^ مجلس الأمن عجز عن توفير الحماية للشعب الفلسطيني والتكفل بالمآسي ^ نلوذ بالجمعية العامة لإنصاف الشعب الشقيق واحترام تطلعاته لإقامة دولة سيدة ^ إطلاق العنان للمحتل الصهيوني وتحصينه ينتج أقسى الجرائم وأبشعها أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج أحمد عطاف، أول أمس، أن التعامل مع التطورات الخطيرة في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، يفرض العمل المستعجل والطارئ لوقف العدوان الصهيوني الجائر على قطاع غزة، ولإغاثة الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية الدولية له، داعيا إلى تحرك جماعي تنخرط فيه جميع الأطراف الدولية الفاعلة والمؤثرة لبناء سلام دائم عادل ومستدام في الشرق الأوسط على أسس المراجع التي أقرتها الشرعية الدولية. وضع وزير الخارجية أحمد عطاف، الهيئة الأممية أمام مسؤولياتها، وقال في أشغال الدورة الاستثنائية الطارئة 10 للجمعية العامة للأمم المتحدة حول القضية الفلسطينية، «جمعيتنا العامة، التي طالما شكلت منبرا رئيسيا لنصرة القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مطالبة في هذا الظرف العصيب بتأكيد ثباتها على هذا النهج القويم والتزامها بالحفاظ على المقومات القانونية لقيام دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة». وفي السياق، جدد عطاف دعوة الجزائر منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين الشقيقة بمنظمة الأممالمتحدة، كإجراء هام يكرس الحق القانوني والسياسي والمعنوي والأخلاقي لدولة فلسطين في أن تحظى بمكانة قارة بين الأمم لإسماع صوتها والدفاع عن أولوياتها، وكخطوة حاسمة ترد على محاولات تشويه وتصفية القضية الفلسطينية التي يُرادُ وأدها حيةً تأبى الفناء. وأبرز أن هدفا بمثل هذه الأهمية الاستراتيجية يقتضي استغلال كافة السبل والفرص التي تتيحها أطر وتنظيمات الجمعية العامة، والتي من شأنها تمكين هذه الأخيرة من الاضطلاع بدور بارز وفاصل ولبلوغ هذا المقصد النبيل، وهو المقصد الذي يمكن أن تتجسد فيه حقا بوادر وركائز المشروع الوطني الفلسطيني. تخاذل مجلس الأمن حلقة تأبى الانكسار وشكر عطاف الأممالمتحدة على قبول طلب المجموعة العربية والإسلامية بتنظيم هذه الدورة الاستثنائية الطارئة للجمعية العامة، بعد فشل مجلس الأمن في الارتقاء بذاته فعليا إلى مصف حامي ميثاق الأممالمتحدة، وخادم ترسيخ مبادئها وقيمها، وضامن استتباب السلم والأمن الدوليين. وقال: «مرة أخرى، نجد أنفسنا أمام هذه الهيئة الأممية الجامعة لتدارك عجز مجلس الأمن عن توفير الحماية الضرورية للشعب الفلسطيني وعن التكفل بالمآسي تلو المآسي التي تتهاطل على غزة الجريحة، غزة المظلومة، غزة المكلومة». واسترسل قائلا، «مرة أخرى، نستنجد بالجمعية العامة أمام الشلل الذي أصاب مجلس الأمن في الاضطلاع بمسؤولياته وواجباته تجاه القضية الفلسطينية، جراء فقدان قدرته على التحرك لردع المحتل الصهيوني وكف طغيانه وتجبره وتسلطه على الأبرياء في فلسطين، وفي غزة تحديدا». وأضاف: «مرة أخرى، نلوذ بالجمعية العامة لإنصاف الشعب الفلسطيني وتشديد النطق بعدالة قضيته والدعوة لاحترام شرعية تطلعاته في إقامة دولة وطنية سيدة. هذا الشعب الذي سلبت منه حقوقه، ولكن لم تسلب منه إرادته في الصمود، هذا الشعب الذي صودرت أراضيه ودمرت ممتلكاته، ولكن لم يصادر إصراره على فرض وجوده، هذا الشعب الذي هضمت مطالبه، ولكن لم يهضم عزمه على البقاء والاستماتة في الدفاع عنها». وذكر عطاف، أن في سبيل كل هذا، دفع الشعب الفلسطيني ولا يزال ثمنا باهظا لا يرضى بدفعه إلا أهل قضية أصيلة، وأصحاب حق متأصل، وحماة مشروع وطني ثابت ومثبت. ونبه إلى أن موقف التخاذل داخل مجلس الأمن أصبح مألوفا من تكراره عشرات المرات خلال العقود السبعة الماضية، في صورة حلقة مفرغة تأبى الانكسار، بالرغم من تجلي مفرزاتها وتداعياتها وأضرارها المتتابعة والمتواصلة. وأكد عطاف، أن ذات الأسباب أصبحت تُولِد ذات النتائج وأفظعَها، وأن إطلاق العنان للمحتل الصهيوني وتحصينه يُنتج أقسى الجرائم وأبشعها، وأن غياب حل عادل ونهائي للقضية الفلسطينية يَبْقَى يَرْهَنُ حاضرَ ومستقبلَ السلم والأمن والاستقرار في هذه الرقعة من المعمورة وفي المنطقة برمتها. وأكد وزير الخارجية، أن الشعب الفلسطيني ضاق ذرعا بسياسة الكيل بمكيالين، وبالتفهم غير المبرر وغير المؤسس وبالتسامح المفرط والمطلق الذي ينتفع منه الاحتلال الصهيوني، مضيفا أن الشعب الفلسطيني يتضرر من حالة اللامبالاة الدولية أمام ما يعانيه من اضطهاد وظلم وطغيان، كيف لا، يقول عطاف، «وهو الذي يُقالُ له حين اِسْتِكَانَةِ الأوضاع وهدوئها أن قضيته ليست أولويةَ المجموعة الدولية، وحين الاعتداء عليه وتصعُّد الأحوال وتأججها، تتوجه المساعي، على شُحِّها وتواضعها، صوب معالجة رواسب غياب السلام عوض العمل لإحلال السلام بعينه». جيل كامل لم يعرف معنى مسار السلام وأكد عطاف، أن جيلا كاملا من الفلسطينيين لم يعرف معنى مسار السلام، ولم يشهد مبادرة جدية واحدة لإحياء هذا المسار، بل منهم جيل لم يسجل تحركا دوليا واحدا للتكفل بأوضاعه والاستجابة لتطلعاته المشروعة في استرجاع حريته وإنهاء احتلال أراضيه، والتمتع بحقوقه، وإقامة دولته المستقلة. وتساءل في هذا السياق، «ألم يَحِنْ أوانُ معالجة هذا الوضع المخل بقيم ومبادئ منظمتنا؟ ألم يَحِنْ أوانُ إنهاء هذا الظلم التاريخي بحق شعب نفد صبره في مواجهة محتل متسلط متكبر متجبر؟ ألم يَحِنْ أوانُ إطلاق هَبَّةٍ دولية من أجل السلام وفي خدمة السلام؛ هبة تُذكي شُعلة الأمل في الشعب الفلسطيني من جديد، وتتكفل بكل صدق وجدّية وأمانة بإحقاق حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف أو التقادم أو التصفية؟.