الدولة الجزائرية لا تتحرك على أساس تكهنات أو فرضيات يصعب اليوم الحديث عن إعادة روح الاتحاد المغاربي فصل وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف، أمس، في عدة قضايا وطنية، دولية وإقليمية، شغلت الرأي العام المحلي والعالمي في الآونة الأخيرة، خاصة بعد التطورات الخطيرة التي عرفتها النيجر وبعض دول الجوار. شكلت أزمة النيجر وتبعاتها، حصة الأسد في أسئلة الصحافيين خلال ندوة صحفية نشطها وزير الخارجية بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، وقد كانت الفرصة مناسبة لتجديد تأكيد موقف الجزائر الرافض لأي حل عسكري بالمنطقة. ورد وزير الخارجية بالنفي، على سؤال حول حقيقة ما أثير حول فتح الجزائر مجالها الجوي لمرور طائرات عسكرية باتجاه النيجر، وقال: «نحن ضد الحل العسكري في النيجر، فكيف لنا أن نفتح المجال الجوي للقيام بتدخلات عسكرية في هذا البلد». وعن تصرف الجزائر في حال تغليب الحل العسكري في النيجر، قال عطاف إن «الجزائر لا تتحرك على أساس تكهنات أو فرضيات، بل على وقائع وحقائق ميدانية، وهذه الوقائع التي استقيناها من مصادر ومسؤولين بالدولة، أنه الآن هو وقت الحل السياسي، ونحن ننشط على أساس بلورة الحل السياسي». في هذا السياق، أوضح عطاف، فيما يخص هندسة الحل السياسي لأزمة النيجر، أن تجربة الجزائر أثبتت أنه لا يمكن القيام بها بصفة أحادية الأجانب، أو تقديم وصفة جاهزة الاستعمال، بل تنتج عن طريق مشاورات واتصالات، وهذا «هدفنا من التحركات الأخيرة، الوصفة ستكون من صنع النيجريين، وأشقائهم وشركائهم» حتى نصل إلى نتيجة جماعية وليس أحادية الجانب. وفي رده عن سؤال حول إمكانية وجود اتصالات مع السلطات الفرنسية لحل أزمة النيجر، أوضح عطاف أن الاتصالات على أعلى مستوى من صلاحيات رئيس الجمهورية، «هو من يقرر مع من يتواصل ومتى»، أما على مستوى دائرته الوزارية، فقد برمجت لقاءات هامة مع مسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية، سينعقد أول لقاء خلال أسبوع أو 10 أيام لتبادل الآراء حول عدة قضايا مشتركة، وستطرح قضية أزمة النيجر خلال هذا اللقاء. وبخصوص سؤال حول ما إذا كانت بؤر التوتر هدفها الضغط على الجزائر من أجل التطبيع، قال عطاف «نحن نتعامل مع المعطيات ولا يمكن بناء أي موقف أو تحليل إلا على وقائع. في حين كشف أن ممثل الرئيس التونسي الذي استقبله رئيس الجمهورية مؤخرا، فنّد وجود أي خطوة من طرف السلطات التونسية باتجاه التطبيع، كما أنه علم أنه سيتم سن قانون في تونس لتخوين التطبيع مع إسرائيل. وعن إمكانية عودة ربط العلاقات الجزائرية- الإسبانية، أوضح وزير الخارجية أنها مازالت تراوح مكانها، وأن الأسباب التي أدت إلى تدهور هذه العلاقة مازالت قائمة، في حين أكد صعوبة إحياء الاتحاد المغاربي اليوم، وقال: «تجميد عمل الاتحاد المغاربي، جاء بطلب مكتوب من الوزير الأول المغربي في 1995، وليس للجزائر أي مسؤولية في تجميده، والظروف منذ ذلك الوقت لم تتغير، بل تفاقمت سلبياتها ويصعب اليوم الحديث عن إعادة روح الاتحاد المغاربي». من جهة أخرى، حرص وزير الخارجية على توضيح الأمور المتعلقة بانضمام الجزائر إلى منظمة «بريكس» وإزالة اللغط الإعلامي الذي رافق هذا المسعى، خاصة بعد إعلان قائمة الدول التي انضمت مؤخرا الى المنظمة دون أن تشمل الجزائر. وقال وهو يرد على سؤال حول وجود حلفاء رفضوا انضمام الجزائر، «إنه لا يمكن التعامل مع الانضمام إلى منظمة بريكس وكأنها خسارة في مباراة كرة قدم». وأكد عطاف، أن المعطيات الأساسية تقول إن دول بريكس هي دول صديقة «إن لم أقل حليفة الجزائر منذ زمن بعيد»، موضحا أن الجزائر كانت تتعامل مع هذه الدول قبل بريكس، كنا نتعامل ونقوم بتحركات مشتركة معها فيما يخص قضايا السياسة الخارجية، خاصة في استتباب الأمن، وإعادة روح التعاون متعدد الأطراف. وهذه المحاور الأربعة، أكد عطاف أنها مازالت في صميم السياسة الخارجية للجزائر وستبقى أهدافا نصبو إليها، مشيرا إلى أن الجزائر كانت تريد «إطارا ثالثا أو رابعا للدفاع عن هذه المفاهيم هو إطار بريكس، ولكن ستواصل الدفاع عن هذه الخيارات مع هؤلاء في أطر أخرى مثل مجلس الأمن، حركة عدم الانحياز، وتحركنا فيها مازال قائما والأهداف قائمة». وأعلن عطاف، أن الجزائر ستنضم إلى بنك التنمية الجديد، «بنك شنغهاي للاستثمارات» ومنظمة شنغهاي، مضيفا أن الجزائر لديها كل الأطر للدفاع عن مصالحها السياسية والاقتصادية والتوجه الجديد هو نحو أسيا وآسيا الوسطى.