تستعد غينيا للانتخابات التشريعية، التي تمثل الخطوة الأخيرة في انتقالٍ طال أجله إلى الحكم المدني بعد انقلاب عام 2008، أعقبه عامان دمويان أدار فيهما الجيش شؤون البلاد، وتؤكّد التقارير القادمة من العاصمة كوناكري أنّ يوم الاقتراع سيكون عسيرا على الغينين بسبب استمرار القبضة الحديدية بين المعارضة والنظام. وتعرف غينيا منذ شهر مارس الماضي مظاهرات متقطّعة، من تنظيم أحزاب المعارضة كلّما تعثّرت مفاوضاتها مع النظام، حول موعد تنظيم الانتخابات البرلمانية، وتتّهم هذه الأحزاب الرئيس ألفا كوندي بمحاولة تزوير الانتخابات، وتطالبه بالكفّ عن تأجيلها في كل مرة، بعد أن كانت مقرّرة في 2011 أي بعد سنة من وصله إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع بعد عقود من الحكم العسكري. وأثار قرار الحكومة الغينية بخصوص تغيير تاريخ إجرائها من 12 ماي الحالي إلى 30جويلية القادم غضب القواعد الشعبية لتيارات المعارضة، ولجأت إلى شوارع العاصمة كوناكري، أين تشتبك مع قوات الأمن ما أسفر عن مقتل 15 شخصا وإصابة أكثر من 300 آخرين، كان آخرها ما حدث مطلع هذا الأسبوع، حيث قتل ثلاثة أشخاص بالرصاص وسط تبادل للاتهامات، وأصدر مجلس الأمن بيانا يدعو فيه إلى الهدوء وضبط النفس حرصا على استقرار البلد. لكن المرحلة الانتقالية العسيرة التي تمرّ بها غينيا منذ 5 سنوات تضع رهان الأمن مثار شكوك، بسبب انعدام الثقة بين النظام والمعارضة، وتعثّر إجراء الانتخابات التشريعية وتشكيل برلمان يضمن انتقال البلاد من ديكتاتورية العسكر إلى التعددية والديمقراطية. قد تكون الوضعية الحالية التي تعرفها غينيا في الوقت الحالي أصعب من نظام الحكم السابق، فقد انعكس اللاّاستقرار وغياب الأمن على اقتصاد البلد، وفاقم من معاناة السكان ما جعل تأثير المعارضة عليهم أكثر فعالية. ويخشى أن تعرف غينيا نفس السيناريو الذي عاشته عديد الدول الافريقية، باستبدال ديكتاتور مدني بحاكم عسكري يضع دستورا على مقاسه، بحيث يطيل بقاؤه في كرسي الرئاسة يدير شؤون الدولة وفق رؤيته الخاصة وما يخدم مصالحة ونهبه لموارد البلد، ما يكرّس تأخّر البلد وتحطيم كل محاولات النهوض والتنمية واستمرار التبعية للخارج الذي يحصّنه من المحاكم الدولية. ولاشك أنّ الاصرار الشعبي في غينيا على استكمال الانتقال نحو حكم ديمقراطي سيكلّل بالنجاح، أو بانهيار الدولة في حالة تفضيل العنف على الحوار .