تعيش الساحة السياسية في المرحلة الراهنة حراكا غير مسبوق بالنظر إلى تعدد المبادرات الرامية إلى إنعاش الوضع السياسي وتكريس مزيد من الديمقراطي بما يسمح بالتأسيس لمرحلة جديدة تطبعها دولة القانون ونظام سياسي واضح الملامح وذلك بإشراك كل الفاعلين السياسيين، وبين مبادرة لرئيس يريد الوصول إلى التوافق حول الدستور، تنسيقية تسعى إلى فرض واقع جديد بعيدا عن السلطة القائمة، ياتي دور حزب جبهة القوى الاشتراكية التي نادت بندوة وطنية من اجل الوفاق تجمع كل أبناء الجزائر على طاولة الحوار دون أي إقصاء أو تهميش. أثار ترشح رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية جديدة لغطا كبيرا في الوسط السياسي والشعبي على حد سواء بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة التي أقدم عليها الرجل، بوتفليقة كانت له مبرراته التي عبر عنها في عديد المناسبات وبالفعل خاض التجربة وحقق فوزا ساحقا على خصومه في انتخابات أفريل ,2014 ومباشرة بعد ذلك قدم الرئيس مشروع التعديل الدستوري التزاما منه بما قدمه من وعود في الحملة الانتخابية، ومن ثم شرع في مشاروات خصت أكثر من 150 فاعل سياسي استعدادا لتعديل دستوري معمق يسمح بتأسيس الجمهورية الثانية التي دعا إليها الرئيس. من جهتها قررت بعض أحزاب المعارضة مرفوقة ببعض الشخصيات الوطنية مقاطعة السلطة القائمة وتأسيس تنسيقية من اجل الحريات والديمقراطية والتي أرادت من خلالها أن تضع أرضية خاصة بها دون أن تعترف بالنظام القائم كشريك سياسي أو فاعل، وهذا ما لا لم يؤت أكله حتى بين الأحزاب السياسية، حيث هجرتها قوى المعارض وكذا بعض الشخصيات التي فضلت بناء كيان سياسي خاص بها. ويبقى انه في وسط هذا الحراك التزم حزب جبهة التحرير الوطني بمبادرة الوطنية، حيث انه لم يعارض التنسيقية واكتفى بدعم رئيس الجمهورية الذي هو رئيس الحزب وقدم مقترحاته وتصوراته منة أجل تعميق المسار الديمقراطي، لتأتي مبادر حزب جبهة القوى الاشتراكية التي سعت إلى تقريب بين وجهات النظر من خلال فتح قنوات الحوار والتشاور بين كل لفاعلين والدعوة إلى ندوة وطنية من اجل الوصول على توافق وطني وهو نفس الهدف الذي أراده بوتفليقة. وبمجرد أن ذاع صيت هذه المبادرة، نفسها الأحزاب التي كانت تدعو الأفافاس على الانضمام إليها وتشيد بمواقفه، راحت تنقده وتحاول تشويه صورته لأنه قبل بأن يكون النظام طرفا في الحوار ويجلس رفقة كل الفاعلين السياسيين إلى طاولة الحوار، وبالنظر إلى هذه المواقف الإقصائية التي عبر عنها أعضاء التنسيقية من أحزاب وشخصيات، فإن هذا التكتل وجد نفسه مهمشا وبطريقة تلقائية، حيث أصبح يغرد خارج السرب بعيدا عن مقربات سياسية ملموسة يمكن أن تتبناها الطبقة السياسية. ووسط هذا المد والجزر تبقى التنسيقية تائهة تبحث عن هوية خاصة بها في الوقت الذي فضلت فيه عديد الشخصيات والأحزاب أن تنضم إلى مبادرة حزب جبهة القوى الاشتراكية وفي مقدمتها أحزاب الموالاة على غرار حزب جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني الديمقراطي، لا سيما وان نظرة الأفافاس بعيد كل البعد عن المقاربة الإقصائية التي أراد أن يكرسها البعض وهذا تحضيرا لندوة جامعة تشرك كل أبناء الجزائر في تحديد مصير هذا الوطن.