تغيير الذهنيات بداية من الوسط العائلي هي نقطة محورية في إعطاء مجال التكوين المهني مكانة في الجزائر، و التي سترافق القفزة النوعية التي عرفها القطاع في السنوات الأخيرة من خلال البرامج الكثيفة والفرص المتاحة للشباب للحصول على تكوين يسمح لهم كسب مهنة تمنحهم تأشيرة دخول عالم الشغل . ويمكن القول أن وزير التكوين والتعليم المهنيي،ن نور الدين بدوي، تحدث عن هذا الانشغال الذي «نتعامل» معه يوميا من خلال سماعنا عن رغبة الأولياء في رؤية أولادهم يتخطون «حاجز « البكالوريا لدخول الجامعة والسير في التخصصات الكلاسيكية، واعتبار التكوين المهني طريق ما بعد الرسوب المدرسي .. و لو أن هذه النظرة بدأت تتقلص تدريجيا في السنوات الأخيرة من خلال نظرة الشباب الذي يمكنه السير في تخصصات جديدة بإمكانها أن تضمن له مستقبلا مميّزا. والشيء الذي يشجع الشباب على دخول عالم التكوين المهني هي «الميكانيزمات « التي تم وضعها تماشيا مع التحولات الاقتصادية الكبيرة التي تعرفها الجزائر في كل القطاعات الاقتصادية والتي أحدثت حاجة ماسة للمؤسسات الاستفادة من شباب مكوّن لشغل المناصب التي توفرها، و خير دليل على ذلك هو التخصص الجديد الذي يرى النور اليوم في تقنيات البيع من خلال توفر المساحات الكبرى التي تحتاج لتقنيات جديدة للتعامل مع الزبون . كما أن توجه الجزائر في المجال الفلاحي يفتح بابا واسعا للاستثمار في تكوين الشباب الذي سيقدم الإضافة المرجوة في هذا القطاع الاستراتيجي، الذي ينتظر منه توفير الاكتفاء الذاتي للجزائريين .. حيث أن الاعتماد على تقنيين من مستوى عال يرافق المجهودات المالية المسخرة للقطاع الفلاحي .. الى جانب إعطاء الأولوية للصناعات الغذائية التي تكمّل المجهود في القطاع الفلاحي . فالتخصصات المختلفة المفتوحة وتماشي المنظومة التكوينية مع خصوصيات كل منطقة من الوطن هي إستراتيجية كفيلة في منح قوة للاقتصاد الوطني الذي يضع المورد البشري في مقدمة الانشغالات لإعطاء فعالية للمؤسسات التي بإمكانها الاستفادة من تقنيين لهم كفاءة عالية في تحقيق الأهداف المسطرة . و أعطى وزير التكوين و التعليم المهنيين أرقام تؤكد توجه المؤسسة الجزائرية في حرصها على الاستفادة من خبرات الشباب المكوّنين من خلال دخول 80 بالمائة من هؤلاء عالم الشغل .. الى جانب التطور الكبير الذي عرفه الإقبال على مراكز التكوين حتى أن بعض التخصصات أصبحت تستوعب أكثر من طاقتها بسبب كثرة الطلب عليها .. الأمر الذي يعني أن المحيط الاقتصادي الجديد في الجزائر بدأ فعلا يغيّر الذهنيات من التوجه الكلاسيكي للشبان الذين يدخلون تخصصات تضمن لهم الحصول على مهنة مستقبلية و تفتح لهم آفاقا واسعة في حياتهم المهنية.