يجد المصابون بداء السكري أنفسهم أمام واقع بتر القدم في كثير من الحالات، وخاصة عند التهاون في عرض الحالة على طبيب مختص. ونظرا لخطورة هذا العارض المرضي وسعيا منا لتعميم الفائدة، ننقل لكم ما تضمنه البحث العلمي المقدم من طرف الدكتور عزيز داود بقسم الغدد وأمراض السكري بمستشفى عين النعجة في ''مجلة الصحة'' الصادرة باللغة الفرنسية في عدد مارس 2012. فيما تتمثل الإصابة بالتورم في القدم السكري ؟ يُعرف الدكتور داود الإصابة التي يمكن أن تلحق بقدم المريض بالسكري على أنها عبارة عن نتوءات وشقوق بإمكانها أن تلتهب وتتعفن بسهولة إلى درجة تآكل الطبقة الجلدية بصورة أعمق ويكون تدمير الأنسجة الجلدية بصفة كلية وخطيرة جدا، مما يُؤدي إلى بتر القدم المصابة في معظم الحالات. ويرجع الطبيب سبب ذلك إلى وجود خلل عصبي لدى مرضى السكري، حيث يفقدون الإحساس بالبرودة والحرارة وعدم الشعور بالألم. ينتج عن كل ذلك تشوّه في أصابع القدمين مع جفاف جلدي أسفلهما نتيجة تواجد تشققات وتشكل طبقة نسيجية على مناطق الجلد مشكلة ''مسمار القدم'' أو ما يسمى ''عين الفلوس'' وغيره من التراكمات النسيجية للجلد الميت . بالإضافة إلى ذلك يشير المختص إلى خطورة هذه الإصابة في حالة تعرض الشرايين السفلى على مستوى القدمين لتصلب نتيجة تحجر الدم وهو ما يدعى علميا ب '' Arteriopathie '' وتكون حصاة الدم خطرا على حياة المريض مما يؤدي حتما إلى انسداد مسار الدم في الشرايين وينقص بذلك تدفق الدم إلى الأطراف السفلى، أين يصعب التئام الجروح. علما أنه في حالة تسجيل تكرر الإصابة بالقدم السكري والتي تحدث على الأغلب لدى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع الضغط الشرياني مع تسجيل ارتفاع لدى البعض منهم في نسبة الدهون في الدم بالموازاة مع عدم التوقف عن التدخين وهذا ما ينتج عنه تشنج عضلي عند المشي ليضطر المصاب حينها التوقف مباشرة لعدم القدرة على إكمال السير. هل الإصابة بتورم القدم السكري حتمية لدى المرضى؟ يِؤكد الدكتور داود أن خطر الإصابة بتورم القدم السكري ينزل إلى الصفر وهو نفسه عند الشخص السليم في حالة عدم تسجيل أي من الأعراض التي ذكرناها آنفا، إلا أن نفس المختص يعتبر وجود تلك العوامل على مستوى كلتي القدمين أو أحديهما، يؤدي بالشخص إلى التعرض للإصابة بالقدم السكري في معظم الحالات وبالخصوص عند تلقي كدمات ولو صغيرة نتيجة لبس أحذية غير مواتية لطبيعة قدم المريض وأيضا عندما يقوم الشخص بالاعتناء بقدميه مع ترك بقايا الأنسجة الجلدية المتراكمة في إحدى زوايا القدم سواء كان على أطراف الأصابع أو بينهما وحتى على الجوانب، كما أن تواجد فطريات بين أصابع القدمين ينتج عنه إمكانية تكوّن فقاعات جلدية التي تتعفن في حالة عدم تجفيف القدمين جيدا من الماء. ويمكن في حالات أخرى أن يتعرض القدم إلى جروح وحروق دون الانتباه إليها في معظم الحالات لانعدام الإحساس بذلك كنتيجة لمرض السكري. هل يؤدي التهاب شرايين الأطراف السفلى إلى ''الغرغرينا''؟ يعتبر الطبيب داود أن هناك حالات من التهاب شرايين الأطراف السفلى تؤدي إلى القدم السكري حينما يصبح القدم متأثرا بدرجة كبيرة من ذات الإصابة، ويمكنها أن تتسبب في الأعراض المرضية في القدم المصابة كالتورم والقروح والجروح على مستوى العضلات أو على مستوى العظام، وذلك نتيجة الاعتلال العصبي أو القصور في الدورة الدموية أو بسبب الالتهابات الجرثومية، مما ينتج عنه التورم في القدم السكري أو بما يسمى ''غرغرينا القدم السكري''. وتؤدي هذه الأعراض المعقدة سواء كانت على المستوى العصبي، الشرياني أوالتعفني إلى بتر ذات القدم المصابة في هذه الحالة لكن حسبه تبقى الالتهابات في معظم الحالات الأخرى سطحية إاذا ما أسرعنا في العلاج المبكر . ماذا يتوجب فعله، إذا تبّين الإصابة بتورم القدم السكري؟ أكد المختص على أن الأمور المهمة لدى المصاب بالتورم مراقبة نسبة السكر في الدم لديه باستمرار مع التطهير الموضعي واليومي للإصابة، إضافة إلى إجراء عملية قلع كلي للأنسجة والبقايا المتعفنة على سطح القدم بالتدريج والتنظيف باستعمال السيروم الفيزيولوجي فقط مع اجتناب استخدام ماء الأوكسجين وغيره من المطهرات الموضعية. ويستلزم دهن القدم المصابة بمرهم خاص بالورم. حيث أضاف الطبيب داود أنه يجب إراحة القدم ويمكن تحقيق ذلك بعدة طرق نذكر أهمها: الإنقاص من المشي والوقوف لمدة طويلة وفي حالات كثيرة يكون من الأفضل الخلود إلى الراحة السريرية وعدم لبس الأحذية ذات الكعب العالي بل يستلزم ارتداء أحذية خاصة بمرضى السكري مع استعمال الكرسي المتنقل أو الركائز. وبخصوص استعمال المضادات الحيوية - يضيف الدكتور- أنه لا تستعمل إلا في حالة التقرحات و التعفنات، كما ذكر إلى جانب ذلك وجود علاجات يدعى أنها ناجحة خاصة بالنمو تناولتها وسائل الإعلام ولكنها لا تعطي في كل الحالات الشفاء التام للقدم من الإصابة ولا تحقق في معظم الأوقات نتائج باهرة.