صدر مؤخرا عن دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع كتاب يحمل عنوان وزراء بين السعادة والشقاء لمؤلفه رابح بوكريش الذي سرد وقائع حقيقية عن حياتهم تدفع القارئ الى التأمل والاعتبار والاتعاظ بما آل اليه هؤلاء الذين تولوا مناصب سياسية، حيث جاء كل ذلك بأسلوب طريف يجمع بين السرد والحوار بعد عرض السيرة الذاتية لبعض منهم. الكتاب من الحجم المتوسط جاء في 262 صفحة تحمل في طياتها مجموعة من الأحاديث واللقاءات والهموم الخاصة ببعض الشخصيات الذين عاشوا مرحلتين مهمتين في السلطة الجزائرية، الأولى في مرحلة الحزب الواحد وبعدها مرحلة التعددية. فمن خلال تصفح هذا الكتاب تتبين لنا أساليب الحكم في الجزائر في هاتين المرحلتين المختلفتين في عالم السياسيين والدبلوماسيين، حيث يكتشف الفرق بين الطبع والتطبع، لهؤلاء الذين طاب لهم المقام ذات يوم، وكيف أصبحوا بعد العزل . ومن هنا يرى البعض أن المنصب الحكومي ليس مهنة دائمة بل يكتسي طابع المهمة المحدودة، من أجل بلوغ أهداف معينة لصالح البلاد والمواطنين، ولهذا ينبغي لأي كان أن لا يتشبث بالمنصب السياسي الذي أتى اليه لأنه لم يدم لغيره، ومن هذا المنطلق عاشوا حياة هادئة وعادية بعد استقالتهم أو تنحيتهم، عكس البعض الآخر الذين عندما تنتهي مهامهم يتحسرون ويتذمرون لافتقادهم بعض العلاقات والامتيازات التي تضمن لهم العيش في مستوى عال. مثل الوزير الذي أصيب بالشلل النصفي حين تمت تنحيته وأصبح وحيدا لا أحد يسأل عنه، حسب ما جاء في صفحات هذا الكتاب. ولم يكتف الكاتب رابح بوكريش بتسليط الأضواء على شخصيات جزائرية فقط، وانما استعان بالتجربة الدولية حيث تطرق الى الحياة اليومية للرئيس الفرنسي »جاك شيراك« وهو بعيد عن الأضواء والسلطة منذ مغادرته قصر الإليزي، والى بعض الرؤساء الأمريكان الذين اسهموا بأدوار مختلفة في الحياة السياسية الأمريكية بعد مغادرتهم السلطة ما جعلهم يدخلون التاريخ العالمي من بابه الواسع ربما أكثر من أيام توليهم السلطة. وهذا من خلال أعمالهم من أجل خدمة البلد والمجتمع. أراد الكاتب من خلال هذا أن يبين أن التقاعد أو العزل من المنصب ليس نهاية المطاف بل هو بداية لحياة جديدة ملؤها الفكر والحركة، وهذا هو الفرق بين الشخصيات العربية والبلدان الغربية. بالاضافة الى ما سبق ذكره تضمن الكتاب بين دفتيه موضوعات متنوعة ومشوقة جاء بها الكاتب منها »المنصب ليس امبراطورية نتربع على عرشها«، »من القرية الى الوزارة«، »وزير لا يخشاه أحد«، »الدخول الى السلطة والخروج منها« وغيرها من اليوميات المختلفة لهذه الشخصيات. ------------------------------------------------------------------------