أثرى عدد من المخرجين الجزائريين الساحة الفنية بعدد كبير من الأفلام الأمازيغية، التي انطلقت في شمال إفريقيا بداية التسعينيات من القرن الماضي، لتضاف إلى رصيد الفن السابع في الجزائر، حيث أضحى مخرجون وفنانون يتسابقون لإنتاج هذا النوع من الأفلام، بهدف إعطاء الثقافة الأمازيغية مكانتها في العالم. يعدّ عبد الرحمن بوقرموح، أب السينما الأمازيغية، أول مخرج جزائري دخل السينما العالمية في بداية التسعينيات، بإخراجه لأول فيلم أمازيغي مقتبس عن رواية الأديب الجزائري الكبير "مولود معمري" بعنوان "الربوة المنسية". بوقرموح ناضل لأجل السينما الأمازيغية، حيث أثمر جهده عن تأسيس مهرجان الفيلم الأمازيغي، الذي ظلّ يحضر فعالياته إلى أن وافته المنية. وما يعرف عن المخرج الراحل عبد الرحمن بوقرموح أنّه باحث كبير في الثقافة الأمازيغية وأحد المدافعين عنها، كان صديقا للكاتب الكبير مولود معمري، حيث اشتركا في النضال ضد الاستعمار الفرنسي. خلد بوقرموح رفيقه باقتباس رائعته الأدبية "الربوة المنسية" التي أصدرها عام 1952، وتمّ تصويرها سينمائيا عام 1995، وتحصّل هذا الفيلم على جائزة الزيتونة الذهبية في الدورة ال 12 لمهرجان الفيلم الأمازيغي عام 2012. بوقرموح يفتح باب السينما الأمازيغية فتح بوقرموح الباب على مصرعيه أمام مخرجين جزائريين أثروا السينما الجزائرية، التي أعلنت على مر السنوات عن ميلاد أفلام ناطقة بالأمازيغية، من بينها "جبل باية" للمخرج الراحل عزالدين مدور، الذي يعدّ أحد روائع الإنتاج السينمائي الجزائري، وثاني فيلم ناطق بالأمازيغية بعد فيلم "الربوة المنسية"، الذي رصد فيه تاريخ حياة سكان منطقة القبائل في السنوات الأولى من دخول الاستعمار الفرنسي للجزائر. وتدور أحداث الفيلم حول الشرف والثأر الذي كان يميز عادات وتقاليد أبناء هذه المنطقة من خلال قصة "باية" التي قتل أحد أبناء الحكام الموالين للاستعمار زوجها بغية الاقتران بها، بعد أن وقع في حبها، لكنها ترفض ذلك وتسعى جاهدة إلى الثأر لمقتل زوجها. كما استطاع المخرج الجزائري من خلال عمله السينمائي تصوير العلاقات الإنسانية بين سكان القبائل، فضلا عن التكافل الاجتماعي بين أبناء القرية الواحدة، من خلال الصور والمشاهد التي تبرز عاداتهم وتقاليدهم المتوارثة. "البيت الأصفر"...رصيد آخر وتوالت الانتاجات، حيث قدّم المخرج الجزائري عمور حكار الفيلم الروائي المشترك الجزائري الفرنسي "البيت الأصفر" الناطق باللهجة الشاوية، حيث تدور أحداثه في جبال الأوراس الأشم، من خلال "البيت الأصفر" الذي يكشف عن قصة قروي بسيط أصيب بفاجعة وفاة ابنه الوحيد، الذي كان يؤدي الخدمة العسكرية، ليبدأ رحلة استعادة رفاته، إلاّ أنّ القروي الذي يعيش في عزلة تامة أنهكه ثقل البيروقراطية القاتلة، ولكنه يكتشف في نفس الوقت طيبة وتضامن أبناء البلد في الأوقات المؤلمة. اللهجة الترقية تقتحم الفن السابع أثرى المخرج إبراهيم تساكي السينما الجزائرية بفيلم ناطق باللهجة الترقية بعنوان "إيروان" أو "كان يا ما كان"، حيث سمح هذا الفيلم لأبناء الصحراء للاستمتاع بأفلام ناطقة بلهجتهم. يسلّط الفيلم الضوء على رجل الجنوب الذي يتخلى عن أصوله لأجل مستقبل مجهول، حيث تدور أحداثه في أعماق الصحراء الجزائرية وبالضبط منطقة جانت إليزي، من خلال قصة حب تجمع الشاب الترقي "أميياس" بفتاة أوروبية تدعى "كلود". ويكشف المخرج من خلال عمله قضايا خطيرة، حين سلّط الضوء على صفقات مشبوهة يعقدها والد كلوديا والتي تسمح لرجال الشمال بتحويل الجنوب إلى مفرغة لرمي المواد السامة. القضية يكشفها يوسف الأصم والأبكم شقيق مينة عندما يذهب إلى الجبل الملعون بحثا عن "زهرة الصحراء" أمام رفض أخته الخائفة من لعنة الجبل، وهناك يجد صهاريج المواد السامة ملقاة لتلوث محيط الصحراء الجميل، ليخبر عند عودته شقيقته وصاحب الحانة بما رآه. أفلام أخرى في الطليعة إلى جانب ذلك تدعّمت السينما الجزائرية بأفلام أخرى عديدة، كان لها الأثر على الفن السابع، من بينها فيلم "ماشاهو" الذي عرض في السينما والتلفزيون، وحقّق نجاحا واسعا، علما أنه ترجم إلى اللغة العربية وقدّم في حلقات ويروي تمسك العائلة القبائلية بتقاليدها والأخلاق المتوارثة. في حين يقدم "تينهنان..حضارة التوارق" للمخرج السينمائي ربيع بن مختار، رؤية عن شخصية الملكة تينهنان، الأم الروحية للتوارق بتمنراست، أو كما يعرف عنها المرأة الكثيرة الترحال والسفر. أما "المفرغة الممنوعة" فهو فيلم وثائقي لصاحبه يني طاهر، المستمد من الواقع البيئي المزري المعاش بقرى ومدن ولاية تيزي وزو، حيث جالت كاميرا المخرج خلال 26 دقيقة عبر مختلف الفضاءات المستغلة فوضويا كمفارغ عمومية، لتبرز في نهاية المطاف الأخطار المحدقة بصحة الإنسان الغير المبالي. وأثرى إسماعيل يزيد الساحة الفنية بفيلمه الاجتماعي "بابا موح"، الذي يتحدث عن صراع الأرض والإرث بمنطقة القبائل، الذي فاز بجائزة الزيتونة الذهبية لأحسن فيلم طويل، للطبعة ال 12 من المهرجان الثقافي الوطني السنوي للفيلم الأمازيغي. في حين يعود الفيلم الأمازيغي "إيدير" للمخرج الجزائري طاهر حوشي، والذي يروي فيه على مدار 15 دقيقة، قصة طفل في أول يوم له بالمدرسة يواجه مشكل تعلم لغة تعدّ أجنبية بالنسبة له. وحاز "إيدير" على جائزة أحسن فيلم قصير في الدورة السادسة لمهرجان "إسني نورغ" الدولي للفيلم الأمازيغي بأغادير بالمغرب، مناصفة مع فيلم إسباني، كما تمّ عرضه في العديد من المهرجانات الدولية.