مرت اليوم سنة كاملة على الانتخابات المحلية التي عاشتها الجزائر بتاريخ 29 نوفمبر 2012، ويعود معها الحديث عن طبيعة آداء المنتخبين المحليين الذين نالوا ثقة الشعب في هذا الموعد الاستحقاقي الهام، ومدى تجسيد الوعود الانتخابية التي حملتها برامج هذه التشكيلات السياسية، إضافة إلى عدة تساؤلات أخرى تظل مطروحة أبرزها نوعية العلاقة بين الإدارة أو الجهاز التنفيذي والمنتخبين كهيئة استشارية وقوة اقتراح في الميدان من جهة والمواطن من جهة أخرى، الذي ينتظر تحسين ظروفه نحو الافضل. أجمعت الأراء التي قامت بها «الشعب» مع عدد من المنتخبين المحليين ببومرداس، أنّ تجربة سنة على عرش المجلس البلدي والولائي هي في الحقيقة غير كافية لتقييم مدى تطبيق البرامج الانتخابية وتحقيق الوعود التي قدمت للمواطن طيلة أيام الحملة الانتخابية، خاصة تلك المشاريع الحيوية التي تتطلب وقتا كافيا ومدة أطول لإنجازها، إلا أن هذه الآراء تقاطعت في عدة نقاط مشتركة وهواجس عبر عنها بصراحة ممثلو «الشعب» في هذا الاستطلاع، أبرزها مشكل الصلاحيات التي قلصت من هامش المناورة واتخاذ الإجراءات اللازمة والقرارات الحاسمة في عدة قضايا مطروحة على الساحة المحلية دون العودة في كل مرة إلى المسؤول الأول على الجهاز التنفيذي، إضافة إلى بعض العراقيل الإدارية وقضية المراقب المالي الذي تم تنصيبه مؤخرا عبر عدد من بلديات الولاية التي زادت هي الأخرى من تعقد الإجراءات والتعاملات المالية فيما يتعلق بالتغطية المالية للمشاريع والتكاليف المتعددة. من جهته، حاول المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي للولاية رمي الكرة في شباك بعض المنتخبين المحليين خلال الدورة العادية الثالثة للمجلس الولائي التي انعقدت نهاية الأسبوع الماضي، الذين لا يبادرون حسب قوله إلى استغلال برامج التنمية المحلية في شتى المجالات معلقا بالقول: «على الذي يخاف من الإجراءات الإدارية أن يبقى في بيته ولا يقدم نفسه كمرشح لخدمة المواطن..»، هو كلام وجّهه والي الولاية إلى المنتخبين بسبب حالة الانسداد التي تعيشها بعض البلديات وغياب المداولات على المشاريع المقترحة وحتى المتابعة والمبادرة الشخصية للاستفادة من مختلف البرامج التنموية، وخاصة برامج التنمية الريفية المندمجة لتهيئة المناطق النائية، وبالتالي كل المبررات المقدمة حول الإجراءات البيروقراطية تبقى بنظر الوالي مجرد حجة لعدم التحرك الميداني. رئيس بلدية تيمزريت «غياب الصلاحيات شلّت حركتنا..»
لقد أخذت «الشعب» في هذا الملف بلدية تيمزريت النائية بأقصى جنوب الولاية عينة لمحاولة معرفة طبيعة العلاقة بين المنتخب المحلي والإدارة في علاقة تحمل الكثير من التشنج وغياب الانسيابية في هذه العلاقة، فكل طرف يحمل مسؤولية العرقلة إلى الطرف الآخر. وهنا يعلّق رئيس بلدية تيمزريت السيد برارة أعمر مصرحا ل «الشعب» عن تجربة سنة بوجوده على رأس المجلس الشعبي البلدي وكيف يقرأ قانون البلدية الجديد: «صراحة أنا لا أرى تغييرا أو مكتسبات جديدة للمنتخب المحلي في قانون البلدية لسنة 2011، بل لمست فيه تراجعا مقارنة مع قانون 90، وبالتالي فإنّ الحديث عن الصلاحيات الواسعة تبقى مجرد حلم للمنتخب المحلي الذي يبقى في صراع دائم مع البيروقراطية الإدارية عبر سلسلة طويلة من الإجراءات قد تبدأ من تاريخ الاستفادة من المشروع، ثم كيفية تجسيده في الميدان، مرورا بمرحلة التمويل والمراقبة المالية التي يقوم بها المراقب المالي بعد أشهر من الانتظار، وهي عملية تضييع للوقت وليست في صالح المواطن أبدا»، يقول رئيس بلدية تيمزريت. كما طالب رئيس المجلس الشعبي البلدي لتيمزريت اعمر برارة بتطبيق مشروع لا مركزية تصريف الأموال من أجل السماح للمنتحبين بتطبيق مشاريعهم التنمية المحلية في إطار المداولة داخل المجلس دون العودة في كل مرة إلى الموافقة المسبقة خاصة ما تعلق بالبرامج البلدية للتنمية قائلا: «نطالب بكل الصلاحيات ثم نحاسب في النهاية من قبل العدالة في حالة وجود تجاوزات قانونية أو استغلال للنفوذ، بالإضافة إلى هذا طرح مير تيمزريت مشكل غياب التنسيق بين الإدارة والبلديات خاصة في مجال تدعيم البلديات بالوسائل الضرورية». وهنا انتقد طريقة إعداد مشروع الميزانية الأولية للولاية التي تتم دون استشارة المنتخبين على حد قوله، مقدما مثالا عن احتياجات البلدية المقترحة في التقارير المرفوعة المتمثلة في شاحنة لرفع القمامة في حين خصصت الميزانية الأولية غلاف مالي لاقتناء كاسحة ثلوج المتواجدة أصلا بحظيرة البلدية وقف تصريحه. هذا ولمست «الشعب» أيضا خلال هذا الاستطلاع وجود غياب تنسيق تام حتى بين المنتخبين المحليين أنفسهم أي بين ممثلي الشعب في المجلس الولائي ووممثليه بالمجلس البلدي. وهنا تعلّق السيدة مقراني عضو المجلس الولائي عن بلدية دلس: «معاناتنا ليست فقط في الجانب الإداري، بل هناك غياب تنسيق وإشراك في الاجتماعات والمداولات المحلية بين المنتخبين أنفسهم مقدمة مثالا عن ذلك بالمجلس الشعبي البلدي لدلس الذي احتكر لوحده كل القرارات دون إشراك فعاليات المجتمع المدني وممثلي الأحياء وحتى أعضاء المجلس الولائي عن المنطقة، وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول طبيعة التسيير المحلي ومن يتحمل مسؤولية الانسداد وعرقلة مشاريع المواطنين الذين ينتظرون مشاريع التنمية لترقية إطارهم المعيشي، وتحسين مستوى أداء الخدمة العمومية من قبل مختلف الهيئات الإدارية المحلية».