مع اقتراب كلّ مناسبة دينية تحرص العائلات المستغانمية على ممارسة عادات وتقاليد أصيلة خاصة باستقبال شهر رمضان الفضيل، بحيث تشرع في تحضير أنواع معيّنة من المأكولات وعلى رأسها شربة "المقطفة" و«القوارطّ" فضلا عن تنظيف وطلاء البيوت بما يعرف "بالتشعبينة"، كما تزيد حركة الشوارع والأسواق والمحلات. عادات توارثتها العائلات المستغانمية جيلا بعد جيل في استقبال شهر رمضان في أحلى وأبهى حلّة، ولا زالت تحافظ عليها من خلال تحضيرات أنواع معينة من المأكولات والمشروبات التقليدية لهذه المناسبة الدينية. ويعدّ تنظيف وطلاء البيوت لدى العائلات المستغانمية عادة وتقليدا سنويا هاما يقومون به في شهر "شعبان"، بحيث تستعد النساء بتنظيف المنزل وغسل الجدران وإعادة طلائها إذا لزم الأمر وتهيئة كلّ صغيرة وكبيرة فيما يعرف ب«التشعبينة"، هذا وتأتي البنات المتزوّجات إلى بيوت أهاليهم لزيارتهم ومساعدة الوالدة في تنظيف البيت. كما تحرص النساء أيام قليلة قبل دخول شهر رمضان على شراء كلّ المستلزمات الغذائية خاصة التوابل ذات الطعم القويّ وبمختلف أنواعها وأشكالها التي يحرصن على اقتنائها، ضف إلى ذلك شراء أواني جديدة كلّ حسب مقدرته لتزيّن مائدة الفطور بما فيها "البخارية" لإضفاء جو من الروحانيات وهي عادة تتشبّث بها العائلات المستغانمية ترحيبا وتبرّكا بهذه المناسبة الدينية الكريمة. وفي هذا السياق، أشارت خالتي "جميلة" إلى أهم التحضيرات التي تسبق الشهر الفضيل بما فيها تنظيف البيوت كأنّهم يتجهّزون لعرس أو ضيف عزيز، فضلا عن شراء الصحون والأواني الجديدة لاستعمالها، فالعادة تقتضي أن يستقبل الضيف الكريم كلّ سنة بأواني منزلية جديدة. وبالرغم من وجود كلّ أنواع العجائن في الأسواق إلاّ أنّ الأمهات لا تزال تحرصن على صناعة شربة "المقطفة" بأناملها الذهبية قبيل قدوم رمضان بأيام حتى تبقى طازجة ومحافظة على قوامها. والمقطفة نوع من أنواع العجائن التي تضاف إلى الحساء، يدخل في تركيبتها الدقيق والماء والملح، تعجن جيدا إلى أن تصبح لينة ثم تفرد على شكل خيوط رقيقة، ويقطع كلّ خيط إلى قطع صغيرة تبرم بالأصابع بين السبابة والإبهام، قبل أن توضع في الهواء لتجفّ، وبعدها تضاف إلى الشربة. وتضيف خالتي جميلة" كما نقوم بتحضير بعض العجائن التقليدية التي تميز موائد الإفطار كالمقطفة وهي نوع من الشوربة التقليدية والقوارط، بحيث نجتمع نحن نسوة الحيّ كلّ يوم في بيت من بيوت إحداهن لتحضيرها قبيل رمضان بأيام". إلى جانب الأطباق التقليدية دأبت العائلات المستغانمية على إعداد بعض المشروبات التقليدية التي تقدّم عند الإفطار أو السحور وهي مقاومة للعطش والجوع من بينها "المحمضة" و«الشاربات". وبالرغم من تغيير بعض العادات والتقاليد التي تحرص عليها العائلات المستغانمية، بالرغم من تنوّع وتعدّد الأطباق العصرية التي أصبحت تقدّمها العائلات على مائدتها الرمضانية إلاّ أنّها لم تستطع زحزحة بعض الأطباق العريقة المتربّعة على عرش مائدة الإفطار الرمضاني بمختلف أنحاء الولاية.