في هذا الإطار، جاء مشروع قانون محاربة الجرائم المعلوماتية الذي صادق عليه مجلس الوزراء مؤخرا في انتظار عرضه على البرلمان لمناقشته وإقراره. وحسب حسين مبروك مدير المدرسة العليا للقضاء، فان مشروع القانون هذا يزيد من تعزيز التدابير الكفيلة بمواجهة هذه الجرائم المرتبطة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وهي جرائم تفرض الاختصاص القضائي والتكييف الجزائي والمعارف القانونية مع المستجدات في هذا المجال. وأضاف حسين مبروك للصحافة على هامش ملتقى ''الجرائم المعلوماتية'' الذي تنظمه وزارة العدل يومي 13 و14 ديسمبر الجاري بالمدرسة العليا للقضاء، بالتعاون مع المدرسة الوطنية للقضاء الفرنسية، أن الجزائر التي تدرك خطر هذا النوع من الإجرام، تأخذ من اتفاقية المجلس الأوروبي لسنة ,2001 الإطار الأنسب للتحرك ضد قرصنة المعلومات وتخريب البرامج والغش وتزوير العملة والإرهاب. وكلها جرائم زادت استفحالا في هذا الظرف وعجلت بالتجنيد الدولي والتخلي عن القاعدة السلبية المألوفة ''تخطي راسي''. ورأى مدير المدرسة العليا للقضاء، أن الاتفاقية الأوروبية تعد المرجع المهم والسند القوي لمحاربة الجريمة المعلوماتية، وكل الدول تعود إليها بما فيها الولاياتالمتحدة وكندا وغيرها من الدول التي وضعت الخطر في قائمة المستعجلات. وقررت حربا بلا هوادة ضد الجريمة الالكترونية عابرة الحدود والأوطان. وعن وضعية الجزائر في محاربة الجريمة الالكترونية، أكد سي حاج محند ارزقي مدير التكوين بوزارة العدل، أن العشرية السوداء أخرت عملية تعميم تكنولوجيات الإعلام والاتصال وقلصت من خطر الجريمة الالكترونية وجعلت الاختراقات التي تحدث من الداخل في الغالب دون الحجم الكبير، ولم تأت من الخارج. واعترف سي محند ارزقي بان خطر الجريمة الالكترونية موجود والجزائر ليست في منأى عن استفحاله خاصة مع انتشار الانترنيت. وقال انه من الضرورة بما كان اتخاذ التدابير اللازمة وتحصين الذات عبر تكوين العاملين المعنيين من قضاة و الأمن الوطني والدرك والأمن العسكري، وتكثيف التعاون الدولي والشراكة، وهو ما يتولاه الملتقى المنظم حول الجرائم الالكترونية الذي نشطه الخبيران الفرنسيان برنار سيميي نائب رئيس محكمة رين، وجورج دوسوكال محافظ شرطة المديرية المركزية للشرطة القضائية بباريس. وقال سيميي، انه يعرض التجربة الفرنسية في محاربة الإجرام الالكتروني، وما يتطلبه من دقة التحريات والتحقيق، يتولاها عناصر الأمن والدرك بأمر قضائي. وأضاف سيميي أن فرنسا أصدرت في عام ,2004 تشريعات لمحاربة الإجرام الالكتروني بإصلاح الإجراءات الجزائية حول الحبس الاحتياطي الذي تقلصت فترة الحجز به إلى أربعة أيام كأقصى التقدير. وأوضحت التدابير كيفية وضع كاميرات المراقبة للحد من الجرائم المعلوماتية، وهي جرائم تجندت أوروبا ضدها، وسخرت كل السبل والوسائل، وتحارب عبر آليتا البوليس الدولي ''انتربول'' والأوروبي ''اوروبول''، والقضاء الأوروبي ''اوروجيستيس''. وسمحت هذه الآليات بملاحقة المجرمين ومحاكمتهم متى توفرت الأدلة ضدهم. وصار بالإمكان تسلم أي رعية أوروبية متورطة للمحاكمة في أي دولة تمتلك الأدلة تجعلها محل الاتهام والمطاردة دون اعتراض احد وامتناعه. ومن جهته، أكد جورج دوسوكال محافظ شرطة المديرية المركزية للشرطة القضائية بباريس على حدة الجرائم المعلوماتية التي تجاوزت المعقول وباتت هاجس المجتمع الدولي بلا استثناء. وذكر دوسوكال أن 80 في المائة من التحريات التي تولتها هيئته كانت خارج الحدود الفرنسية مما يعطي القناعة الراسخة أن الجريمة الالكترونية بلغت درجة من الانتشار لا يمكن السكوت عنه وإغماض الأعين عليه. وأعطى محافظ الشرطة الباريسية أمثلة عن الجماعات الإرهابية التي توظف الانترنيت في تمرير السموم والأخطار، وشبكات تبييض الأموال وتزوير الوثائق والعملات وكل الجرائم الأخرى التي تهدد مباشرة امن الدول واستقرارها. ------------------------------------------------------------------------