إنها منطقة هادئة تستحوذ على مشاعر كل من يقصدها لأول وهلة فلا ضوضاء ولا صخب يعكر صفو حياة سكانها وفضاءها النقي من أي تلوث، وما يبعث فيها على الانشراح والطمأنينة هي طيبة سكانها الذين لا يزالون متمسكين بكرم الضيافة والترحاب بالزائر الغريب وهو ينزل ببلدتهم التي نادرا ما يزورها الذين لا حاجة لهم، لكونها بلدة نائية هي في انتظار مشاريع تنموية واقتصادية قد تحرك عجلة التنمية فيها وتخرجها من العزلة المفروضة عليها. ومعظم سكانها جمعتهم الإقامة منذ سنوات طوال مع بعضهم البعض فيها يطيب المقام وخاصة للأشخاص التواقين للسكينة والخلود إلى الراحة النفسية. هي بلدية عين بودينار التي كانت سابقا تعرف باسم »بلكوت« نسبة لموقعها الطبيعي الذي يلاقي ما بين السهول والغابات والجبال وما بين ضفاف البحر من خلال شواطيء سوناكتار والصخرة. هذه البلدية تابعة إداريا لدائرة خير الدين التي تبعد عنها بمسافة 03 كلم وعن مقر الولاية ب 14 كلم، تبلغ مساحتها الإجمالية 38,57 كلم مربع وعدد سكانها حسب الاحصائيات الأخيرة هو 6230 نسمة منهم 2120 نسمة تقطن بعين بودينار مركز والتعداد الباقي موزع في الأرياف عبر 15 دوارا وأكبر كثافة توجد بدوار بن دحمان الذي يضم حوالي 878 نسمة. وجودنا في هذه البلدة أتاح لنا فرصة محاورة بعض السكان، فضلا عن بعض الإطارات وأعضاء من المجلس الشعبي البلدي وحتى بعض المنتخبين السابقين الذين تولوا يوما ما شؤون البلدية واستماعنا للجميع أدى بنا إلى اكتشاف ماهية مصادر معظم المشاكل التي تشكل محور اهتمام المسؤولين ومركز انشغالات المواطنين، لكون البلدية مصنفة ضمن أفقر بلديات الولاية نظرا لافتقارها لأي مصدر دخل ما عدا ميزانية الدولة التي لا تكفي أمام تزايد وتضاعف احتياجات المواطن للماء، وللمساعدة الاجتماعية من جراء شبح البطالة الذي يهدد استقرار الغالبية العظمى من الكهول والشباب معا. كما وجدنا هناك أرباب عائلات مكونة من 4 أفراد أو 05 أفراد بل وحتى 07 أفراد ليس لديهم أي دخل ما عدا ما تجود به الشبكة الاجتماعية في إطار خدمة المنفعة العمومية بمبلغ 3000 دج شهريا ومبلغ 2500 دج لتشغيل الشباب تمنح كل ثلاثة أشهر بناء على عقد عمل غير أن البلدية، وحسب المناصب المممنوحة لها ليس بمقدورها تلبية رغبات جميع طلبات العمل. ونحن نتجول بالبلدية كنا نتوقف كلما صادفنا مجموعة من الشباب وحتى الشيوخ المتقاعدين لمعرفة رأيهم حول وضعية بلديتهم وظروف معيشتهم، بالاضافة إلى ما ذكروه من نقائص في النقل ومياه الشرب والصحة أجمع بعضهم على أن الوضعية لن تعرف التطور قريبا طالما بقيت منطقة عين بودينار بدون استفادة من مشاريع ضخمة في الميدانين الاجتماعي والاقتصادي تخرجها نهائيا من فقرها وعزلتها. وتكون عين بودينار أكثر حاجة لإقامة وحدات للصناعة التحويلية، وخاصة لاستغلال محجرة الحصى الموجودة بالجبل الذي تبين أنه يحتوي على المادة الخام من الحصى والتي يمكن تجويلها واستعمالها لأغراض أخرى، كما أن المنطقة غنية بمادة الطين وهي كذلك بحاجة إلى استغلال كامل في الصناعة التقليدية وهذا من طرف مستثمرين خواص، هذا فضلا عن مادة التيف التي قد تستغل بإنشاء مصنع للأجر. ومختلف هذه الكنوز الطبيعية لو استغلت ستعود بالمردود الاقتصادي على البلدية وتساهم في تغيير الوضعية الاجتماعية، بتوفير مناصب الشغل وتعطي دفعا لتفعيل التنمية بالمنطقة ككل. ------------------------------------------------------------------------