من عتمة السّجون، وصمت الجدران، ومن شلال العذابات، ومن مناخات فلسطين الثرية وذكريات العاصمة الأبدية، الموشحة بأريج القداسة، تطلُ علينا الأخت المناضلة (أسراء الجعابيص)، ترمقنا بعيون ملؤها الأمل، لتفرش الكون بصمودها وقوة إرادتها، وعنفوان ثورتها، تطل علينا كإطلالة شقائق النعمان في زمن القحط تطل مع قدوم النصر الاكيد على المحتلين الغزاة، الذين جاؤوا من وراء البحار، تزرع الفرح في يافا ونابلس وغزة وجنين، وكشموخ سنبلة القمح التي تبشّر بمواسم الخير بعد طول قهر سنوات المعتقلات النازية العجاف، تقف شامخةً شموخ جبال القدس الأبية، وجبل الجرمق الذي ينطق بفلسطينيته الكنعانية الضاربة جذوره في أعماق التاريخ، كطائر الفينيق تخرج من بين الركام، تجدّد عهداً مع شعبها وقيادتها ومع كل أحرار العالم نحو فضاءات الحرية، وفي الحقيقة تتواصل معاناة إسراء ومعها أخواتها الأسيرات الثائرات في سجون الاحتلال، اللواتي قدمن أروع نماذج العطاء، والتضحية والفداء من أجل الوطن. الأخت إسراء الجعابيص ابنة السبعة والثلاثون ربيعا (37 عاماً) معتقلة منذ قرابة الست سنوات، تواجه أوضاعاً صحية غاية في الصعوبة، يقابلها إهمال طبي متعمد من قبل جلاوزة الظلم (سجاني وسجانات المعتقلات النازية)، وكانت قوات الاحتلال الإجرامية قد اعتقلت "إسراء" بعد حريق شب في سيارتها وأصيبت على إثره بحروق من الدرجة الأولى والثانية والثالثة في 50 % من جسدها، وفقدت ثمانية من أصابع يديها، وأصابتها تشوهات في منطقة الوجه والظهر. وفي الحقيقة تعاني إسراء من الإهمال الطبي وتلقي العلاج اللازم وإجراء العمليات الجراحية الضرورية للتخفيف من آلامها، حيث تعاني من التهابات حادة في الأجزاء المحروقة من جسدها، وهنا يجب فضح ممارسات القتلة المجرمين الإرهابيين (سجاني وسجانات المعتقلات النازية الصهيونية والاجرامية، وللأسف الكثير من أبناء شعبنا، لايعرفون معاناة اسراء، وما حدث كان في يوم 11 أكتوبر 2015 كانت إسراء في طريقها من مدينة أريحا إلى مكان عملها في مدينة القدس، حيث كانت تنقل بعض مقتنيات بيتها إلى سكنها الجديد بالقرب من مكان عملها، وفي ذلك اليوم كانت تحمل معها أنبوبة غاز وجهاز تلفاز كانت في ذلك اليوم تشغل المكيف ومسجل السيارة. وعندما وصلت إسراء إلى منطقة (الزعيم قرب مستوطنة معاليه أدوميم الصهيونية التي أقيمت على أراضي المواطنين عنوة) انفجر بالون السيارة الموجود بجانب المقود، وهو موجود أصلاً للتقليل من مضاعفات حوادث السير، اشتعلت النيران داخل السيارة، فخرجت إسراء من السيارة وطلبت الإسعاف من رجال شرطة الاحتلال المتواجدين على مقربة من مكان الحادث، إلا أن أنهم لم يقدموا لها الإسعاف، وإنما استنفروا واستحضروا المزيد من رجال الشرطة والأمن. وفي بداية الأمر؛ أعلنت شرطة الاحتلال المجرمة أن ما حدث كان حادث سير عادي، ثم ما لبث الإعلام الصهيوني القائم على الزيف والكذب والذي روّج أن ما حصل، عملية استهداف لجنود صهاينة واكتشف المحققون وجود التلفاز مع أنبوبة الغاز، وانفجار بالون السيارة وليس أنبوبة الغاز، وعلموا أن تشغيل المكيف منع انفجار زجاج السيارة، لكن المخابرات الصهيونية ادعت أن إسراء كانت في طريقها لتنفيذ عملية. جملة من الادعاءات الباطلة التي دأبت على ترويجها شرطة الاحتلال فقاموا باعتقال إسراء، وعقدت لها السلطات الصهيونية عدداً من الجلسات داخل المستشفى لصعوبة نقلها إلى المحكمة بسبب حالتها الصحية الحرجة، ووجّهت لها لائحة اتهام بمحاولة تنفيذ عملية وقتل يهود من خلال تفجير أنبوبة غاز. وبعد مداولات ونقاشات داخل محاكم الاحتلال الصهيونية حُكم عليها (بالسجن لمدة 11 عاماً) وغرامة مالية مقدارها 50 ألف شيكل (عملة صهيونية)، وكانت المداولات قبل الحكم قد استمرت لمدة عام، وصدر الحكم في 7 أكتوبر 2016. وإثر ذلك؛ سحب الاحتلال بطاقة التأمين الصحي منها، ومُنع عنها زيارة ذويها عدة مرات، وفي إحداها منع ابنها من زيارتها. قصة إسراء قصة شعب يتعرض لظلم المحتلين الغزاة الإرهابيين الذين اقتلعوا شعبنا بمؤامرة الدول الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية التي توفر المحتلين الغزاة تغطية دولية، الأمر الذي جعلها فوق القانون الدولي وهنا نتساءل: أين منظمات حقوق الإنسان التي تتغنى بحقوق الإنسان؟ لقد أشبعونا. كذبا ونفاقاً، ويبقى السؤال كيف صمتوا عن معاناة أكثر من ألف ربعين أسيرة من أخواتنا اللواتي يواجهن ظلم وجبروت الظالمين القتلة، الذين فقدوا كل مقومات الإنسانية؟! وهنا يجب أن نعول على شعبنا الذي يقاوم المحتلين باباء وشموخ، والذي سيحرر اسراء وكل اخواتنا المناضلات..الفجر قادم بإذن الله وكما تحرّرت أنهار الديك ستتحرّر إسراء.