محطات تحلية مياه البحر بالولايات الساحلية 14 تعمل الجزائر بوتيرة متسارعة من أجل ضمان أمنها واستقلالها المائي، من خلال التنويع في مصادر تعبئة وتجنيد الموارد المائية لتعويض العجز المسجل في المياه السطحية، خاصة السدود وإعادة تكوين وتنمية الموارد الجوفية، التي تأثرت كثيرا بفعل التغيرات المناخية، من خلال التركيز على الحلول البديلة، لاسيما تعزيز المصادر غير التقليدية للمياه بتأهيل وتوسيع محطات تحلية مياه البحر أحادية الكتلة على طول 14 ولاية ساحلية من أجل تزويد سكانها بالماء الشروب على عمق 150 كلم، لتمس الولايات الداخلية واستغلال المياه المعالجة في الفلاحة. قرار توسيع بناء محطات تحلية مياه البحر، قرار فرض نفسه لتلبية حاجيات الساكنة المتزايدة والحفاظ على الأمن المائي والغذائي للجزائر. وفي كل مرة يأتي تدخل رئيس الجمهورية خلال اجتماعات مجلس الوزراء، بهدف الوقوف على تطور الوضعية المائية ببلادنا وأخذ التدابير الاستعجالية للتخفيف من حدة الإجهاد المائي. فكان لزاما العودة بوزارة الري لتقود الاستراتيجية الوطنية للماء ببلادنا وتحرص على تجسيد المشاريع البديلة التي أضحت الخيار المستقبلي الذي لا تحيد عنه. فتعزيز وتنويع المصادر غير التقليدية للمياه لم يعد يقتصر فقط على العاصمة، من خلال الاستعانة بمحطات تحلية مياه البحر، بل تعدى الأمر ليكون على طول الساحل الجزائري، بحيث يتم العمل على رفع إنتاج المياه الصالحة للشرب التي تقدر حاليا 6 ملايين و600 م3 يوميا، من خلال الرفع من المياه المحلاة من 1.700 مليون م3 إلى 3 ملايين و400 ألف م3/ يوميا في حدود سنة 2030. وتمتلك الجزائر 11 محطة تحلية، فيما أنجزت 3 محطات تحلية أحادية الكتلة بشرق العاصمة لتجاوز العجز المائي وذلك بكل من منطقة المرسى لإنتاج 60 الف م3، قورصو لإنتاج 80 ألف م3، برج الكيفان وتحديدا بموقع الباخرة المحطمة لإنتاج 10 آلاف م3، أي بإجمالي 15 ألف م3، والتي تضاف إلى محطة فوكة، بقدرة إنتاج تصل إلى 200 ألف م3 تقسم بين العاصمة والبليدة مناصفة، ناهيك عن محطة كاب جنات 300 ألف، ما سيساهم في التخفيف من الأزمة ورفع هامش المناورة في تسيير المياه. في المقابل، ستنجز 5 محطات أخرى بكل من تيبازة وهران، بجاية، بومرداس، الطارف، بطاقة إنتاجية تصل الى 300 ألف م3/ يوميا، بحيث سترتفع نسبة التغطية إلى 40٪ من المياه، وذلك بمجرد دخولها حيز الاستغلال في ديسمبر 2024، إضافة إلى برمجة إنجاز 6 محطات بكل من تلمسان، مستغانم، الشلف، تيزي وزو، سكيكدة وجيجل، والتي انطلقت الدراسات الخاصة بها، وكلّف بها مخبر الدراسات البحرية تحت وصاية الأشغال العمومية لتحديد ومعاينة أماكن الإنجاز وتحضير الملف الخاص بها للانطلاق فيها مطلع 2024 بدلا من 2025، ما سيساهم في رفع نسبة التغطية إلى 60٪، مع الحفاظ على العمل بالتحويلات الكبرى من الولايات الأكثر وفرة والتي تعاني نقصا في المياه. وعزز هذا المسعى إنشاء الوكالة الوطنية لتحلية المياه كوسيلة لتنفيذ السياسة الوطنية في مجال تحلية المياه، وتدعيم القدرات الوطنية في إنتاج المياه قصد تحقيق الأمن المائي، حسبما ورد في المرسوم التنفيذي رقم 23-103 الصادر بالجريدة الرسمية العدد 16، بحيث تكلف الوكالة بإنجاز واستغلال وضمان صيانة محطات تحلية المياه والمنشآت والمعدات المتعلقة بها، والقيام بجميع الأعمال والعمليات التي تساهم في تحقيق هذا الغرض. وستقوم أيضا الوكالة بكل الدراسات والتحاليل المتعلقة بتحلية المياه، ووضع المياه المنتجة على مستوى محطات تحلية المياه تحت تصرف الهيئات المكلفة بتوزيع المياه، ناهيك عن المساهمة في إعداد الإستراتيجية الوطنية في مجال تحلية المياه، وتشجيع البحث العلمي والإدماج الصناعي لفرع التحلية في إطار انجاز واستغلال محطات التحلية بالتنسيق مع المؤسسات والهيئات المعنية، والإشراف على المعلومات المحيّنة لأحجام المياه المنتجة والسهر على احترام نوعيتها، وكذا القواعد والمعايير التقنية لتصميم وبناء وتهيئة واستغلال منشآت التحلية والمعدات المتعلقة بها. تعميم المعالجة الثلاثية لسقي كل المحاصيل الفلاحية من جهة أخرى، يسعى قطاع الموارد المائية إلى تعميم المعالجة الثلاثية بمحطات التطهير لاستغلال المياه فلاحيا، حيث تحصي بلادنا، 211 محطة تطهير بقدرة معالجة تصل إلى مليار م3، لكن للأسف فهي لا تنتج حتى نصف الكمية، بحيث لا تتجاوز الكمية المنتجة 400 مليون م3 مياه، 18 منها فقط يعاد استخدام مياهها في السقي الفلاحي، لأنها تعتمد على التطهير الثلاثي من بين 30، في انتظار تعميم هذه التقنية مستقبلا، واستخدامها في الفلاحة وسقي كل المحاصيل الفلاحية باختلاف أنواعها دون الاقتصار فقط على الحبوب والأشجار، كما يتم حاليا إنجاز 30 محطة أخرى في آفاق 2026، ما سيسمح برفع الكمية المنتجة الى 1.4 مليار م3. وتهدف الإستراتيجية الوطنية للمياه التي تعتمد على رفع مساهمة المصادر غير التقليدية وجعلها البديل المتجدد لمواجهة الطلب المتزايد على الماء الشروب، خاصة وأن نسبة امتلاء السدود اليوم، هي في حدود 38٪، والتي تعتمد الفلاحة عليها من أجل عمليات الري، وهي نسبة ضعيفة جدا بعد ثلاث سنوات من الجفاف، ما يفرض طرقا جديدة للتسيير وترشيد الاستهلاك لمواجهة العجز المائي. من جهة أخرى، يتم العمل على تحسين والتحكم الأمثل في التسيير على مستوى الجزائرية للمياه وشركائها من سيال وياكو وسيور، بهدف إدارة المورد المائي الثمين، خاصة مع وجود إرادة سياسية ودعم كامل لمختلف البرامج الاستثمارية التي من شأنها ضمان تنظيم أحسن للمرفق العام للماء بالجزائر وتقديم خدمة عمومية محترمة، خاصة وأن نسبة الربط بالماء الشروب وصلت إلى 98٪، ومحاربة كل أشكال التبذير والتسربات المائية والربط العشوائي.