حذّرت منظمة "أطباء بلا حدود"، أمس الأحد، من أن النظام الصحي في قطاع غزة يواجه الانهيار، وذلك مع استمرار الهجمات الصهيونية على القطاع، بما في ذلك المنشآت الصحية. وقالت "أطباء بلا حدود" في بيان: "المستشفيات مكتظة وتفتقر إلى الموارد"، مشيرة إلى أنه "لا يوجد مكان آمن في غزة بما في ذلك المستشفيات". وعبرت المنظمة عن استعدادها لتقديم مزيد من الدعم للمرافق الطبية في غزة حال وصول المساعدات. فعلى الرغم من دخول أول دفعة مساعدات إلى غزة المحاصرة منذ أسبوعين من قبل الاحتلال، إلا أن 20 شاحنة التي وصلت القطاع السبت لا تسمن ولا تغني عن جوع. فقد أكّد العديد من المسؤولين الأمميّين، أن تلك الدفعة لا تكفي حتى ليوم واحد آلاف المدنيّين الفلسطينيين. سيموتون جوعاً.. في السياق، وصف برنامج الأغذية العالمي الوضع في غزة بال "كارثي" بسبب نقص الغذاء والماء والكهرباء والوقود، ودعا إلى السماح بدخول المزيد من المساعدات. وقالت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن المجاعة متفشية في القطاع المحاصر. كما شدّدت على وجوب مواصلة إرسال المزيد من شاحنات الإغاثة من أجل "الوصول إلى ملايين الأشخاص الذين سيموتون جوعاً حرفياً في غزة". وأردفت قائلة: "هناك الكثير من الأرواح على المحك". وكانت 20 شاحنة دخلت جنوبغزة، بينها 15 محملة بالدواء والأدوات الطبية والاسعافية الأساسية، و3 بالغذاء، و2 بمياه للشرب. في حين أكّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال قمة السلام التي عقدت في القاهرة لبحث تطورات الوضع في غزة ضرورة "وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية"، وعدم تقييد دخول المساعدات الإنسانية المرسلة إلى سكان غزة. يذكر أنّه منذ إعلانها العدوان على غزة، فرضت دولة الاحتلال حصاراً مشدّدا على القطاع المكتظ بالسكان، والذي يضم أكثر من مليوني نسمة، مانعة دخول الوقود، وقاطعة حتى مياه الشرب والكهرباء، ودخول السلع. ولوّحت الحكومة والجيش الصهيونيين أيضا بإطباق الحصار وعدم رفعه. مخاوف من الموت عطشاً يأتي هذا وسط تحذيرات كثيرة كانت انطلقت من أن سكان غزة يشربون المياه الملوثة، ما ينذر بتفاقم الأزمة الصحية في القطاع. وتتكرر في غزّة المحاصرة صور العربات الصغيرة أو الدراجات الهوائية، التي يقودها ويجرّها فتية صغار حاملين غالونات بلاستيكية متجهين نحو محطة صغيرة لتحلية المياه وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة علّهم يجدون ما يسد حاجة عائلاتهم من مياه الشرب. وأمام المحطة، يصطف عشرات السكان، بمن في ذلك كبار السن والفتية، للحصول على المياه بعد أن قطعت دولة الاحتلال إمداداتها منذ بداية الحرب، كما قطعت الكهرباء وإمدادات الوقود اللازمة لتشغيل محطات المياه ومضخاتها، ما فاقم أزمة المياه في غزة، وأثار مخاوف من وصول حدة الأزمة إلى درجة موت السكان عطشاً. وفي السياق، يقول أحمد، وهو من سكان خان يونس، إن الحرب خلّفت وضعاً كارثياً طال جوانب الحياة الأساسية لا سيما قطاع المياه، ويشرح بينما ينهمك بجر عربة حديدية صغيرة تحمل غالونات صفراء ملأها من المحطة بعد طول انتظار، إنه يضطر للمخاطرة والتحرك من بيته تحت القصف للحصول على المياه التي ينقلها على أشواط عدة كي يملأ الخزان في بيته الذي بات الآن يضم مع عائلته 25 شخصاً من أقاربه الذين نزحوا من مناطق سكنهم الأصلية. ويضيف: "لدينا أزمة مياه غير مسبوقة في غزة، وما فاقمها أيضاً الضغط الذي خلّفه وصول أعداد كبيرة من السكان من المناطق الأخرى. الأزمة الخانقة التي نعاني منها لا تقتصر على المياه فحسب، بل تطول الخبز والكهرباء والغاز وكل شيء". هذا، وتحاول السلطات المحلية في قطاع غزة جاهدة، رغم ظروف الحرب الصعبة، الاستجابة لاحتياجات السكان من المياه. وتمثّل الآبار الجوفية مصدر المياه الرئيسي في قطاع غزة، لكن العمل توقف أو تعطّل بشكل كبير بسبب انقطاع الكهرباء، وعدم توافر الوقود اللازم لتشغيل المولدات. ولجأت سلطات المياه في غزة إلى استخدام صهاريج المياه في محاولة للتعاطي مع الأزمة، وإيصال المياه للمناطق التي تعاني من النقص، لا سيما المدارس التي باتت تضم مئات آلاف النازحين، إلا أن "الصهاريج المتوافرة هي 4 صهاريج فقط، وهي أيضاً يلزمها السولار لتظل قادرة على العمل، وملؤها وإفراغها يستغرقان وقتاً، لكن الأخطر هو أنها تعمل وتتحرك تحت القصف، الأمر غاية في التعقيد". وإلى جانب محطات المياه التي تعمل بالكهرباء أو الوقود، يعمل عدد محدود من المحطات في غزة بالطاقة الشمسية لتوفير مياه الشرب، يشرح المهندس جهاد. وبينما تتركّز عمليات إيصال المياه في مناطق وسط القطاع وجنوبه، تعاني المناطق الشمالية من نقص حاد؛ حيث أضحت مهمة إيصال المياه إليها معقّدة ومحفوفة بالمخاطر.