بالرغم من أن الجزائر دخلت في منطق رئاسيات 2014... هذا لا يمنع أبدا بأن الاستمرارية في الخيارات الاستراتيجية الاقتصادية ستزداد تجذرا في الاتجاه الرامي الى تقوية المؤشرات بالشكل الذي يشجع على مواصلة العمل وفق هذه الرؤية الصحيحة والسليمة في آن واحد.. فآخر التقارير الصادرة عن البنك العالمي والديوان الوطني للإحصاء تشير الى انخفاض البطالة الى مستوى 9.8٪ بعدما كانت 30٪ في نهاية التسعينات وتقلص نسبة التضخم الى 3.5٪ والنمو ب4٪ ...هذه العينات المذكورة ماهي الا ترجمة عملية لكل هذه النظرة القائمة على مبدأ استحداث التوازنات المالية الكبرى والقدرة على تمويل المشاريع الضخمة وحماية الدينار من كل الانزلاقات، وتغطية العمليات التنموية واستعادة القاعدة الصناعية. هذه الحلقات المترابطة هي روح كل هذه الخيارات الاستراتيجية الاقتصادية في الجزائر.. تحوّلت الى خط ثابت لا يمكن التراجع عنه أبدا كونها ركائز لبناء منظومة متكاملة في الأداء المالي والتجاري مع تعزيز المؤسسة في كل هذه الحركية لتكون المحور في خلق الثروة وتوفيرالقيمة المضافة والتوجّه الى آفاق واعدة منها خاصة التصدير بإقحام الأسواق الخارجية. لابد من الذهاب بعيدا في تقرية الاقتصاد الجزائري، وهذا بإزالة ذهنية التردد، ومقابل ذلك التفتح على المبادرة في التسيير والعمل وفق المقاييس السائرة المفعول في عالم المال والأعمال وهنا تكون الدولة أداة تنظيم لكل هذا الزخم.. لتبقى الأمور في اطارها القانوني، وعليه فإن السلطات العمومية تنشط في هذا الصدد وهو التوفيق والتوازن في تسييرالاقتصاد بالحفاظ على ماهو بحوزتها والسعي لاسترجاع ما يساهم في عدم هذه القدرات الهائلة. والجزائر الآن بصدد تثمين اقتصادها داخليا مع تحصينه خارجيا.. ونعني بذلك وضع آليات وضوابط واضحة وفي نفس الوقت راديكالية للحيلولة دون تسجيل أي طوارئ أو مواقف غير متوقعة، لذلك فإن السلطات العمومية ترى في الاستقرار الاقتصادي العامل الأكثر فعالية في المتابعة الشاملة لسريان الفعل المالي والتجاري وبالتوازن مع ذلك هناك سهر على عدم ادخال أي تغييرات على قيمة الدينار الجزائري، وهذا لمنع الصدمة أولا.. وإبعاد القلق تجاه المساس بالعملة الوطنية في تعاملها واستعمالها في اطار المراد لها ورفض المغامرة في ربطها مع نظيرتها الأجنبية قد تؤدي الى متاهات أخرى.. لا تسمح بالخوض فيها نظرا لدقتها وحساسيتها. لذلك فإن الجهات المسؤولة والسلطات النقدية اخرجت الاقتصاد الجزائري من المجهول والغموض ونعني بذلك أنها رفضت أن يكون رهين المؤسسات المالية الخارجية التي بمجرد أن تعصف بها أزمات حادة تجر معها الباقي بحكم الصلة الوثيقة في المعاملات.. لذلك فإن هناك حيطة وحذر في عدم السقوط في أي مغامرة او الوقوع في أي فخ، خاصة وأن العلاقات الاقتصادية الدولية الراهنة لا ترحم ومن أخطأ في قراءته لها يدفع ثمنا باهضا لا يستطيع النهوض بالسهولة المرجوة.. ولنا في اليونان خير مثال، كل الوصفات المعدة لهذا البلد من مؤسسات إقليمية ودولية لم تجعله يتعافى بالسرعة التي كان يأملها الجميع.. وفي كل مرة تتعقّد أمور هذا البلد أكثر فأكثر. وفي الاقتصاد لا نستبعد أي فرضية في هذا الشأن، خاصة في حالة ما يعرف بالتبعية للخارج.. صحيح هناك الرغبة العيمقة في العمل على الاندماج في الاقتصاد العالمي من خلال الانضمام الى المنظمة العالمية للتجارة على سبيل المثال، وتبعا لذلك فإن الجزائر أحدثت "ثورة" في ترسانتها القانونية قصد جعلها تتماشى مع المستجدات الحالية في مقتضيات التجارة، كاحترام العلامات الأجنبية والتحكيم بأبعاده الدولية في قضايا خلافات معينة وكيفية تحويل الأرباح بالعملة الصعبة وتوسيع مجال الاستثمار، كل هذه الجوانب وغيرها مدرجة في التشريعات الجزائرية بصفة واضحة وهي جزء لا يتجزأ من تلك المقاربة الشاملة للاقتصاد المبني على الواقعية في مساره أي اتباع القطاعات المتحكم فيها مع التركيزعلى تنمية وتطوير المجالات الأخرى القادرة على تحسين المؤشرات الأساسية في سقف المقاييس العالمية. ولاستكمال دائرة هذه الخيارات الاستراتيجية للاقتصاد الجزائري هناك الاعتكاف على استرجاع القاعدة الصناعية، التي توّجت بمركّب الحجار ومنجم غار جبيلات ومصنع الزجاج والتكفل بتخصصات في هذا المجال كالجلود وغيرها وهذا من أجل اضفاء طابع النجاعة على هذا الوجه في ترقية هذه الصناعات التي تعرضت الى ضائقة مالية فيما سبق وتمّ التخلي عنها. وكل هذا الإشراف الحازم على الصناعة الجزائرية لا ينظر لها اليوم على أنه حمل يثقل كاهل السلطات العمومية في تسييزه بل بالعكس هو مسؤولية حتمية لإنعاش الاقتصاد الجزائري بالشكل الذي يكون فيه قادرا على المنافسة وتلبية الطلبات.. والأكثر من هذا حمايته من كل المحاولات الرامية لإضعافه او" البزنسة" به.. فالدولة تدخلت بقوة في كل المواقع التي رأت فيها بأن هناك تلاعبات وتحايلات باسم القانون مع الإصرار على وضع بند حق الشفعة في كل الشراكات مع المتعاملين.. هذا ما سجل مع "جيري" و«ميشلان" والحجار ومصنع الاسمنت " لافارج" مع إدراج قاعدة 49 - 51، لإبراز تواجدها في هذا الفضاء لكبح جماح أي تجاوزات او تحويل الأموال بطرق منافية للقانون مع ترسيخ أولوية العوائد، هذا ما أدى بجميع هؤلاء الشركاء الى احترام الجزائر في تعاملها الاقتصادي معهم وفق قاعدة الشفافية بعيدا عن الفوضى في التنظيم كما يحدث لدى الكثير من البلدان التي أساءت فهم معنى دعه يعمل .. دعه يمر".