بدأ العد التنازلي لموعد الامتحانات النهائية لكل من طلبة السنة الرابعة متوسط والبكالوريا، القلق والخوف هما الشعور الغالب على يومياتهم التي خصّصوها للمراجعة والتركيز على الدروس التي تكون في أحيان كثيرة موضوع أسئلة الاختبار، ''الشعب'' حاولت التقرُّب من هؤلاء لنتعرف عن قرب على تحضيراتهم المادية والمعنوية. كان أول من سألناه عن الامتحان (ريان - ب. خمسة عشر سنة) مُقبل في الأيام القادمة على اجتياز امتحان شهادة التعليم المتوسط بإكمالية حي ''البدر'' بالقبة، وجدناه في دار الشباب للبلدية مع بعض زملائه يراجعون دروس الرياضيات تحضيرا ليوم الحسم، يقول عن ذلك: «كاذب من يقول أن الامتحان تُحدد نسبة نجاحه في الشهر الأخير الذي يسبق موعد إجرائه لأن أوراقه كلها تُلعب طوال شهور السنة الدراسية من أول يوم إلى آخر حصة في البرنامج الدراسي، لذلك أنا اليوم مع زملائي نقوم بمراجعة عامة سبقها اجتهاد وعمل منذ البداية، فكثيرا ما يعتمد الطلبة على الحظ رغم أن الحياة أثبتت أنها مقولة الفاشلين والكسالى''. وعن التوتر والقلق اللذان يَسبقان تاريخ الامتحان صرَّح «ريان»: «في الحقيقة القلق والتوتر لا مفر منهما خاصة إذا كان الأولياء من أولئك الذين يتكلمون عن النجاح في كل وقت كما يفعل والدي الذي لا ينفك يُحذرني من الفشل والرسوب ساعة الأكل والغسل والنوم وفي كل لحظة يراني فيها، ولعلّ مجيئي إلى دار الشباب مرده إلى القلق الذي يشعرني به والدي الذي أصبح بالنسبة لي كابوسا يوميا الخلاص منه لا يكون إلا بالنجاح''. (أمين - س. ستة عشر سنة) طالب في السنة رابعة متوسط يتلقى دروسا خصوصية في إحدى المدارس الخاصة، يقول عن الامتحان النهائي الذي سيسمح له بالانتقال إلى الثانوية: « فشلت السنة الماضية في الحصول على شهادة التعليم المتوسط ما جعلني أعيد السنة الرابعة متوسط للمرة الثانية، هذه المرة أنا أغامر بالفرصة الأخيرة للانتقال إلى المرحلة التالية، في السنتين السابقتين لم أستطع التحكم بما أملكه من معلومات وفي كليهما كانت نتائجي ضعيفة مقارنة بتلك التي تحصلت عليها في السنة الدراسية، ورغم أنني أستفيد من دروس خصوصية في كل المواد، إلا أنني رسبت وبقيت في نفس القسم لسنتين». وعن سبب فشله يقول (أمين - ي. ): «أرجع أساتذي سبب التوتر الذي يمنعني من التركيز أثناء الامتحان ويشتت أفكاري ويجعلني عاجزا عن الإجابة الى مشكلة النسيان التي أعاني منها، لأنني أنسى كل ما اكتسبته من معلومات، فأنا تلميذ مجتهد أتحصل على تشجيع في كل فصل دراسي، أتلقى يوميا دروس تدعيمية تزيد من استيعابي للمقرر الدراسي، ولكن في كل مرة يكون الخوف من الفشل والقلق من النتائج التي سأحصل عليها حملا يُثقل كاهلي يوقعاني في فخ الرسوب، قرر والدي هذه السنة اللجوء إلى مختص نفساني في محاولة أخيرة منه لأتمكن من امتلاك شجاعة مواجهة «غول» اسمه امتحان شهادة التعليم المتوسط».
البكالوريا شهادة يحولها الخوف إلى «غول» (رضا - ي.) طالب بثانوية «علي عمار» بالقبة شهر جوان المقبل سيكون من الممتحنين في شهادة البكالوريا، اقتربنا منه لنسأله عن يومياته مع المراجعة وواقعه مع الخوف والقلق قبل إجراء الامتحان في 2 جوان القادم، فقال: «منذ بداية شهر ماي وأنا في شبه معسكر مغلق لا عمل لي فيه سوى مراجعة الدروس التي حددت لتكون موضوع أسئلة البكالوريا، أنا في سباق مع الزمن أشعر وكأن سنة كاملة لن تكفي لأكون مستعدا للاختبار الذي سيكون نجاحه أول خطوة في عالم الكبار... الجامعة، استقلالية وحياة لم أتعود عليها من قبل، ولكن رغم الجهود التي أبذلها في سبيل التفوق، ومع اقتراب موعد الامتحان ازداد شعور الخوف والتوتر والقلق من الفشل، بل أصبح هاجسا في كثير من الأحيان يكون سببا لتشتت أفكاري''. قلق يراه (رضا) طبيعي ولكن مع ملاحظة أساسية هي عدم سيطرته على الطالب، يقول عن ذلك: « في أول السنة الدراسية يعلمنا الأساتذة أن سر النجاح في البكالوريا هو العمل المستمر والمواظبة على المراجعة طول أيام السنة، لأنها ترسخ المعلومات لا تحشوها فقط في العقل، ولكن دائما يضيفون على طالب البكالوريا ألا يخاف من الفشل إذا كان تحضيره له جيد، ففي أحيان كثيرة يكون الخوف سببا رئيسيا في الرسوب، فنسيان المعلومات والذهول ساعة قراءة أسئلة الامتحان معاناة حقيقية لبعض الطلبة وأنا واحد منهم''. شعور حاول (رضا) تجاوزه ولم يستطع، يتحدث عن ذلك فيقول: « العام الماضي لم أتمكن من الحصول على الشهادة لذلك غيرت هذه السنة الثانوية واستفدت من دروس تدعيمية إلى جانب تخصيص هامش من الوقت للرياضة وممارسة هوايتي المفضلة من أجل التخلص من الضغط النفسي الذي ينتج عن اسم '' شهادة البكالوريا''، والدي ساعدني كثيرا في ذلك ولولاه لما أعدت السنة، لأنني رفضت قبول فشلي وأنا طالب مجتهد ومُجد طوال السنة، أتمنى أن تؤتي كل هذه الإجراءات بثمارها حتى أُسعد والدي وأتمكن من تحقيق حلمي في أن أصبح مهندسا''. بخطى ثابتة...النجاح أكيد لن ندخل في نقاش القلق والتوتر اللذين يشعر بهما الطالب قبل أثناء وبعد الامتحان، لأنه من الناحية النفسية هو طبيعي بل هو عند البعض محفز للنجاح ولكن تجاوزه للحد المطلوب يجعله سلبي يؤدي في كثير من الأحيان إلى الرسوب بسبب حالة التشتت والنسيان التي يعيشها الطالب، لأن الخوف يصبح حاجزا أمام أي فرصة للنجاح. ولعلّ أهم الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الطالب بسبب التوتر والقلق الخلط بين المصطلحات والمفاهيم ما يجعل إجابته غير صحيحة، التسرع في الإجابة دون أخذ الوقت اللازم لقراءة السؤال بتأني أمر قد يكون ورقة رابحة في يد الممتحن، تداخل الدروس والمعلومات ما يجعل الطالب يتوه وسط كل ما ملأ به رأسه في فترة المراجعة. لذلك على الأولياء لعب الدور المنوط بهم بشكل ايجابي بعيدا عن تضخيم الامتحان ووصفه بأنه مسألة حياة أو موت، يجب أن يمنحوا أبناءهم الممتحنين الثقة في أنفسهم أولا وفي تحصيلهم الدراسي لأنهم اجتهدوا وثابروا من أجل النجاح، فقطعة السكر التي كانت أمهاتنا تعطينا إياها صبيحة الامتحان كان لها أثرا نفسيا ايجابيا يكلّل في الأخير بالنجاح لأن الدعم سر آخر من أسرار التوفيق والنجاح .