نشط أدباء جزائريون وأفارقة بالفضاء الإفريقي بالصالون الدولي للكتاب بالجزائر، ندوة تحت عنوان "المدينة والريف.. ذاكرة المشاهد الإفريقية"، تناولوا فيها العناصر الأساسية في المنجز الأدبي الإفريقي، إضافة إلى تسليط الضوء على البناء السردي الروائي الإفريقي من خلال الثلاثية الأساسية المتمثلة في التاريخ والتراث والواقع. تطرّق الأدباء المشاركون في الندوة والذين يمثلون الجزائر، الكاميرون، غينيا، نيجيريا، إلى فضاء المدينة باعتبارها عنصرا أساسيا وجوهريا ومن العناصر الفنية في بناء السرد الروائي الإفريقي، نظرا لما تحمله من جماليات المكان وقيم اجتماعية وثقافية تعكس رموزا تراثية تساهم في رصد ملامح الشخصيات والأحداث والطموح وتطوّرها في سياق العملية الإبداعية التي تتميز بها الرواية الإفريقية دون غيرها من الروايات.. وأكدت الروائية الكاميرونية كاليكست بيالا، أن رمزية المكان في روايتها تتجلى من خلال توظيفها لفضاء مسقط رأسها في أكثر من 20 عملا أدبيا والمتمثل في الحي القصديري "نوبلي" و«حي بلفيل" بباريس الذي تعيش به حاليا، ليكونا فضاء خصبا لنسج نصوصها بتيماته وشخوصه وأحداثه، والتي عبرت عنها في مداخلتها ب«مزية المكان تمثل عالما يعجّ بالتعايش والتنوع العرقي والديني والفكري لكنه متجانس ومتناغم، مبرزة أن الفضاء الروائي الإفريقي هو في الحقيقة يعكس دلالات اجتماعية وسياسية وثقافية، فالمكان عنصر مهم في نسج الرواية ويثير المخيال، كونه لا ينفصل عن المبدع بل يشكل وعيه وفهمه لمختلف الظواهر التي تحيط به".. ومن جهته، وخلال تطرقه لتجربته الذاتية، أكد الروائي الجزائري عبد القادر جمعي أن فضاء مدينة وهرانمسقط رأسه يشكل دعامة أساسية لنصوصه الأدبية، قائلا بأنه مسكون بهذه المدينة التي يشبهها بالكائن الحي بكل عنفوانها الذي يتفاعل معه، ويروي من خلالها الذاكرة التاريخية والطفولة والتقاليد والتراث، إلى جانب كل ما يدور في مجتمعه من أحداث ما تزال عالقة في ذاكرته وتبرز زخم ثقافاتها وشخوصها بتفاصيل دقيقة حية، موضحا بقوله: "إن هذا المزج الفريد المشبع بالذاكرة والحكايا والتراث الشفوي يزيد من خصوصيتها". وأفاد بأن الفضاء الذي نحن بصدده أي فضاء المدينة، هو موجود في الأدب العالمي وليس في الأدب الإفريقي فقط، فهو يشكّل بالدرجة الأولى محورا جوهريا لأنه يحكي ذاكرة المكان والزمن ومعاناة وطموح الإنسان، لاسيما توثيق لحظات السعادة، الفرح والأحزان، تعبير على ما يمنحه للمكان من جمالية وقيمة للتعايش تشكل الهوية الانسان الإفريقي في بعده الكوني والمحلي. وفي سياق متصل، ذكر الباحث جان سيليستين ايدنجي (الكاميرون) بأنه حاول من خلال دراساته الاجتماعية في الميدان، تتبع وفهم حركة وأبعاد تنقل الشباب الإفريقي من الريف إلى المدينة في ظل أبعادها السوسيولوجية والاقتصادية، وما يترتب عن ذلك التنقل من خيبة أمل لدى الشاب الإفريقي الذي غامر بحياته فرارا من أوضاع لا تخدم آماله وطموحاته، ليصطدم بواقع مرير من حيث لا يدري. وأكد الروائى لبداعي بن عودة على أن السبب الرئيسي في حضور المدينة في الأدب الإفريقي، وتواجدها بشكل لافت هو ناتج عن حركة النزوح الريفي إلى المدن التي عرفتها هذه البلدان بعد الاستقلال..