أوضحت المحامية، فاطمة الزهراء بن براهم، أن ما قامت به فرنسا الاستعمارية بالصحراء الجزائرية بتاريخ ال13 فيفري 1960، هو أول تفجير نووي وليس تجربة والمسمى «اليربوع الأزرق»، كما ادعت، حيث أنه منذ سنة 1956 بدأت في إنشاء المراكز العسكرية والنووية للقيام ببرنامجها النووي. داعية إلى تصحيح المفاهيم من طرف بعض المؤرخين. وأشارت المحامية ل»الشعب»، إلى أن بعض المؤرخين يتحدثون عن «موضوع التفجيرات النووية دون الاستناد إلى الوثائق، ومنهم من يدعي أن الجزائر ليس من حقها المطالبة بالتعويض»، قائلة أنها رفقة الخبير بمركز الأبحاث النووية بالعاصمة، عمار منصوري، من يملكان الوثائق الدقيقة حول الموضوع، كونهما على اطلاع دائم بمستجدات القضية. وحول الإجراءات القانونية لمقاضاة فرنسا على جريمتها، أجابت المحامية بن ابراهم «أننا لا نملك ما يكفي من الوثائق لمقاضاة فرنسا، ويجب المطالبة بالأرشيف لمعرفة ما جرى بدقة». وترى بن براهم أنه قبل مقاضاة أية دولة أو شخص ينبغي تكوين ملف موضوعي مرفق بالأدلة المقنعة، كون فرنسا لم تعترف أبدا بأنها قامت بتفجيرات نووية، وكل الوثائق التي تكشف جريمتها احتفظت بها في خانة ما تسميه بالسر العسكري. وحسبها يجب التحصن بقوة القانون والمعرفة لمقاضاة فرنسا. وأضافت أن فرنسا بعدما أنهت تفجيراتها بصحراء الجزائر، أخذت كل الوثائق والمنشآت والعتاد الذي له علاقة بالتفجيرات، دون أن تترك بصمات عن جريمتها ضد الإنسانية، كما أنه لا أحد سألها عما فعلته منذ 1967، مما جعلها قوية. وفي هذا السياق دائما، أوضحت المحامية أن أول إجراء يوصلنا للمطالبة بالتعويض والعقاب هو علنية الانفجارات النووية في الجزائر وهو ما تم بالفعل من خلال المحاضرات التي قدمتها محدثتنا والباحث عمار منصوري حول الموضوع، ما جعل العالم يدرك أنه ليس اليابان أو دولة أخرى من تضررت من التفجيرات النووية بل الجزائر هي أول هذه الدول التي تضررت، والأكثر من ذلك أننا كنا في حالة سلم وليس حرب حين أجريت التفجيرات. وثاني خطوة قالت محدثتنا هو المطالبة برفع السر العسكري عن الأرشيف الذي يحتوي على وثائق تظهر عناصر الجريمة وحجمها، وبعد الحصول على هذه الوثائق يمكن المرور إلى المرحلة الأخرى وهي إعادة الأماكن إلى حالتها الطبيعية وتكاليفها تقع على عاتق المجرم وهي الدولة الفرنسية، والمطالبة بالكشف عن أماكن تواجد النفايات النووية. مشيرة إلى أن رئيس الجمهورية وافق على مخطط السرطان الذي قامت به المحامية بالتنسيق مع جمعية الأمل لإنشاء مراكز ومنشآت وطنية حديثة لعلاج المتضررين، لكن تكلفة هذا العتاد تقع على عاتق الدولة الفرنسية. «البلوتنيوم» خطر دائم على الإنسان والحيوان وفي معرض حديثها، نبهت السيدة بن ابراهم، إلى خطر مادة «البلوتنيوم» الذي استعمل في التفجيرات وأثاره القوية على الإنسان والحيوان والبيئة على حد سواء، مؤكدة بالاستناد على الأدلة العلمية أن حياة هذه المادة السامة تدوم 24 ألف و400 سنة، وحين تزرع في الأرض وجسم الإنسان فإن حياتها تكون 244 ألف سنة، ولهذا لا يمكن الحديث عن الإحصائيات لأن سم هذه المادة وأثارها على الإنسان تبقى مدى الحياة، وتعمل على إتلاف خلايا جسم الإنسان، مما يخلق تشوهات في جسم الجنين. وفي هذه النقطة، دعت محدثتنا إلى ضرورة إدراج مصطلح الجريمة المتواصلة في قاموس القانون الدولي، كفكرة قانونية جديدة، وجريمة الدولة لا تزول بزوال الرجال لأن فرنسا كانت تعرف نتائج تفجيراتها، وديغول قام بها بأمر من الحكومة الفرنسية. وبالمقابل، قالت المحامية أنه بعد ضغط محامي دفاع ضحايا العسكريين الفرنسيين ومعهم المتحدثة، نشرت الحكومة الفرنسية التقرير السري في الأنترنيت لمدة خمسة عشرة يوما، مما أثار ضجة كبيرة فقام الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي سنة 2008 بغلق الأرشيف العسكري بصفة نهائية، ومنع الباحثين والحقوقيين من الاطلاع عليه. وأضافت بأن إثبات العسكريين الفرنسيين الذين كانوا متواجدين آنذاك بموقع التجارب كونهم يملكون بطاقات العسكري، والمطالبة بتعويضهم من طرف حكومتهم تساعد الطرف الجزائري كثيرا لأن هؤلاء العسكريين يصبحون بمثابة شهداء على الجريمة الفرنسية، لأنهم يعطون معلومات دقيقة عن كيفية إجراء عملية التفجيرات، وبالتالي يصبح الجزائري متضرر من التجارب. لاسيما بعد تأسيس جمعيتهم، حيث أصبح صداهم أقوى. وبالموازاة مع ذلك، ذكّرت بن براهم بقانون موران 2010 الذي أصدره البرلمان الفرنسي لتعويض الضحايا، حيث حصر فيه الفرنسيين الذين كانوا موجودين بالموقع من مدنيين وعسكريين، وبلونزيا دون تحديد المناطق، مع استثناء الجزائريين من كونهم ضحايا التفجيرات النووية، قائلة:» قرأت هذا القانون واطلعت عليه جيدا، فالجزائريون غير معنيون به، كما أن شروطه التطبيقية مستعصية على العسكريين الفرنسيين للحصول على وثائقهم، مما دفع محامي الدفاع سيسيل لرفع دعوى قضائية والمطالبة برفع السر العسكري». وأضافت بأن القضاء الفرنسي أمر بفتح الأرشيف للأشخاص المعنيين بالقضية للحصول على الوثائق، مما مكن الطرف الجزائري من الحصول على الوثائق بصورة غير مباشرة وبالتالي بتأسيس الملف الجزائري خطوة بخطوة، قالت بن براهم. وكشفت في هذا الإطار، أنه لأول مرة بتاريخ ال20 جانفي 2014 ، قام البرلمان الفرنسي بتنظيم يوم برلماني حول «الصدى الإنساني للتجارب النووية» شارك فيه المجتمع المدني الجزائري، والمختصين، أين قدمت المحامية بن براهم محاضرة قيمة، حيث أعجب مسؤول سابق في الحكومة الفرنسية بالطرح الجزائري، وتم تسجيل الجزائر ضحية وإخراج الملف العسكري من السرية.