. تعطّش لوقف الحرب في الأثناء، قال مواطن من سكان مدينة بحري: "القصف المدفعي مستمر وإطلاق الرصاص لم يتوقف والسكان الأبرياء يدفعون ثمن الحرب العبثية". وتابع: "لا نعلم متى تتوقف الحرب اللعينة، وموسم هطول الأمطار على الأبواب والأوضاع ستكون كارثية مع النقص المستمر في الخدمات". بدوره قال مواطن آخر من سكان مدينة أم درمان، "كل المؤشرات تدل على استمرار الحرب وزيادة المعاناة الإنسانية". وأوضح أنه يأمل أن تتوقف الحرب وتتوقف حركة النزوح وتعود الحياة إلى طبيعتها. وأدت الحرب بالفعل إلى نزوح 1.2 مليون داخل البلاد وفرار 400 ألف آخرين إلى دول مجاورة، مما يدفع السودان إلى حافة كارثة ويثير مخاوف من اندلاع صراع أوسع نطاقا. وما زالت المعاناة الغذائية مستمرة منذ اندلاع الموادهات المسلحة منتصف أفريل الماضي، بسبب شح دقيق القمح والمياه والكهرباء والإنترنت. وقرّرت شركة "دال الغذائية" التي كانت منتجاتها الغذائية تغطي أجزاء واسعة من السودان التوقف عن العمل بسبب ما أسمتها ب«الأحداث المؤسفة التي تمر بها البلاد". وذكرت الشركة في بيان لها أنه "نتيجة للصعوبات اللوجستية والتحديات التشغيلية التي تواجه أعمالنا. وعدم مقدرتنا على ضمان وسلامة منسوبينا في ظل التحديات الراهنة فقد قررت الإدارة منح جميع العاملين بالقطاع الهندسي إجازة بدون مرتب لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من أول جوان 2023 إلى نهاية شهر أوت 2023". وسجّل ازدياد طوابير المواطنين أمام المخابز الآلية لتوفير رغيف الخبز رغم مضاعفة سعره خلال أيام الحرب. كما رصد المتتبّعون لتطوّرات الوضع بالسودان فقدان المياه النظيفة، وسجّلوا سوقا سوداء لبيع البنزين والديزل بأسعار باهظة، بسبب النزوح المستمر من الخرطوم إلى الولايات الأخرى. ويقول مواطنون، "اضطررنا لشراء البنزين من السوق السوداء جراء توقف محطات الوقود لنستطيع المغادرة إلى الولايات الأخرى". ضغط في الدّاخل والخارج على طريق حل الأزمة أفادت مصادر دبلوماسية، بأن وساطة السعودية والولاياتالمتحدة تمارس ضغوطا على الأطراف المتصارعة للعودة إلى طاولة التفاوض في مدينة جدة توطئة لتوقيع اتفاق وقف إطلاق نار دائم. وطبقا للمصادر، فإن وفود التفاوض ما زالت متواجدة بجدة، وربما تستأنف المفاوضات خلال اليومين المقبلين تمهيدا لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار وبدء التفاوض السياسي لإنهاء الأزمة في البلاد. كما دعت السعودية والولاياتالمتحدة في بيان مشترك امس الأحد طرفي التفاوض إلى توقيع اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، مؤكدة أن وفدي الجيش والدعم السريع لا يزالان في جدة، رغم تعليق المفاوضات. وضمن ضغط داخلي قال حزب الأمة القومي بالسودان، إنه لا خيار أمام الجيش السوداني والدعم السريع سوى الجلوس إلى طاولة التفاوض لإنهاء الحرب. وذكر الحزب في بيان، أن "تجنيب البلاد لمزيد من الخراب وضياع الأنفس" لن يكون سوى بالجلوس إلى طاولة المفاوضات. وطالب الحزب طرفي النزاع بضرورة الالتزام بتعهداتهما الموقعة في جدة، والعودة لطاولة الحوار والالتزام بوقف إطلاق النار والعمل على حماية المدنيين. والخميس، أعلنت السعودية والولاياتالمتحدة، تعليق محادثات جدة بين أطراف الصراع في السودان، نتيجة "الانتهاكات الجسيمة والمتكررة" لوقف إطلاق النار. وفي 26 ماي المنصرم، أعلنت السعودية والولاياتالمتحدة اتفاق طرفي النزاع في السودان على تمديد اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع بينهما، لمدة 5 أيام إضافية. ومنذ 15 أفريل الماضي، اندلعت في عدد من مدن السودان اشتباكات واسعة بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، و«الدعم السريع" بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، راح ضحيتها المئات بين قتيل وجريح، معظمهم من المدنيّين.