يشيع جثمان المخرج السينمائي عبد الرحمان بوقرموح، اليوم، بمسقط رأسه بإغزر أمقران ببلدية أوزلغان التابعة لولاية بجاية، وقد وافته المنية أول أمس الأحد بمستشفى بيرطرارية بالجزائر العاصمة اثر مرض عضال عن عمر ناهز 77 سنة. توفي عبد الرحمان بوقرموح بعد صراع مرير مع المرض أدخله المستشفى وبقي مدة أسبوعين، وبذلك فقدت الساحة الفنية رائدا من رواد السينما الجزائرية وأحد مؤسسي الفن السابع الناطق باللغة الأمازيغية، إذ قام بإخراج أول فيلم بالأمازيغية ”الربوة المنسية ” سنة 1996 المقتبس عن رواية للكاتب الكبير مولود معمري تحمل العنوان نفسه. وعلى إثر هذا المصاب الجلل، عزت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي أسرة الفقيد وكل الأسرة الثقافية الكبيرة، في بيان تلقت ”المساء” نسخة منه، وأوردت أن وزيرة الثقافة قد تلقت ببالغ الحزن والأسى خبر وفاة المخرج السينمائي القدير عبد المالك بوقرموح. وذكر البيان نفسه أنه برحيل بوقرموح، فقدت الساحة الفنية والثقافية واحدا من أبرز مبدعيها الذين برزوا وتألقوا في مجال السينما وخاصة السينما الأمازيغية. وعمل الفقيد بداية من السنوات الأولى للاستقلال إلى جانب الجيل الأول من السينمائيين الجزائريين، على غرار محمد لخضر حامينة الذي عمل مساعدا له في فيلم ”وقائع سنين الجمر” الحاصل على السعفة الذهبية سنة 1978، وفي شهادات من يعرفون الرجل، أشادوا بجودة أعماله السينمائية ورفعة أخلاقه وسمو قيمه التي تحلى بها، وقد نوهوا بالدور الذي لعبه طيلة مسيرته الفنية في إبراز السينما الجزائرية والارتقاء بالفيلم الأمازيغي على وجه التحديد. وعن رحيل المخرج عبد الرحمن بوقرموح يقول السيد بوجمعة كارش المدير السابق لمتحف السينما الجزائري (سينيماتيك العاصمة)، أن بوقرموح يبقى تلك القامة الفنية التي أعطت الكثير للسينما الجزائرية ومن أحسن السينمائيين الذين اشتغلوا على الجانب الجمالي في أعماله. وقال بشأن ”الربوة المنسية”، أن الكثير يتحدثون عن هذا الفيلم كأول عمل باللغة الأمازيغية، ولكن بالنسبة لي ما يشدني فيه هو ”النوعية السينمائية العالية التي تضاهي المستوى الجمالي للرواية”. وأضاف أن بوقرموح أبهر بأول أعماله الروائية والذي بشر بمستقبل كبير لهذا المخرج، مبرزا خصال الرجل، الذي كان ، ”شاعرا”. ومن جهته، نوه السيد الهاشمي عصاد محافظ مهرجان الفيلم الأمازيغي بخصال الرجل، الذي كما قال - ساند هذا المهرجان منذ نشأته ورافق مختلف دوراته بالتشجيع وتقديم المساعدة للشباب الهواة. وكان السينمائي الراحل قد ترأس الدورة السابعة لمهرجان الفيلم الأمازيغي المنظم بتلمسان في 2007 كما تحصل على جائزة ”الزيتونة الذهبية” في الدورة ال 12 للمهرجان (2012) عن فيلمه ”الربوة المنسية”. وكان للفيلم - حسب السيد عصاد - أثر كبير على السينما الجزائرية والفيلم الأمازيغي على وجه الخصوص، حيث جمع أوجها بارزة للثقافة الأمازيغية أمثال مولود معمري والفنان الكبير الراحل شريف خدام الذي أنجز موسيقى الفيلم. من جهته، ذكر الممثل عبد الحميد رابية، أن عبد الرحمن بوقرموح من بين الذين شكلوا ”النواة الأولى” من جيل المخرجين ورجال الثقافة، كما ساعد على وضع اللبنات الأولى لإنشاء مؤسسات سينمائية بعد الاستقلال على غرار المركز الوطني للسينما الجزائرية الذي أسس سنة 1963 قبل أن يحل 4 سنوات بعد ذلك. ومن جهته، أشاد الممثل أحمد بن عيسى الذي عرف بوقرموح سنة 1978 خلال تصوير فيلم ”عصافير الصيف”، بالقيم الإنسانية والمهنية التي تمتع بها الفقيد، فكان المخرج ”ذا حكمة لا متناهية ومثقفا وصاحب مبادئ وحريص على هويته، بالإضافة إلى كونه شاعرا إنسانيا”. وتحدث حسان الحاج عبد الرحمن الذي أدار العديد من المؤسسات الثقافية، عن القيم التي كان يتحلى بها المخرج عبد الرحمن بوقرموح والتي نجدها في معظم أعماله الفنية، واستحضر رفيقه الممثل سعيد حلمي بدايات المخرج بالإذاعة الوطنية، حيث نشط حلمي أولى الحصص الإذاعية المخصصة للأطفال والتي أعدها بوقرموح. ولد عبد الرحمن بوقرموح سنة 1936 وبدأ مشواره الفني في بداية الستينيات كمساعد مخرج بعد دراسات بمعهد السينما ”ايداك ” بباريس (فرنسا). أنجز الفقيد العديد من الأعمال الفنية في أواخر الستينيات من أفلام قصيرة وأشرطة وثائقية، كما عمل مع المخرج محمد لخضر حمينة كمساعد مخرج في فيلم ”وقائع سنين الجمر” الذي فاز بالسعفة الذهبية في دورة 1975 من مهرجان ”كان”. وقد أنجز خلال مسيرته الفنية أفلاما طويلة أخرى، فعلى غرار ”الربوة المنسية” أخرج كذلك فيلم ”عصافير الصيف” سنة 1978 و«كحلة وبيضاء” في 1980 و«صراخ الصخر” سنة 1986.