تستقطب الطرق السريعة والمزدوجة على جانبيها هذه الأيام عدد معتبر من الباعة المتجولين عبر المركبات، ورغم الأسعار المغرية التي تكون في معظم الأحيان في متناول الزبائن، خاصة ما تعلق بأسعار الخضر والفواكه، إلاّ أنّ ظروف عرض هذه المنتجات الوافرة بات يشكّل خطرا ويتسبّب في الإزدحام عبر عدة نقاط من طرقاتنا، بعد أن تستولي الشاحنات على الأرصفة ويضطر الزبون الوقوف على حافة الطريق السريع، فهل تتجه هذه الطرقات لتتحول إلى أسواق في ظل استمرار غياب مساحات تجارية مهيأة تستوعب الباعة وتكون قبلة للمواطنين لاقتناء ما يستهلكونه؟ رغم الوفرة الكبيرة من الخضر والفواكه وكذا النوعية الجيدة للمنتجات التي يعرضها باعة المركبات عبر الطرقات، على اعتبار أنّ بعضهم كما أخبرونا يقتنوها مباشرة من حقل الفلاح، إلاّ أنّ ظروف العرض والطلب تثير الكثير من الاستفهامات حول غياب تنظيم لهذه الظاهرة التي استفحلت على وجه الخصوص منذ شهر رمضان الفارط. ولدى الوقوف على عملية العرض والطلب التي تجري على حافتي قلب الطرقات السريعة ومداخل البلديات والمدن، تأكّد وجود خطر وازدحام وتجارة دون رقابة وإزعاج لأصحاب المركبات. قال "مراد"، شاب في بداية عقده الثاني الذي التقيناه في إحدى الطرقات بجنوب العاصمة، أنّ تجارته على الطرق السريعة يجني من خلالها ربحا وافرا رغم أنّ هامش الربح غير مرتفع إلاّ أنّ الكميات الكبيرة التي يسوقها تجعل من تجارته تزدهر، وذكر أنّه يقتني الخضر والفواكه مباشرة من الحقول والبساتين أي من عند الفلاحين، ويعترف أنّ زبائنه من عابري الطرقات، ويقصد بذلك أصحاب السيارات عندما يقفون على المنتوج الطازج والسعر المعقول يقتنون كمية كبيرة. ويصف "عزالدين"، تاجر في بداية عقده الرابع أن الطرقات السريعة تخفّف على أصحاب السيارات عبء التوجه نحو الأسواق، وتمنحهم منتوجا جيدا وبسعر في متناولهم، لذا لا يتقاعسون في التوقف بعض الدقائق من أجل اقتناء ما يستهلكون. وقال عن المداخيل التي تدرها تجارته: "الحمد للّه..إنّها نعمة، أتمنى أن يديمها اللّه علينا..". واستحسن العديد من الذين ركنوا سيارتهم على بعد أمتار من الشاحنات أي على حافتي الطرق السيارة أن المنتوج طازج، وكلّما أعجبهم السعر يشترون الخضر والفواكه بكمية تعادل وزن الصندوق أو أكثر. إذا صارت ظاهرة البيع على جانبي الطرقات السريعة والمزدوجة تنتشر بشكل كبير، فالعشرات من الباعة يعرضون العديد من أنواع الخضر والفواكه الموسمية والواسعة الاستهلاك على غرار البطاطا والبصل والطماطم والفلفل، والتفاح والعنب وما إلى غير ذلك، في منظر جذاب وكأنّك أمام سوق غير مغطاة. وتجد هذه الظاهرة بالعاصمة وخارجها وعبر طرقات رئيسية وأخرى مزدوجة على غرار الطريق الرابط بين الشراقة وعين البنيان وكذا الحمامات، براقي، سيدي موسى، بوقرة، حمام ألوان، البليدة وبوعينان، وبين المدية وبن شيكاو..و..و.. وبالموازاة مع ذلك، تجد تذمّرا كبيرا وسط أصحاب السيارات الذين يزعجهم الازدحام، ويتّهمون هؤلاء الباعة بعرقلة حركة المرور وتأخيرهم عن الوصول إلى الأماكن التي يقصدونها. وهناك من يذهب إلى أبعد من ذلك عندما يحذّر من تسبّب هذه الظاهرة في وقوع حوادث المرور عندما يحاول أصحاب السيارات السير بعد عملية التوقف. فهل تتّجه هذه الطرقات لتتحول إلى أسواق بعد أن غابت المساحات المهيأة لاستقطاب عدد معتبر من التجار وكذا السوق الموازية من أجل السير لتنظيمها بشكل نهائي؟ ويبدو أنّ السلطات المحلية ينتظرها عمل كبير حتى تسير نحو حلول جذرية عن طريق توفير فضاءات تجارية مجهّزة ومواتية تتوفر فيها شروط العرض والطلب.