تباينت مواقف الطبقة السياسية من المقترحات المطروحة في الظرف الراهن و المتمثلة أساسا في مراجعة الدستور و إجراء انتخابات برلمانية مسبقة التي من شأنها تكريس التغيير المنشود، إلا أن القاسم المشترك بينها مراجعة قانوني الانتخابات و الأحزاب، كما أنها تقاطعت في ضرورة الكشف عن فحوى الإصلاحات السياسية المعلن عنها من قبل القاضي الأول في البلاد ممثلا في شخص رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة إحياء ذكرى عيد النصر . أعطى رئيس الجمهورية بإعلانه عن إجراء إصلاحات سياسية ترافق الإصلاحات الشاملة التي عاشت على وقعها الجزائر خلال الأعوام الأخيرة، دفعا لحراك التشكيلات السياسية المعارضة و غير المعارضة في محاولة منها للتموقع في الخارطة التي سيفرزها التغيير الناجم عن الإصلاحات المرتقبة و لعب دور في المرحلة المقبلة. وإذا كانت بعض التشكيلات على غرار الحزب العتيد و حزب العمال و كذا حركة مجتمع السلم قد أعادت بعث مسألة تعديل الدستور على اعتبار أنها خطوة هامة لتكريس الإصلاحات و التغيير، فان التجمع الوطني الديمقراطي ما يزال متشبثا بمواقفه إذ أنه طالما عارض رفع مقترح التعديل من قبل الأحزاب مبررا موقفه بأن هذه المسألة تقع ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية كما أن الطبقة السياسية غير مؤهلة للقيام بذلك لأن الأمر يعود لأهل الاختصاص، ما دفع به إلى توجيه انتقادات لاذعة إلى زميله في التحالف «الأفلان» في 2006 عندما رفعت قيادته مقترحات إلى رئيس الجمهورية للقيام بتعديلات جوهرية. وفي غضون ذلك تحركت بعض الأحزاب الفتية التي تريد أن تكون بديلا للأحزاب الحالية التي انتقدها المختصون في العلوم السياسية مؤكدين فشلها مستندين في ذلك إلى فقدان المواطن للثقة فيهم و تفضيل لغة الاحتجاجات، مثلما هو الشأن بالنسبة للجبهة الوطنية الجزائرية بقيادة موسى تواتي الذي علق مشاركة نواب حزبه مؤخرا في البرلمان احتجاجا على مشروع قانون البلدية و طالب بنظام برلماني و بتعديل الدستور. وفي الوقت الذي يصر فيه حزب التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية على التغريد خارج السرب من خلال تمسكه بما أضحى يعرف ب «مسيرات السبت» رغم أن المشاركة فيها منعدمة باستثناء بعض الأعضاء الذين يعدون على رؤوس الأصابع، فان حزب القوى الاشتراكية بقيادة زعيمه ايت أحمد فضل أن يلعب الدور الايجابي للمعارضة ما يتلاءم مع وزنه في الطبقة السياسية ، و تكرس تحركاته من خلال اتصالات جمعت بين زعيمه و الأمين العام السابق للحزب العتيد عبد الحميد مهري بالإضافة إلى رسالة وجهها إلى مناضلي الحزب بمناسبة تجمع شعبي أهم ما جاء فيها «يجب أن نكون قادرين على إعطاء أفضل ما لدينا ليس من خلال أعمال بطولية و خارقة مزيفة بل من خلال الانضباط الذي نجيد الالتزام به و هو التزام سيجبرنا على إعطاء أحسن ما لدينا يوميا من اجل البناء ثم البناء والبناء...». وعلاوة على تعديل الدستور، فان الدعوة إلى انتخابات برلمانية مسبقة هي الأخرى نقطة اختلفت حولها الأحزاب بين مؤيد و رافض، ففي الوقت الذي أبدت فيه أحزاب الأغلبية في البرلمان ممثلة في أحزاب التحالف الرئاسي معارضتهم الشديدة للمبدأ و في مقدمتهم الأمين العام ل «الأفلان» عبد العزيز بلخادم، فان لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال تعتبرها خطوة لا بد منها للتغيير. وعلى الأرجح فان الأحزاب عموما تعيش حالة ترقب في انتظار الكشف عن محتوى الإصلاحات المعلن عنها.