تعيش الساحة السياسية على وقع حراك بوتيرة فرضتها مبادرات بعض التشكيلات السياسية المحسوبة على المعارضة في إطار منافسة تجري فيما بينها تخص التموقع، والتي جاءت كنتيجة حتمية لإعلان الدولة عن مبادرة تعديل الدستور الذي قدم للطبقة السياسية عموما مادة دسمة. فبين مؤيد ينتظر ترجمة نتائج المشاورات التي أشرف عليها رئيس ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيي في الميدان، ومعارض يحاول ركوب الموجة لرسم معارضة تمكنه من التموقع سياسيا، تعيش اليوم الساحة حركية تحسبا للحدث ميزتها الأساسية تنافسا كبيرا بين أحزاب المعارضة تحت غطاء تعديل أسمى القوانين في حرب غير معلنة. بعد الإعلان عن تعديل الدستور، وجدت بعض الأحزاب سبيلا يحول دون دخولها في فترة ركود كما جرت العادة في أعقاب أي استحقاق انتخابي، فيما استمرت تشكيلات أخرى اعتادت الظهور في الساحة السياسية على غرار جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحزب العمال وجبهة القوى الاشتراكية وكذا حركتي مجتمع السلم والنهضة، في النشاط بنفس الوتيرة مع التركيز على تعديل أسمى القوانين، باعتباره مفصلي ويكتسي أهمية بالغة. ولعل أبرز المبادرات تلك المقترحة من قبل حزب المعارضة "الأفافاس" الذي باشرت قيادته سلسلة لقاءات مع مختلف التيارات والمجتمع المدني، تحضيرا لانعقاد ما بات يعرف ب«ندوة الإجماع الوطني". وكما كان متوقعا تباينت الطبقة السياسية حولها بين مؤيد ومعارض، وبين من يتمسك بمبادرته في محاولة للبروز لاسيما وأن صفوف المعارضة في حد ذاتها تعيش على وقع تنافس على الريادة. ويحسب ل "الأفافاس" الذي تمكن في الانتخابات التشريعية عام 2012 من العودة بقوة واحتلال صدارة أحزاب المعارضة رغم المقاطعة مفتكا حصة الأسد من المقاعد البرلمانية بعيدا عن حزب العمال وحركة مجتمع السلم وغيرها من التشكيلات الأخرى التي تصنف نفسها في خانة المعارضة، تسجيل التفاف حول مبادرته حتى من قبل الأحزاب غير المعارضة على غرار "الأفلان" الذي رحبت قيادته بالفكرة.وإذا كانت قيادة الحزب العتيد قد زكت مبادرة "الأفافاس"، فان الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون قد صرحت في وقت سابق خلال اجتماع اللجنة المركزية بأنها ليست على علم بفحوى المبادرة دونما رفض مبدأ الاطلاع عليها، لكنها في المقابل شددت على ضرورة التعجيل بمسار الإصلاح السياسي ويتعلق الأمر بتعديل الدستور، "لإرجاع الكلمة للشعب لتجسيد الديمقراطية ولتحصين البلاد بتقوية الجبهة الداخلية". وبين مؤيد ومعارض، فان اللافت للنظر أن الساحة تشهد حراكا طغت عليه المنافسة الكبيرة بين أحزاب المعارضة التي تريد التموقع بقوة، بعد التغيرات التي طرأت على المشهد السياسي في ظل عودة بعض الأحزاب على غرار "الأفافاس"، ومحاولة أخرى محسوبة على التيار الإسلامي بينها أحزاب تكتل الجزائر الخضراء المكون من حركات مجتمع السلم والنهضة والإصلاح الوطني العودة مجددا وفرض نفسها بعد تراجعها خلال مختلف المحطات الانتخابية، وهي التي انخرطت في التنسيقية الوطنية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي. وعلى الأرجح فان الإعلان عن فحوى التعديلات الدستورية وهي أهم نقطة في الأجندة السياسية، ستعطي دفعا جديدا لهذا الحراك.