قدمت أستاذة القانون الدستوري فتيحة بن عبو مقاربات تاريخية واقتصادية واجتماعية وانثربولوجية ونفسية للوصول إلى أحسن الأوقات والطرق لإنجاح مبادرة تعديل الدستور بعيدا عن أية إيديولوجية أو تحيز موكدة أن المصلحة العامة والظروف التي تمر بها البلاد وعقلية المواطن وتوجهات السلطة والوضع الاقتصادي، ومستوى النقاش السياسي والمسار التاريخي منذ الاستقلال يقتضي التفكير جيدا قبل رفع سقف المطالب أو إحداث أي تغيير قد يجعلنا في وضع أسوأ. وأضافت المتحدثة أمس في منتدى ضيف «الشعب» أن مبادرة تعديل الدستور عادية جدا وتحدث دوريا طالما أن العلاقات في المجال السياسي تتطور باستمرار وخاصة بين مختلف السلطات وهذا الأمر يحدث في العديد من الدول بما فيها الغربية، وقالت الأستاذة بن عبو بأن التعديل يمكن أن يمس الكثير من المجالات عدا الثوابت المعترف بها، ودون تغيير التوجهات العامة لأن ذلك سيعتبر دستورا جديدا مثلما حدث في الثمانينات عندما قام الرئيس الشاذلي بن جديد باقتراح دستور 23 فيفري 1989 والذي كان بديلا لدستور 1976هذا الاخير الذي رفض الشعب تغييره في 1986 عندما أراد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد حذف التوجه الاشتراكي. وترى الأستاذة التي كانت ضيف «الشعب» أنه وفي ظل كثرة المشاكل والاختلالات التي تتبع أي تغيير أو تعيين في مناصب عليا، فالأفضل اللجوء للانتخابات سواء لاختيار منصب نائب رئيس الجمهورية أو معرفة مدى قابلية الشعب للدستور، لأن ذلك سيمنح حصانة للبلاد في الظروف والمراحل الاستثنائية مع التركيز على إبقاء بعض المناصب حيادية لتفادي استغلالها لإحداث الفوضى في البلاد. ونبهت في سياق متصل إلى عقلية الشعوب التي تتماشى في غالب الأحيان بالعاطفة وهذا ليس عيبا أو خطأ ولكن الواقع يقول هكذا وعليه فالتوجهات العامة وبعض القرارات التي تتخذ يجب أن تسيطر عليها العقلانية والكثير من الأمور التي تتحكم في تسيير الدول غير مدونة في الدستور وتقتضي التصرف بطرق تضمن حماية المصالح العامة وضمان الاستقرار لأن ظروف الدول تختلف. وأشارت القانونية بالمقابل إلى الوقت الطويل الذي تحتاجه أية دولة لبناء دولة مؤسسات حقيقية تتجاوز مبدأ الزعامات، لأن ما تعيشه فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا والكثير من الديمقراطيات التقليدية راجع لمسار طويل وعريض فيه الكثير من المشاكل والفساد والتضحيات واستغلال الشعوب وغيرها من السلوكات البعيدة عن الديمقراطية. وطالبت في ملف تعديل الدستور ضرورة التفكير جيدا في الصلاحيات الممنوحة لأية هيئات أو مناصب وكتابة ما لها وما عليها وتفادي ترك حالات فراغ أو شغور قد تتسبب في إحداث الفوضى أو ضرب استقرار البلاد أو إثارة حساسيات بين مختلف المناصب. وعن النظام الرئاسي فقد تحدثت السيدة بن عبو عن ضرورة أن تكون السلطات مستقلة ومنفصلة مثل ما يحدث في الولاياتالمتحدةالأمريكية فالسلطة التنفيذية لا يمكنها حل البرلمان - الكونغرس- والرئيس لا يشرع بمراسيم والعدالة بإمكانها جر من تريد إلى المحاكم وبالتالي فالأمر يتجاوز تجميع صلاحيات في يد سلطة معينة.