عجزت الطبقة السياسية في الجزائر عن إرساء تقاليد النشاط فما عدا حزبا جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي اللذان حافظا على نفس وتيرة النشاط سواء داخل التحالف الرئاسي أو على انفراد وظهر ذلك من خلال العدوان الإسرائيلي على غزة والانتخابات الرئاسية المنتظرة شهر أفريل المقبل بينما تبقى الأحزاب السياسية الأخرى رهينة الصراعات الداخلية ونشاط المناسبات الذي يكون وراء تراجع نسب المشاركة في الانتخابات. بلخادم ينجح في إعادة بريق الأفلان تمكن السيد عبد العزيز بلخادم الأمين العام للهيئة التنفيذية لحزب جبهة التحرير الوطني من إعادة المجد الضائع للحزب حيث كان تفرغه للنشاط الحزبي عاملا لتجاوز الخلافات الداخلية والانتقال لمعالجة مختلف الملفات الداخلية والوطنية وحتى الدولية. وتمكن الأفلان الذي استرجع رئاسة التحالف الرئاسي من طي خلافاته الشخصية واستكمال تجديد هياكله الداخلية والقضاء على جميع حركات التمرد والعصيان التي كانت بعض الأطراف تحاول القيام بها للنيل من شخصية الأمين العام للهيئة التنفيذية لحزب جبهة التحرير الوطني والتي باءت كلها بالفشل وتم تضييق الخناق عليها وإبعادها من الساحة. وما مكن حزب الأغلبية في البرلمان من العودة الى الواجهة هو عقد المؤتمر الاستثنائي وتزكية ترشح الرئيس الشرفي للحزب السيد عبد العزيز بوتفليقة لعهدة ثالثة مع التخطيط للحملة الانتخابية لإنجاح موعد الرئاسيات وستكون مهمة إقناع المواطنين بالتصويت أكبر من كسب الرهان لأن تراجع نسب المشاركة في التشريعيات والمحليات التي جرت في السنتين الماضيتين جعل الجميع يدق ناقوس الطوارئ ويهرول في كل مكان لتفادي انتكاسة أخرى في الانتخابات الرئاسية التي تعتبر أهم موعد على الإطلاق في بلادنا. ولاحتواء الأوضاع تسعى أحزاب التحالف الرئاسي الى جمع أكبر قدر ممكن من التوقيعات لمرشحها السيد عبد العزيز بوتفليقة لحشد الدعم وضمان مشاركة مميزة تبطل جميع الادعاءات التي من شانها أن تستغل نسب المشاركة في الانتخابات الرئاسية وتطعن في النتائج. ويعتبر نشاط الأفلان هذا امتدادا للمبادرة التي أطلقها الحزب في صيف 2005 والقاضية بتعديل الدستور وكان حزب جبهة التحرير الوطني قد تعرض لانتقادات لاذعة وشرسة بإطلاقه المبادرة ولكن تمسكه بالملف جعله أكثر شهرة خاصة بعد أن أعلن الرئيس عن تعديل أم القوانين في نهاية أكتوبر 2008 ووافق عليه البرلمان في منتصف نوفمبر بأغلبية مطلقة. وبعد أن تيقن الحزب العتيد من نجاح مبادرته انتقل للعمل الميداني لحشد أكبر قدر ممكن من المواطنين للمشاركة في الانتخابات وجمع التوقيعات. وبالإضافة الى الانتخابات الرئاسية شكل العدوان الإسرائيلي ملفا حاسما للأفلان وبرز السيد عبد العزيز بلخادم بخطاباته النارية تجاه العدوان والمتخاذلين في نصرة المقاومة ولفت أنظار فئات كبيرة من المجتمع وكذا وسائل الإعلام المحلية والدولية ما زاد في الاهتمام بنشاط الأفلان. وأبلى الأمين العام للحزب بلاء حسنا زاد من شعبيته كثيرا وهو ما سيمهد له أرضية حملة الرئاسيات بقوة. الأرندي بخطى ثابتة يواصل الأرندي نشاطه بهدوء كبير وبخطى ثابتة حيث تمكن بعد 12 سنة من إنشائه من احتلال مكانة محترمة بين أوساط الطبقة السياسية وما زاد في ثقته الكبيرة هو حفاظه على خطه السياسي بالرغم من الهزات العنيفة التي تعرض لها في الكثير من المرات وأخطرها كانت في الانتخابات التشريعية ل 2002 بسبب تراجع مكاسبه عن تلك التي حققها في .1997 ويوجد التجمع الوطني الديمقراطي في لياقة جيدة خاصة بعد استرجاعه للوزارة الأولى التي يتداول عليها مع غريمه العنيد منذ .2001 وبالنظر للانشغالات الكبيرة للأمين العام للحزب السيد احمد أويحيى على الوزارة الأولى - الحكومة - فقد أصبح السيد ميلود شرفي المفوض والناطق الرسمي باسم الحزب مخولا لتنشيط الحزب من خلال فتح مداومات المساندة والتزكية لترشح السيد عبد العزيز بوتفليقة الى رئاسة الجمهورية كما جعل الحزب حاضرا في مختلف الوقفات مع غزة اثر العدوان الذي تعرضت له. ويبقى حشد الدعم والتوقيعات لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة والتخطيط للحملة الانتخابية التي ستجرى في أفريل القادم حجر الزاوية للأرندي الذي استنفر قواعده لذات الغرض. حمس وحزب العمال والأفانا بين المد والجزر يظهر أن الانتخابات الرئاسية ستكون موعدا حاسما لبعض الأحزاب خاصة حركة مجتمع السلم التي تعيش أوضاعا صعبة تنبئ بمستقبل عسير للسيد أبو جرة سلطاني الذي فشلت سياسة هروبه للأمام في احتواء الأزمات الداخلية للحركة وظهرت مع مرور الأيام قوة معارضي أبو جرة الذين يسعون بكل قواهم لسحب البساط من تحت أرجله قبل الانتخابات الرئاسية التي لن تكون بردا وسلاما على خليفة المرحوم نحناح ومن دون شك سيعاني كثيرا أمام جناح السيد عبد المجيد مناصرة وحلفائه الذي رفعوا من وتيرة المعارضة المعلنة وغير المعلنة تجاه الرجل الأول في الحركة. وأحدث نبأ وجود أجهزة تنصت في المقر الرئيسي لحركة حمس ضجة كبيرة في أوساط مناضلي حركة مجتمع السلم الذين يتأكدون من يوم لآخر بأن حركتهم تنخرها صراعات داخلية خطيرة قد تعجل بإنهاء نشاط الحركة في أي وقت اذا ما تواصل الانشقاق الداخلي المتواصل منذ تاريخ استوزار رئيس الحركة أبو جرة سلطاني في الحكومة حيث بدأت موجة احتجاجات وانتقادات لاذعة من توجهات السيد أبو جرة سلطاني الذي عمل كل ما في وسعه لإغلاق المنافذ أمام الشخصيات النافذة في الحركة الذين تبوؤوا مناصب حكومية وتشريعية مهمة من خلال منعهم من الترشح للانتخابات التشريعية بحجة فتح المجال أمام المناضلين الشباب وهي الخطة التي مكنته من حشد القواعد الشابة في صفه والاستنجاد بهم في المؤتمر الوطني الرابع لإبعاد تيار المعارضة. وبالمقابل يظهر أن انسحاب السيد عبد المجيد مناصرة من التنافس على رئاسة الحركة في المؤتمر السابق خطة للرفع من وتيرة المعارضة والتحضير لخطط أخرى لإضعاف السيد أبو جرة سلطاني والتشويش عليه في سياسته العامة. وما سيزيد من متاعب السيد أبو جرة سلطاني قبل الانتخابات الرئاسية هو فشله في إقناع شريكيه في التحالف في ترقية التحالف الى شراكة سياسية وهو المطلب الذي يعتبره الأرندي والأفلان غريبا بحكم أن حمس في موقع ضعف ولا يمكنها فرض أمر على حزبين أقوى من حمس بحكم حيازتهم على الأغلبية المطلقة على جميع الأصعدة وبالتالي فأصوات الحركة غير مهمة كثيرا حتى ولو صوتت ب ''لا'' على أي مشروع. وحتى وان نجح السيد موسى تواتي رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية في تهميش الحركة التصحيحية التي ظهرت فجأة الى حين، فان الانتخابات الرئاسية ستكون حاسمة للرجل المطالب أولا بجمع أكثر من 75 ألف توقيع ثم دخول معترك الحملة والتي وان نجح فيها ستكون صمام أمان بغض النظر عن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية اذا فشل في جمع الحد الأدنى من التوقيعات فستستغل المعارضة الفرصة وتعود من الباب الواسع. وستكون السيدة لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال أمام امتحان آخر لقياس شعبيتها وتوغلها لدى الأوساط الشعبية بعد أن تعرضت لحملة شرسة من قبل بعض الأطراف التي انتقدت مساندتها لتعديل الدستور والتصويت عليه بنعم حيث وجدت في موقف الحزب فرصة لإعطاء بعض القراءات حول التصويت الايجابي، الأمر الذي جعل الحزب يدخل في حرب إعلامية كبيرة سنعرف نتائج تأثيراتها في الانتخابات الرئاسية. أما باقي الأحزاب المجهرية فقد استيقظت من سباتها وتحاول المشاركة في الرئاسيات من أجل بعض الاموال التي ستمنحها الدولة لتنشيط الحملة الانتخابية إن هي نجحت في كسب 75 ألف توقيع وهكذا فالمشهد السياسي في الجزائر تصنعه المناسبات فقط في حين يبقى خلق ثقافة نشاط الأحزاب عندنا أمر بعيد المنال وهو ما يفسر نفور المواطنيين من التصويت. ------------------------------------------------------------------------