ما نستخلصه من ردود الأفعال عقب الاعتداء الإرهابي على الأسبوعية الفرنسية الساخرة، هو أن حرية التعبير عندهم ذات اتجاه واحد ووحيد: المساس بكل ما يسيئ للسامية يعاقب عليه وقد صدر قانون خاص يُزجّ بمقتضاه في السجن كل من يتجرأ على الإساءة ولو بكلمة واحدة لليهود، متناسين أن أغلبنا ينتسب أيضا إلى السامية. كان اعتقادنا الأول، أن مثل هذا السيناريو جاء لينقذ أحوال فرنسا الداخلية من ضائقة اقتصادية وتدحرج سمعة رئيسها والبحث عن تلاحم بين اليسار واليمين، لكن سرعان ما احتوته الصهيونية ووظفته لأغراضها ومصالحها. تصرفات مهينة ضد مسلمي هذا البلد تُسجّل يوميا تجعلنا نتساءل، هل فرنسا تريد القطيعة مع الجالية المسلمة بصنفيها الحامل للجنسية الفرنسية أو القاطن فقط هناك. كيف يمكن للجالية في خضم هذه الأحداث، أن تندمج وتسير وفق ما تتوخّاه الطبقة السياسية الفرنسية إذا كانت هذه الجمهورية أول من يدوس على أدنى حرياتها وأقدس ما لديها ألا وهو الدين الإسلامي السمح الذي أوصتنا تعاليمه باحترام الأديان السماوية ومنعتنا من الإساءة إلى أنبياء الله ورسله. هل لهذه الإسلاموفوبيا أغراض مدسوسة؟ ألا يكفي ما يجري حولنا من هزات واهتزازات في أقطار عربية مالكة لآبار بترولية، أم أن الأمر يتعلق بأبعاد جيو استراتيجية أخرى؟ نحن مسلمون، لكننا ضد الإرهاب وكل أشكال العنف والتطرف، وأقرب بلد جغرافيا إلى فرنسا عانى ويلات الإرهاب من جهة والحصار الدولي من جهة أخرى، هو الجزائر التي لازالت قوات جيشها وعناصر أمنها تلاحق جماعات الموت والإجرام. لنسأل أنفسنا كيف ظهرت هذه الآفة الإرهابية، من درّبها، موّلها وغذّاها، أين كانت قواعدها الخلفية ومن المستفيد الأكبر من جرائمها؟؟ حقيقة، تألمت ولازلت، ككل مسلم ومسلمة، من تداعيات الاعتداءات الإرهابية، لكن أجد نفسي ثائرة إزاء سؤال يفرض نفسه عليّ: لماذا نحن دائما في موقف دفاعي نتلقّى دوما الضربات والتّهم على مسائل هم مدبروها؟ صانعو هذه السيناريوهات متحكمون في دراسة شخصية المواطن المسلم، مدركون أن استفزازه سهل عندما يتعلق الأمر بنقاط ضعفه.