لطالما سمعنا عن إقليم دارفور، وارتسمت في أذهاننا صور الدمار والخراب كلما سمعنا هذا الإسم، أو قرأنا عنه ..لسنا ندري لماذا؟. لكن يبدو أن الفضائيات بتعدد إنتماءاتها إستطاعت ترسيخ هذه الفكرة في أدهاننا نتيجة تقاريرها الإعلامية المختلفة التي تسرد وقائع وأحداث المنطقة بمناسبة معينة أو بدونها، فقد اجتهدت في السنوات الماضية وما تزال ترصد وتطلعنا بأخبار عن حروب، مجازر، مجاعات وتفتت أمني وسياسي بالإقليم وبالسودان ككل، لكن لم يسمعونا بالمقابل عن وجود تعايش بين أهالي القبائل المختلفة، ومسار تنموي يرمي إ؟ الخروج بالمنطقة من مأزق الصراعات القبلية أو الحصار المفروض عليها و يتطلع لبناء منطقة قوية تقف في وجه المتربصين والأعداء، لم يطلعونا عن عدد الأجانب الوافدين إ؟ المنطقة سعيا وراء استثمارات مربحة تدر ملايير الدولارات عليهم، ولم يرسموا لنا معالم الجمال الآخاذ الموجود في جبال وسهول ولايات دارفور الثلاثة، وحب الدارفوري وتمسكه بأرضه وأرض أجداده وأشياء أخرى اكتشفنا أنها حجبت عنا لأسباب قد نعلمها. زيارتنا لإقليم دارفور، لم تكن مدرجة ضمن أجندة نشاطنا في السودان فقد كلفنا بتغطية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية التي جرت من 11 أفريل إلى 15 من نفس الشهر، ولكن سرعان ما لبى مجلس الإعلام الخارجي السوداني طلبنا حينما أفصحنا له عن رغبتنا في زيارة المنطقة، ليمنح لنا كل التسهيلات لبدأ رحلتنا التي وإن كانت لولاية واحدة من الإقليم إلا أنها كانت مفيدة ورائعة. نيالا عروس غرب السودان دخلنا دارفور من جنوبه، وبالتحديد من عاصمة ولاية الجنوبنيالا، ونيالا تعني بلغة قبيلة الداجو مكان الأنس أو المسرح وقد كانت مقر حكم مملكة الداجو حتى سقوط المملكة في نهاية القرن الخامس عشر، وتعتبر ملتقى للطرق التي تمر من شرق السودان إلى غربه ومن جنوب دارفور إلى شمالها وتنتهي عندها سكك حديد السودان غربا، وتعد نيالا ثاني أكبر عاصمة من الكثافة السكانية بعد الخرطوم. كانت الساعة تشير إلى حدود الساعة الخامسة والنصف مساء عندما حطت بنا طائرة الايرباص 320 في مطار نيالا الذي يقع شرق المدينة، بعد رحلة قادتنا من الخرطوم مرورا بالفاشر وهي عاصمة شمال دارفور، ونحن نضع أقدامنا على أرض نيالا قابلتنا نسمة هواء باردة رغم حرارة الجو التي قاربت الأربعين درجة يومها، لأن رحلتنا تزامنت وفترة فصل الصيف الذي تكثر فيه الحرارة والعطش الشديد وعندما بحثنا عن سر الهواء العليل قابلتنا بالإجابة جبال نيالا المكسوة بغطاء أخضر أخاذ، فالمنطقة التي تكاد مساحتها تتراءى للناظر تتنو تضاريسها بين سهول وجبال مغطاة ببساط أخضر يبعث بالارتياح والمتعة، وواد يبعث بالحياة على ضفافه ويروي ظمأ سكان المنطقة من ماءه العذب. ونحن نقطع طريقنا باتجاه فندق المطار الذي لا يبعد إلا بأمتار قليلا كنا نلتهم المكان بأعيننا، فلم نكن نصدق أننا أخيرا على جزء من إقليم دارفور هذا المكان الذي وجدناه على عكس ما قيل ولا يزال يقال عنه، معالم الحياة تنتشر في جنابته وبكل بقعة مررنا بها فعلى طول طريق المطار تمتد بيوت وتجمعات سكنية سكانها بين غادي ورائح كل في طريقه يقضي حاجاته وشؤونه دون مشاكل أو صعاب، ولاشيء يوحي بوجود حروب أو نزاعات أو حتى مخلفات حرب طاحنة كما يذا عبر القنوات الفضائية وينشر عبر المواقع الالكترونية. تنمية واعدة.. وأجانب يؤكدون توفر الأمن اضطررنا إلى دخول الفندق لأخذ استراحة قصيرة قبل التوجه إلى مقر المفوضية العليا للانتخابات المتواجد مقرها بوسط المدينة لنتابع سير عملية الانتخابات ونحن نستقبل من قبل موظفي الفندق التقينا وفود أجانب قدموا إلى المنطقة ظننا في البداية أنهم صحافيون مثلنا قدموا لتغطية الانتخابات التعددية التي تجري لأول مرة في السودان بعد 24 سنة من الغياب، غير أنه سرعان ما أتضح لنا أنهم عاملين بالمنطقة ويشرفون على إدارة مشاريع بها، كنا المبادرين بالسؤال عن طبيعة مهمتهم للمنطقة وعندما كشفنا لهم عن هويتنا رد علينا أحد الشباب بابتسامة ڤنحن فنيين قدمنا من تركيا وسنتجه صباحا إلى منطقة تقع في الجنوب، نشرف هناك على مشاريعڤ وأضاف بلغة عربية فصيحة كيف جئتم إلى هنا ألم تخافوا وعندما أجبناه بالنفي استرسل قائلا: يروجون فقط أكاذيب عن المنطقة فلا توجد منطقة أأمن من هذه، حتى أنظروا وهو يشير إلى آلة تصوير كان يحملها بين يديه التقط صور له وسط سكان نيالا، تجولت لوحدي وسط التجمعات السكنية القريبة من فندق المطار وحتى تلك البعيدة ولم يعترض أحد طريقي رغم أنني غريب عن المنطقة، وتقاطع رأي مستثمر سوري يعمل منذ سنوات بالمنطقة مع رأي الشاب التركي حيث أكد لنا أن الحياة بنيالا على عكس كل يقال، الأمن مستتب فيها وفرص استثمارية واعدة فالمنطقة خصبة وغنية بموارد لو يتم استغلالها لتحولت إلى جنة على وجه الأرض. ويقول الشاب علي وهو سوداني عامل بشركة مان الوطنية، وقد قاسمنا الحديث أن نيالا عرفت تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة استقطب عديد المستثمرين الأجانب، فمؤسسة مان التي تشرف على مشاريع سكنية بالمنطقة كانت شراكة بين الصينيين والسودانيين لتصبح شركة سودانية أوكل إليها مهمة تأهيل بعض الفنادق بنيالا وإنجاز مشاريع أخرى، كما عرفت هذه المنطقة إنجاز الكثير من الفنادق حوالي 10 فنادق وبناء مستشفى ومركز المال والأعمال وغير من المشاريع التي بعثت روح التنمية في عاصمة جنوب دارفور، وأردف قائلا أن حركة العمران في هذه المدينة سريعة بصورة لافتة، حيث انتشرت مباني الشقق والفيلات الفاخرة التي زادت المنطقة روعة وجمالا. ويقول أحمد محمد سنوسي مهندس زراعي بنيالا، أن مشرو مياه نيالا بمنطقة قريضة الممول بقرض من الصين يعد من بين المشاريع الكبرى بغرب السودان وهذا المشرو سيكفي حاجات نيالا من المياه ويقضي على أزمة المياه لاسيما على مستوى معسكرات النازحين التي تضم نحو 3 ملايين نازح بمنطقة دارفور ككل. شوقنا حديث علي ومحمد والشاب التركي والسوري لمعرفة المزيد عن المنطقة، وقد كان علينا الخروج من الفندق لنتحقق من كل ما قيل ونكتشف معالم الحياة بنيالا، خرجنا من الفندق بعد الساعة الثامنة ليلا وقصدنا وسط المدينة، نيالا كانت غارقة في الظلام فأعمدة الإنارة العمومية غير متوفرة ضوء شحيح ينبعث من مصابيح المنازل المنتشرة هنا وهناك، ورغم ذلك لم يتسلل إلى نفوسنا الفز أو الخوف استمرت سيارات تيوتا التي كانت تقلنا في قطع الطريق المؤدي إلى مقر مفوضية الانتخابات بالمنطقة وسط هدوء وظلام دامس، وعلى جنبات الطريق انتشرت مجموعات من الشباب والكهول تحت ضلال الأشجار وأمام المقاهي والمطاعم المنتشرة بالمنطقة، فلا خيوط الليل التي أسدلت ستارها منعت هؤلاء من التنقل في أولى ساعات الليل بمصابيح تكاد تضيء المسافة بين الخطوة والأخرى، حركة هادئة وأمن يلف المنطقة يشعر به أي زائر إليها. توغلنا أكثر وسط مدينة نيالا، ولأن الليل كان يحيط بالمكان لم نستطع تحديد الاتجاهات، والتعرف على الأحياء والشوار، اكتفينا بزيارة خاطفة أنهيناها بعشاء بمطعم شعبي ذائع الصيت بالمنطقة يرتاده كل زائر إليها لتذوق اللحم والدجاج المشوي على الطريقة السودانية، وهي الوجبة التي يكرم بها أي ضيف يحل بالسودان، وقبل ذلك كانت المدينة الغارقة في الظلام تفتح ذراعيها لسكانها ولكل الوافدين، إذ ورغم انعدام الكهرباء في الشوار بسبب أنها تحول من البترول وهي ضعيفة تكاد تكفي حاجات السكان بالمنازل، إلا أن المحلات التجارية والمطاعم فتحت أبوابها لاستقبال الضيوف، إد يكفي طوابير السيارات الممتدة في الشوار لتعرف حجم الأمان والحركة بالمكان. سوق نيالا الكبير...عصب الحياة ومركز قوت الفقراء نهار نيالا، عكس ليلها الهادئ فعند تباشير الصباح الأولى تعم أرجاء المدينةالجنوبية حركة دؤوبة بين أزقتها وحواريها المؤدية إلى السوق الكبير، تبسط الشمس أشعتها على المساحات الرملية الشاسعة مذعنة ببدء يوم مليء بالنشاط. أول ما يصطدم نظرك به وأنت تخرج من فندق المطار مجموعات البشر من مختلف الأجناس والأعمار وهي تسير زرافات وفرادى باتجاه وسط المدينة وهي محملة بأكياس وعربات تحمل أنوا مختلفة من السلع، ولأن نيالا العاصمة التجارية والاقتصادية لدارفور شهدت الأسواق بها كثيرا من التطور والتوسع من حيث المباني والبضائع والتنو في الأنشطة، كما أن حركة البيع والشراء في انتعاش شديد، خاصة في أسواق الخضر والفواكه و اللحوم، ويقول الشاب علي أن المنطقة غنية بمنتوجات زراعية كثيرة أهمها فاكهة المانجو التي تتلف ثمارها دون أن يعرفها بعض العرب. وما يرصد من مظاهر الانتعاش التجاري في مدينة نيالا أن عشرات التجار باتوا يتعاملون تجاريا مع دول الجوار التشاد، إفريقيا الوسطى، والإمارات العربية المتحدة، وحتى مع الصين والهند، حيث تصل أسبوعيا نحو أكثر من أربع طائرات شحن من هذه الدول تجلب البضائع الخاصة بالتجار، كما تأتي الكثير من البضائع من العاصمة الخرطوم ويقول في هذا الشأن الطيب فضل تاجر التقيناه بمتجره بوسط سوق نيالا، أن الحركة التجارية بنيالا تحسنت كثيرا عما كانت عليه إبان الحرب، وعرفت انتعاشا بعد عودة الأمن للمنطقة حتى التبادل التجاري مع دول الجوار عاد إلى طبيعته فقد باتت تأتينا القهوة من كينيا وإفريقيا الوسطى، وصرنا نصدر منتوجاتنا إليهم دون أن تعترض سبيلنا أية مشاكل. أما الطيب عبد الباقي وهو تاجر بنفس السوق، فقد أكد أن تحسن الأوضا الأمنية بنيالا وبالمدن القريبة منها أدى إلى رفع نسبة الفائدة ب25 بالمائة كما أن حركة تنقل البضائع صارت أكثر سيولة انعكست بالإيجاب على أسعار معظم المنتجات. ويمارس الكثير من سكان نيالا مهنة التجارة الحرة، حتى أنها لم تصبح حكرا على الرجال فقط إذ انخرطت فيها النساء الدارفوريات، لتأمين مصروف إضافي يقيهم العوز والحرمان، ويقول أحمد محمد السنوسي أن المرأة بنيالا امرأة عاملة وتعد من بين النساء الإفريقيات الأوائل من حيث العمل والاجتهاد والإنتاج، فهي تعمل في الزراعة والأعمال الحرة والأشغال اليدوية. فيما تؤكد عوضية إبراهيم سليمان وهي ربة بيت أن المرأة الدارفورية امرأة مكافحة وقوية بطبعها، فبالإضافة إلى القيام بمهمتها الرئيسية في تربية الأطفال والاهتمام بهم هي موظفة ومعلمة وتتاجر وتدرس في الجامعات. وبات شراء وإعادة بيع بعض المنتوجات على مستوى السوق مهنة مفضلة لدى الكثيرين خاصة في فصل الصيف، كما انتعشت عملية بيع المنتوجات التقليدية المصنوعة من السعف والقنا من سلل وأسرة خشبية والأحذية الجلدية إلى جانب العطور المصنوعة محليا. وتنتشر بوسط مدينة نيالا الكثير من المحلات التجارية التي تعرض منتوجات لا تقل جودة عن تلك الموجودة في العاصمة الخرطوم، أو بمناطق أخرى ويصر الدارفوري على تأمين لقمة عيشه بيده حتى وان اضطره الأمر إلى مضاعفة الجهد وساعات العمل. إنصهار الفوارق القبلية تجولنا في سوق نيالا الكبير وفي شوارعها وأحياءها، جعلنا نتقرب أكثر من السكان المحليين ورغم أننا سمعنا أن المجتمع الدارفوري يتكون من قبائل مختلفة حوالي 500 قبيلة تتكلم لهجات مختلفة إلا أننا لم نلمس ذلك على وجوه السكان فالجميع في نيالا مسالمين وهادئين، تعلو وجوههم ابتسامة هادئة تبعث في نفسك الارتياح .. لاشيء يوحي بأن هذا من قبيلة الفور أو ذاك من قبيلة داجو أو الزغاوة أو بني هلبة أو الهبانية وهي من بين القبائل المنتشرة بالمنطقة الجميع يشتركون في لباس واحد ولغة واحدة حيث يجيدون اللغة العربية بامتياز إلى جانب لهجاتهم التي فطموا عليها، ويقول المهندس محمد السنوسي أن اللغة لم تقف حائلا بين أهل نيالا وأهل دارفور، رغم أن القبائل كثيرة إلا أن التجانس والانسجام يجمع أهل دارفور فالسلطان علي دينار الذي حول دارفور إلى سلطنة إسلامية قضى على كل الفوارق القبيلة من خلال اهتمامه بالمجالس، كما أن قبيلة الفور وهي أكبر قبيلة سميت على اسمها المنطقة كان لها تمازج مع كل أهل دارفور حيث وزعت الحواكير وهي قطع أرضية على القبائل لتعيش في انسجام وأمن. ويشكل الإسلام الدين الرئيسي بالمنطقة حيث تأخذ معظم القبائل الدارفورية بالمذهب المالكي على الطريقة التيجانية وكان لانتشار الإسلام في دارفور اثر كبير ومباشر في مسيرتها التاريخية كما كان لنزوح المجموعات العربية وانتشارها يقول مرافقنا أثر في تمازج السكان وتجديد روح الإسلام. ويتفوق أهل دارفور في حفظ القرآن ودراسته، ويظهر ذلك جليا على سمات سكان نيالا، وهو ما انعكس بالإيجاب على تعاملاتهم الاجتماعية وسلوكياتهم. كما أن نيالا قطعت أشواطا معتبرة في مجال التعليم، وقد غزت المدارس والمؤسسات التعليمية ضواحي المدينة إضافة إلى جامعة نيالا التي باتت مقصدا لطلاب السودان من مختلف الولايات، وهو ما يعكس بوضوح رغبة الدارفوري في التقدم والرقي والوصول إلى أعلى المراتب وإذابة كل الفوارق التي طالما شوهت صورته لدى الرأي العام العالمي. ̄ مبعوثتنا الخاصة: زهراء.ب 3 ملايين نازح و السفير الجزائري يشرف على افتتاح قرى تم إعمارها من غير الممكن أن تزور دارفور أو أي ولاية منه دون أن تعرج على معسكرات النازحين، فالاقتراب أكثر من واقع النازحين كان هدفنا منذ انطلاق الرحلة من الخرطوم، كانت عقارب الساعة تشير إلى منتصف النهار عندما دخلنا معسكر عطاش الموجود شرق العاصمة نيالا، الحرارة بلغت أوجها ومع ذلك حركة السكان لم تنقطع بين مركز الاقترا الذي نصب في مدرسة المعسكر وبين بيوتهم المصنوعة من قطع الطوب الأحمر و قصب القنا، فرغم المعاناة والظروف الصعبة التي يحيون فيها إلا أنهم لم يفوتوا فرصة الإدلاء بأصواتهم على أمل أن يتحقق حلمهم بالعودة إلى بيوتهم يوما ما.وقالت لنا عائشة عز الدين آدم 22 سنة أنها انتخبت من أجل أن يعم الأمان ويتحقق السلم ببلدتها وأردفت قائلة أن الحياة بالمعسكر صعبة للغاية خاصة على الأطفال وأصعب شيء فيها نقص الغذاء والرعاية الصحية، فيما ينتظر عبد الرحمن عيسى عبد الرحمن 42 سنة أن يعم الأمن جميع دارفور رغم أنه اعترف بتحسن الوضع الأمني بالمنطقة بنسبة كبيرة. ويؤكد إبراهيم محمد شيخ الشيوخ بالمعسكر توفر الأمن واستتبابه في السنوات الأخيرة غير أنه سجل تراجع في نسبة المساعدات الغذائية الدولية الموجهة للنازحين الأمر الذي انعكس سلبا على الوضعية الصحية لأطفال المعسكر حيث تسبب ذلك في وفاة الكثير منهم بمرض سوء التغذية والملاريا، خاصة في فصل الصيف نتيجة استعمال مياه غير نقية وارتفا درجة الحرارة، فمن بين 83 ألف عائلة موجودة بالمعسكر تستفيد 73 ألف عائلة من برنامج الغذاء العالمي الذي يقتصر على الذرة وبعض الحبوب التي لا ترتقي إلى الغذاء الكامل. ويقول محمد سليمان شيخ مسكر عطاش، أن الإعانة الموجهة للعائلات تراجعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث صار يخصص لستة أفراد شوال ما يعادل 4 كيلو في وقت كان الشوال لأربع أفراد وهي كمية لا تكفي لمدة شهر، في وقت تنعدم المساعدات العربية للمنطقة سواء الغذائية أو البعثات الصحية. ويضطر العديد من سكان المعسكر إلى العمل الحر لتأمين حاجياتهم، فتجدهم يبتاعون سلعا من سوق نيالا ويعيدون بيعها بالمعسكر لربح جنيهات معدودة، فيما تضطر النساء إلى بيع بعض الصناعات التقليدية المصنوعة من السعف كالحصائر والسلل أو بيع الحطب الذي يجلب من الغابات القريبة من المنطقة . وأوضح مفوض منظمة العون الإنساني بنيالا السيد سبيل أحمد سبيل أن الإعانات باتت لا تكفي النازحين إذ يتم صرف 75 بالمائة منها، مشيرا إلى أن قرار التخفيض تم اتخاذه في اجتما جنيف لأن السودان حسب الدول المانحة دخل في التنمية وإعادة الأعمار في سنة 2010 وخرج من الدورة الاغاثية لذلك تم تخفيض الإعانات بنسبة 25 بالمائة. من جهة أخرى، وبشأن جهود إعمار قرى النازحين أفاد ذات المسؤول أن جامعة الدول العربية هي التي تعمل في مجال إعمار القرى وعودة النازحين إليها محصيا عودة 24 ألف و 955 أسرة إلى 53 قرية خلال سنة 2009، وأضاف في هذا السياق أن السفير الجزائري بالسودان، أشرف قبل شهر على افتتاح ثلاث قرى تم إعادة اعمارها بأموال عربية في الولايات الثلاثة لدارفور وتحتوي القرى على مدرسة ومركز صحي وشبكة كهرباء وماء إلى جانب 30 بيتا مبني بصورة مؤسسة. ويتمركز برنامج عمل مفوضية العون الإنساني ضمن الخطة الايطالية لسنة 2010 في ثلاث محاور المحور الأول تعميم إعمار المناطق والقرى لعودة النازحين إلى ديارهم وكذلك وترسيم الخدمات الأساسية المتمثلة في الصحة والتعليم والمياه لهذه القرى والمحور الثاني التكفل ببعض النازحين الذين لا يريدون العودة إلى ديارهم من خلال وضع مخططات سكنية حوالي المدن الكبيرة يتم حاليا تسجيل النازحين قصد الاستقرار في هذه المخططات على أن تسلم حكومة الوحدة الوطنية منزلا مجانا لكل نازح، وسبق أن تم إسكان 1200 أسرة خرجوا من معسكر كلما ومن معسكرات أخرى والآن استقروا، وحتى الأممالمتحدة عملت نموذج من منزل يتكون من غرفتين ومطبخ وهذه ستعمم قريبا بكل المناطق. أما المحور الثالث فيتعلق بالتكفل بالنازحين الذين لا يردون العودة إلى قراهم ولا السكن في هذه المخططات السكنية، حيث يوفر لهم برنامج الغذاء العالمي الغذاء، المياه، الصحة والتعليم وتتابع مفوضية العون الإنساني هذه العملية وتنسق مع البرنامج لتوفير الخدمات الإنسانية والأنشطة الاجتماعية الأخرى. زهراء. ب