إذا كانت سياسة القضاء على أزمة السكن قد استعصت رغم المجهودات الكبيرة التي قامت بها الدولة، فإن السبب يعود حسب العارفين بالملف الى عدة اسباب، منها ما هو موضوعي وما هو ناتج عن عدم احترام القوانين من طرف المشرفين المباشرين على العملية، فبولاية تيارت التي تعتبر من الولايات التي بها أكبر عدد من السكنات الفوضوية والهشة بسبب تعاقب وتراكم الطلبات وقلة الحصص المخصصة للولاية في سنوات التسعينيات حتى أصبح لا تخلو مدينة أو بلدية من السكنات الهشة او ما يسمى بشعار «ابني واسكن»، ولا سيما السكان القاطنين بأحياء ما يسمى بمشروع قسنطينة 1957 والتي بنيت لكون جل مدن تيارت استوطنت من طرف المعمرين، الذين طردوا الجزائريين آنذاك الى الاكواخ كأحياء سيدي عبد الرحمان ولا سيتي بمدريسة وملاكو والسوقر وفرندة وتاخمارت وغيرها من المدن، حيث لا تزال هذه السكنات تشوه منظر المدن. وقد أحصت ولاية تيارت الألف من السكنات الهشة ولا سيما بعاصمة الولاية بحيي كارمان وواد الطلبة، حيث تمّ ترحيل عدد معتبر من حي واد الطلبة الذي يعتبر فوضوي بنسبة تفوق 70 بالمائة، بينما تم إعادة إسكان حي لطرش والوادي بمدريسة بسكنات لائقة، غير أن بعض الأحياء الاخرى لا تزال تنتظر دورها. أما بسيدي عبد الرحمان فإنّ قاطني مشروع قسنطينة لا يزالون في انتظار التفاتة، وببلدية عين كرمس فان العملية شهدت بعض الخلل، حيث احتج حينها السكان الذين يعيشون في ظروف مزرية، بينما تم إسكان مواطنين لا تزال سكناتهم صالحة وهي بالوسط الحضري، وقد تمّ تهديم سكنات لائقة ولا يزال حطامها أو تهديم بعض الجدران ممّا أصبح يشوه المنظر بدائرة عي كرمس وببلدية مدريسة وبحي الوادي، فإنّ الداخل للمدينة من جهة الطريق الوطني رقم 90 يشاهد خراب لا يزال يخيّم على الجهة الشمالية للمدينة، والداخل إليها يخيل له أنّ زلزالا قد حلّ بالمنطقة بسبب عدم جمع الركام عقب هدم السكنات الهشة التي تمّ ترحيل أصحابها إلى سكنات لائقة. أما بدائرة فرندة فإنّ قائمة المسجّلين على قائمة الهدم شهدت مشاكل عديدة ادت الى ايفاد لجان محلية، وإذا كان المستفيدون من السكنات الهشة قد تنفسوا الصعداء وساعدهم الحظ على الحصول على سكنات فإن طالبي السكن والذين لا يملكون سكنات هشة حتى يتحقق حلمهم، فإنّ السكنات التي توزّع في هذا الإطار الهشة قد تحد من حظهم في الاستفادة من السكن لكون الحصص المخصص للهش تحسب لكل بلدية في حصتها في الحصول على السكنات الاجتماعية أو بجميع الصيغ المخصصة للسكنات. وحسب الاحصائيات فإنّ ولاية تيارت استفادت خلال الخماسي الحالي من 4800 حصة سكنية من أصل 7 آلاف سكن مسجل سنة 2007 في إطار عملية إحصاء السكنات الهشة، ويبقى العدد الباقي في انتظار التسوية زيادة على أنه ورغم الاجراءات المشددة على عدم تكرارا تشييد سكنات هشة جديدة، لكن العملية في تزايد بسبب النمو الديمغرافي و تحسين الوضع المعيشي التي تشهده الجزائر. وحسب الاحصائيات، فإنّ الجهة الجنوبية لولاية تيارت هي التي تكثر بها السكنات الهشة مقارنة بالجهات الاخرى، ويعود السبب إلى عدم تطبيق القوانين الردعية التي تنص على عدم تشييد اي بناية دون تحقيق شروط تسوية الوثائق و الحصول على اذن بالبناء كرخصة البناء وشهادة المطابقة وغيرها من الوثائق، وتبقى الدولة لوحدها تدفع إلى توفير السكن للمواطن وتشييده في غياب سياسة يساهم من خلالها الخواص في التخفيف من ازمة السكن التي هي قنبلة موقوتة لأي حكومة مهما كانت قدرتها المادية بسبب تفاقم الظاهرة وتزايد عدد السكان وتفكك المجتمع، حيث كانت الدار الكبيرة تتّسع لعدد معتبر من الأشقاء المتزوجين ويبقى السؤال مطروحا حول متى تنتهي أزمة السكن عندنا؟