تعرف العديد من الطرق السريعة، في الجزائر حالة من الفوضى، بسبب الانتشار الواسع لتجارة الخضر والفواكه على جوانبها، خصوصا أن أغلب الشباب وجدوا فيها مخرجا مناسبا للهروب من شبح البطالة، غير أن هذه الظاهرة تساهم بشكل كبير في إعاقة حركة المرور، ناهيك عن تسجيل العديد من حوادث المرور الخطيرة على مستوى هذه الطرق· تعرف بعض الطرق الوطنية، اختناقا مروريا رهيبا بسبب التوقف العشوائي الخطير لبعض أصحاب السيارات، من أجل شراء ما يلزمهم من هذه الخضر والفواكه، في حين لا يكلف فيه البعض الآخر نفسه عناء التوقف وركن سيارته على الجانب، ليكتفي فقط بالتوقف أمام البائع ويطلب ما يريد شراءه من نافذة سيارته، مما أصبح يتسبب في طوابير طويلة ولا متناهية من السيارات، وتؤدي إلى الكثير من الشجارات بين مستعملي ذلك الطريق، وإذا اعتبرنا هذه الظاهرة قديمة نسبيا، إلا أنها عرفت انتشارا واسعا مؤخرا، ولم تقتصر فقط على أبناء تلك المنطقة، بل امتدت إلى قدوم باعة غرباء من المناطق المجاورة· وعليه فحالة الفوضى والأوساخ المنتشرة على حواف الطرقات، بسبب بقايا الخضر والفواكه والأكياس التي تشوه المكان، جعلت ردود أفعال المواطنين متباينة، ما بين مؤيد ومعارض لهذه التجارة الفوضوية على حواف الطرقات السريعة والفرعية على السواء، إذ قال أحد المواطنين، وهو موظف بالعاصمة ويقطن ببلدية مفتاح إنه يستعمل يوميا نفس الطريق، وهو نفسه الذي يستغله العديد من الباعة لعرض سلعهم المتنوعة، خاصة وأنه مشهور بانتشار تجارة البطاطا على حوافه، مما اعتبره أمرا جيدا بالنسبة للموظفين أمثاله الذين لا يجدون الوقت الكافي لاقتناء ما يلزمهم، فيما أن وجود هؤلاء الباعة في الطرق السريعة التي يستغلونها يوميا للذهاب إلى مقرات عملهم أو منازلهم، سهل الأمر عليهم، مضيفا أيضا بأن انخفاض أسعارها مقارنة بأسعارها في الأسواق، زاد من حدة الطلب عليها· في المقابل وصفها آخرون بالتجارة الخطيرة والمشينة في آن واحد، ففي حين أنها تشوه جمال المنطقة من خلال النفايات التي تخلفها نتيجة لعدم تنظيف هؤلاء الباعة للمكان، إلا أنها تزيد أيضا في عدد الحوادث المرورية الخطيرة، بالإضافة إلى الاختناق المروري الرهيب الناتج عن سلوكيات بعض المواطنين الذين يرفضون الوقوف في الأماكن المناسبة· وبغض النظر عن الطرق السريعة وغيرها، فحتى الأحياء السكنية لم تسلم من ظاهرة التجارة الفوضوية، ففي حي 720 مسكن بعين النعجة جسر قسنطينة مثلا اقتحم الباعة الفوضويون جل الحي تقريبا، ابتداء بالأرصفة المخصصة للمارة وصولا إلى المساحة المخصصة لركن سيارات السكان، لتمتد إلى حدود الاستيلاء على مكان انتظار الحافلات، مما اضطر المواطنين إلى استعمال الطريق المخصص لسير السيارات والحافلات، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعّرض حياتهم لخطر الإصابة بحوادث خطيرة تؤدي إلى الموت أحيانا، ناهيك عن الأوساخ المنتشرة وبقايا الخضر والفواكه الفاسدة التي شوهت المنظر الجميل الذي كان عليه الحي سابقا، بالإضافة إلى انبعاث الروائح الكريهة من المفرغات العشوائية، والحشرات الضارة كالبعوض، والحيوانات كالقطط والكلاب الضالة· وأمام هذه الأوضاع الكارثية، يناشد السكان والمواطنون السلطات المعنية من أجل التدخل الفوري للحد من نشاط التجار الفوضويين، والتجارة الفوضوية ككل، سواء على مستوى الطرق السريعة أو الأحياء، لا لسبب سوى حماية أنفسهم من الحوادث الخطيرة والكوارث الصحية الناجمة عنها·