سيكون عشاق السينما بداية من اليوم على موعد مع مع الفيلم الروائي الطويل"جبل باية" بقاعة "الموقار" بالجزائر العاصمة، للمخرج الراحل عز الدين مدور الذي يسعى الديوان الوطني للثقافة والإعلام لإحياء أعماله السينمائية خلال هذا الشهر، في إطار موعد "فنان في الواجهة". حيث سيتمكن جمهور قاعة الموقار بداية من اليوم وإلى غاية يوم الجمعة المقبل بمعدل أربع حصص في اليوم من متابعة مجريات الفيلم الروائي "جبل باية" الذي يعد أحد روائع الإنتاج السينمائي الجزائري، و ثاني فيلم ناطق بالأمازيغية بعد فيلم "الربوة المنسية" للراحل عبد الرحمان بوقرموح. "جبل باية" الذي عاد في تصوير تاريخي إلى حياة سكان منطقة القبائل في السنوات الأولى من دخول الاستعمار الفرنسي للجزائر، عقدت حبكته حول قضية الشرف والثأر الذي كان يميز عادات وتقاليد أبناء هذه المنطقة، فبعد أن قتل زوج ''باية'' من طرف ابن أحد الحكام الموالين للاستعمار الفرنسي قصد التزوج بها بعد أن ذاع حسن هذه المرأة الجميلة بكامل منطقة القبائل، تتسلم بعدها دية من والد القاتل، ويحاول أبناء قريتها الاستيلاء على قيمة تلك الدية، قصد إعادة بناء قريتهم التي دمرها المستعمر، بالإضافة إلى إنعاش الزراعة وتربية المواشي التي كانت مصدر العيش الوحيد لأبناء تلك المنطقة بعد أن هربوا إلى الجبال من ظلم الحكام الموالين للاستعمار بالإضافة إلى إصرارهم على تزويجها لقاتل زوجها قصد كسب رضى الحاكم، ''باية'' ترفض رفضا قاطعا تلك الفكرة، وتؤكد دائما أن تلك الدية ستكون نفسها دية قاتل زوجها بعد أن يثأر ابنها الوحيد لدم والده المهدور، وذلك ما حصل بعد أن صار ابن باية شابا واستطاع بأمر من والدته أن يثأر لدم أبيه، وقتل ابن الباي في ليلة زواجه، لتكون نفس الدية التي تلقتها ''باية'' في زوجها، هي دية المقتول لوالده، استطاع عز الدين مدور الذي ولد في ماي 1947 في منطقة سيدي عيش بولاية بجاية، عبر فيلمه هذا تصوير الجانب الإنساني الذي كانت تعيشه منطقة القبائل، والتكافل الاجتماعي بين أبناء القرية الواحدة، من خلال مناظر ''التويزة'' في الحقول أو بناء المنازل، إضافة إلى تركيزه أكثر على الصورة والرمزية بدل التصريح المباشر، وما تحمله في ثقافة سكان القبائل، خاصة ما تعلق بالمرأة وطقوس الزواج وما يتبعه، كلقطة حرق باية لبرنوسها مثلا في حالة رفض ذلك الزواج. الفيلم الذي أنتج سنة 1999، استطاع من خلاله المخرج عز الدين مدور، إبراز الوجه الحقيقي لسكان منطقة القبائل وإظهار تمسكهم بالعادات والتقاليد المتوارثة حتى وإن كان ثمنها الدم والروح كما حصل لبطلة الفيلم ''باية'' في النهاية، و قد سبق لهذا العمل و أن شارك وفي إحدى دورات المهرجان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط بتيطوان، إذ تم عرضه على الجمهور المغربي، وترك انطباعا جيدا في أوساطه ولدى السينمائيين المغربيين، ولأن العمل كان رائعا، فقد تحصل على جائزة لجنة التحكيم في فئة الفيلم الطويل، وكانت لجنة التحكيم تضم أسماء قوية وبارزة في السينما العالمية، وبالتالي تم إطلاق اسم عز الدين مدور على الجائزة بعد وفاته، ليعكس بذلك قيمة الإبداعية العالية للمخرج الذي رحل سنة 2000 عن عمر يناهز 52 سنة دون أن يتمتع بالصدى و الأثر الذي تركه هذا العمل السينمائي. المخرج الراحل عز الدين مدور الذي درس الأدب الفرنسي بجامعة الجزائر، ثم تخصص في دراسة السينما في جامعة موسكو بروسيا في سنوات السبعينيات، استطاع بعد عودته إلى أرض الوطن أن يخرج العديد من الأفلام القصيرة للمؤسسة الوطنية للإنتاج السمعي البصري، بالإضافة إلى عدة حصص تلفزيونية وأفلام وثائقية، من بينها أعماله ''الفتاة والفراشة'' سنة 1982، ''كم أحبك'' سنة 1985 ، وقائع وحقائق 1990 ، ''أسطورة'' 1991 ، ''جرجرة'' 1992 ومن بين الأفلام الطويلة التي أخرجها وحققت صدى واسعا هو الفيلم الناطق بالأمازيغية ''جبل باية''، الذي سيكرم عبره اليوم بقاعة الموقار. مليكة.ب