دخل العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة الجريحة أسبوعه الثالث ولا يوجد مؤشر على إيقاف الهمجية والجنون بالرغم من النداءات الملحة والمسيرات والمظاهرات العارمة عبر العالم المضطرب. وهي مظاهرات مستمرة منددة بجريمة الإبادة ضد سكان غزة وأهاليها الذين رفضوا الاستسلام لليأس للاحتلال وتمسكوا بلا تردد بالحق المقدس ..حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة عاصمتها القدس الشريف . ولم تجد الصرخات المطالبة بوقف الجنون الإسرائيلي آذانا صاغية من مقرري السياسة والعسكريتاريا والحرب.لم تجد المقترحات المروجة هنا وهناك تجاوبا مع الدولة العبرية التي يتمادى قادتها في جرائم الحرب متحدين المجتمع الدولي بأكمله ومحكمة الجنايات التي تطبق سياسة الانتقائية والمكيالين حسب المصلحة والنفوذ وحسابات الربح والخسارة. الأخطر أن قادة الدولة العبرية الذين اظهروا التماسك والتلاحم هذه المرة عكس ما جرى في حرب تموز بجنوب لبنان، يسيرون على خط واحد. ويرددون هدف واحد وحيد.ويتبادلون الأدوار في الترويج بلا انقطاع أن وقف الحرب على غزة ضرب من الوهم ما دام الغاية المعلنة لن تبلغ، والمقصد لن يصل إليه. وذكر بهذا الطرح كل مسؤول في القيادة الإسرائيلية كلما طرح مشروع سلمي في الأفق، وكلما صيغت أفكار ومبادرات من اجل وقف الحرب الإسرائيلية الجنونية. ويكشف القادة الإسرائيليون صلابة الموقف لقبر كل بادرة سلمية من أي جهة كانت بالادعاء الخاطئ أن حربهم مستمرة على حماس من اجل كسر الصواريخ التي تمطرهم وتضرب عمق الكيان الإسرائيلي وتهدد أمنه. وترافق إسرائيل هذا الموقف بتصعيد العدوان بتوظيف افتك الأسلحة وأقواها دمارا في ضرب كل شيء يتحرك في قطاع غزة الذي لم يخرج من حالة الحصار الطويل ولم يلتئم جرحها ، وبقيت منطقة مفتوحة لكل الخيارات والرهانات. شيء واحد خفي عن القادة الاسرائيلين الذي لم يدركوا حقائق الأشياء. ولم يصلوا إلى قناعة تعيد حساباتهم الاستراتيجية وخططهم السياسية.أن حرب الإبادة المشينة لن تثني من عزيمة المقاومة الفلسطينية التي ولدت لتبقى.وتواصل النضال إلى آخر محطة مصيرية استرجاع الوطن المسلوب مهما طال الزمن. وكثرت المؤامرات والمناورات. شيء واحد تبادر للذهن أن حرب الإبادة الإسرائيلية التي تضرب بلا انقطاع غزة، وترافق بحملات دعائية تطالب السكان بمغادرة ديارهم في سعي وهمي لعزل المقاومين عن الشعب، أعطت نتائج عكسية.فهي لم تنجح في إحداث حالة انفصال بين المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة، ما دام الجميع ينهل من الثورة والتحرر، ويحمل هموما واحدة وتطلعات واحدة ممثلة في استعادة السيادة المنقوصة على فلسطينالمحتلة. شيء واحد طرأ إلى السطح أن آلة الدمار الإسرائيلية ولدت التلاحم في الوسط الفلسطيني. وغذت شرارة المقاومة وروح التحرر من إملاءات المحيط المجاور المشتت حامل التناقضات والانقسامات والتشرذم وكل الصفات القبيحة في الجغرافيا والتاريخ، تتغذى منها الدولة العبرية وتكسب كل عناصر القوة من اجل التسلط وفرض الوجود والغلبة العسكرية إلى إشعار آخر. لكن هذه القوة لا يمكنها الإبقاء على حالة التفوق والغلبة وفرض الإكراهات على الشعب الفلسطيني في ظل تنامي روح المقاومة الفلسطينية التي تشكل حرب استنزاف لعدو متمادي في السير على الخطأ لتغليب الخيار العسكري على الخيارات الأخرى الأكثر جدوى ونجاعة على الإطلاق . وتكسب المقاومة الفلسطينية المتانة والقوة في وجود شعب ملتف حولها مؤمن إلى حد الثمالة بأن ما اخذ بالقوة لا يسترد بغيرها. والأمثلة الحية أعطتها المقاومة في لبنان وتعيد حماس نشوة التجربة بغزة معيدة الأمل الضائع والثقة المفقودة، مجسدة المبدأ المقدس ''ما ضاع حق وراءه طالب'' . ------------------------------------------------------------------------