مرت 8 سنوات على إعلان الرئيس بوتفليقة ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في الخطاب الشهير الذي ألقاه بقصر الأمم يوم 15 أوت 2005 من أجل حل ملف المأساة الوطنية والقضاء على كل ما من شأنه أن يضر أو يمس بأمن وسلامة الجزائر. وقال الرئيس بوتفليقة آنذاك أن تلك الخطوة ستكون «جرعة قاسية للشعب الجزائري» الذي عانى لسنوات من ويلات الإرهاب لكنها ستكون بمثابة حصانة للمستقبل والأجيال الصاعدة، داعيا إلى ترك الوقت والتاريخ ليحكمان على التجربة. ما يحدث في العديد من الأقطار العربية والإفريقية جعل تجربة الجزائر رائدة ومطلوبة بقوة للتخلص من تبعات «الحروب الأهلية» و«العنف السياسي». وتزامنت هذه المحطة مع استقبال رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق ڤايد صالح وقدم له توجيهات من أجل تعزيز الجهود والإمكانيات لتأمين الحدود في صورة تؤكد الحرص الدائم للسلطات للحفاظ على أمن واستقرار الجزائر وجعله أولوية قصوى لمواصلة سياسة التنمية المستدامة التي تعتبر من أكبر رهانات الجزائر للقضاء على مسببات الإرهاب ومحاربة سياسة التهميش والإقصاء والحڤرة. ويمكن أن نقرأ في توجيهات الرئيس بوتفليقة نظرته الاستشرافية لتطور الأحداث ورغبته في تحفيز الجيش الوطني الشعبي الذي قام بعمل جبار على طول 6000 كلم تمكن من خلالها من إجهاض محاولات التسلل والاختراق من التنظيمات الإرهابية بالجنوب الشرقي أو الجنوب الغربي، وحتى الحدود الشرقية. يبقى إجراء انتخابات رئاسية في مالي وفوز أبو بكر كايتا، وتطور الأمور بايجابية لصالح الجيش التونسي في حربه على الإرهاب بجبال الشعانبي على الحدود الجزائرية عوامل مهمة تصب في نظرة الجزائر وحساباتها الجيواستراتيجية، التي كانت دائما على استعداد لمساعدة جيرانها من أجل حدود آمنة وترقية التعاون من أجل تنمية شاملة ومستدامة. ونذكر بأن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في الجزائر قد مكن من إرجاع أكثر من 6700 مسلح الى أحضان المجتمع ومعالجة ملفات أكثر من 6000 مفقود مع تعويض الكثيرين ممن تضرروا اقتصاديا. وخلفت المأساة الوطنية في الجزائر أكثر من 250 ألف قتيل و25 مليار دولار خسائر وهو ما صعب نوعا ما من تجاوز تلك المأساة التي خلفت أضرارا مادية ومعنوية لم تجد الجزائر إلا المصالحة الوطنية لتجاوزها. وعليه فالتركيز على الجانب الأمني وحماية الحدود أهم محور لإنجاح الإصلاحات مع ضرورة انخراط جميع القطاعات الأخرى للتكفل بجميع انشغالات الجزائريين وعدم ترك حماية البلاد على مسؤولية قوات الجيش الوطني الشعبي وأسلاك الأمن المشتركة فتعزيز الأمن والحفاظ عليه يكون من خلال سياسة تنموية شاملة تنتهي بتحصين أمن وسيادة البلاد.