وجّه نواب الشعب، أمس، خلال مناقشتهم لقانون المالية لسنة 2024، جملة من الملاحظات صبّت في مجملها حول تخصيص الاعتمادات المالية للولايات، لاسيما الجديدة منها، نظرا للنقائص الموجودة في المشاريع التنموية والعجز المسجل بها، لاسيما بالجنوب الكبير، خاصة في توفير الضروريات، من طرق وصرف صحي ومستشفيات ومؤسسات تربوية، مثمنين استمرار الدولة في سياستها الاجتماعية، سواء تعلق الأمر بالدعم أو تعزيز كتلة الأجور وحماية القدرة الشرائية، داعين الى تجسيد تعميم الرقمنة، لأنها السبيل الوحيد لإضفاء الشفافية في التسيير والتخفيف من معاناة المواطن. أرجع الكثير من النواب المتدخلين تأخر تجسيد المشاريع التنموية إلى عدم استقرار المسؤولين في مناصبهم وانعكاس ذلك على تحديد أولويات كل ولاية، لارتباط ذلك برؤية الجهاز التنفيذي المنصّب على رأسها، حيث أكد محمد بوسالم نقار، ممثلا لحركة "حمس"، أن البرامج الخاصة يحب أن تكون من حصة الولايات التي تعاني من نقائص ورصد ميزانية كاملة، سيما للولايات الجنوبية، فهي بحاجة إلى الكثير من المشاريع الاستراتيجية والضرورية والمرتبطة مباشرة بحياة المواطن من مياه وكهرباء وصحة وتربية. بدوره أثار النائب عبد الناصر بعزيز، عن كتلة الأحرار- ولاية بومرداس، عن حصة الولايات المليونية من التنمية، وإمكانية حصولها على برنامج خاص لاستدراك النقائص. كما تطرق إلى ملف استيراد آليات الإنتاج الفلاحي، بما فيها المستعملة، حيث دعا إلى الإسراع في العملية لتمكين الفلاحين من استغلالها. ونفس الأمر بالنسبة لإعادة النظر في كراء المساعدات التابعة لأملاك الدولة، على غرار أرضية سوق تيجلابين للسيارات، وضرورة تخصيص ميزانية لتهيئة المؤسسات التربوية في وقتها لضمان استدامة هذه المشاريع. من جهتها، ثمّنت النائب هجيرة عباس، عن حركة البناء الوطني، من مستغانم، بعث المشاريع التنموية المجمّدة، لاسيما تلك المتعلقة بحياة المواطن، مشيرة إلى أن ميزانية تجاوزت 100 مليار دولار مبنية على اقتصاد متوازن من شأنها أن تجعل من الجزائر دولة محورية، وسيكون لها، بلا شك، انعكاسات إيجابية على حياة المواطن، خاصة وأنها تشكل نقلة نوعية مقارنة بالميزانيات السابقة والتي تم الحرص فيها على مواصلة تجسيد السياسة الاجتماعية للدولة، سواء من خلال الزيادة في كتلة الأجور، أو المشاريع السكنية، أو دعم القدرة الشرائية. في المقابل، دعت المتحدّثة إلى الانتقال السريع من الدعم الشامل المعمم إلى الدعم المباشر للفئات المحتاجة والاستفادة من الرقم لمعرفة الفئات الهشة، وكذا من الإحصاء، ناهيك عن توجيه الميزانية المخصصة باعتمادات مالية متوازنة نحو المشاريع الاستراتيجية الهامة والاستثمارات الدائمة، لاسيما في مجال البنية التحتية للطرق ومحطات التطهير. بدوره استحسن النائب قادري عبد الرحمان، عن حزب الفجر الجديد، تكريس الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية. غير أنه عبّر عن قلقه من تخصيص 82٪ من الميزانية للتسيير بدلا من الاستثمار، خاصة وأن القانون تضمن عدة تسهيلات وآليات وتدابير لتعزيز العمليات الاستثمارية، منتقدا تخصيص اعتماد مالي لوزارة الرقمنة والتخطيط والإحصاء التي لم تعد قائمة بعد تحويلها لوكالة تابعة للرئاسة. أما النائب محمد ورتي، عن كتلة الأحرار، فيرى أن الميزانية المعلن عنها تكشف عن مدى تحسن مداخيل الدولة وتحسن قنوات الاتصال والتواصل مع القاعدة، وتمسك بالسياسة الاجتماعية للدولة ودعم القدرة الشرائية، غير أن الجنوب الكبير لا يزال -بحسبه- يتخبط في الكثير من المشاكل، في مجالات عديدة، من بينها الصحة والطرق المهترئة وربط وإنشاء الطرق بوجود المشاريع الاقتصادية فقط، بدلا من استقرار السكان. واعتبر المتحدّث الإسراع في تجسيد الرقمنة بكل القطاعات بولايات الجنوب، من شأنه تسهيل الأمور على الناس الذين يعانون ويقطعون مسافات طويلة للتنقل إلى المصالح الإدارية. أما جبهة المستقبل، ممثلة بالنائب عبد الرحمان صالحي، أوضحت أن الحفاظ على الطابع الاجتماعي يبقى هو الأصل الذي تضمنه بيان أول نوفمبر وحرص رئيس الجمهورية على دعمه، مشيرا إلى أن قانون المالية لسنة 2024 خصص ميزانية كبيرة للتسيير على حساب التجهيز. كما أوضح، أن المطالبة بالتقشف يجب أن يسبقها تحديد معايير تسيير المشاريع التنموية وتوجيهها حسب احتياجات المنطقة والمواطنين، داعيا لتجسيد الجزائر الحقيقية التي تحتاج إلى تضافر الجهود. ونفس الأمر ذهب إليه النائب رضا عمران من نفس الحزب، حيث أعرب عن أمله في أن تكون الميزانية في مستوى تطلعات المواطنين، مطالبا بتخفيض ضريبة القيمة المضافة من 19 إلى 10٪، وضرورة تسريع وتيرة منح القروض البنكية، التي لا تتماشى مع سرعة النشاط الاستثماري. من جهته أثار النائب فوزي بن اعمر، عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي، مسألة تأخر المشاريع التنموية في الولايات الحدودية، على غرار مغنية مثلا، معتبرا أن هذا الإشكال بسبب سوء التسيير. =====