لم يكن، نهار أمس، عاديا على تونس التي واجهت هجوما إرهابيا استعراضيا تجلى من خلال مكان وقوعه، والضحايا المستهدفين، أنه موجّه لضرب الاقتصاد التونسي الذي تعتبر السياحة ركيزته الأساسية والقطاع المعوّل عليه لتجاوز الأزمة التي تمرّ بها البلاد. العملية الإرهابية التي دامت ثلاث ساعات، بدأت بإطلاق نار من طرف مسلّحين على سيّاح كانوا يهمّون بمغادرة حافلاتهم لزيارة متحف «باردو» المتاخم للبرلمان . وقد أسقطت الطلقات الأولى، عددا من الضحايا، قبل أن يفرّ باقي السياح إلى المتحف لتتمّ مطاردتهم واحتجازهم من طرف المسلحين الذين واصلوا إطلاق النار عليهم ليحصدوا 22 ضحيّة بينهم 17 سائحا أغلبهم سياح من بولونيا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا، بالإضافة لمنفذي الهجوم ورجل أمن تونسي، كما جرح 24 شخصا، وهو ما أعلنه رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد، الذي أكد إن الهجوم المسلح على مجمع يضم مبنى البرلمان والمتحف الوطني بمنطقة باردو تمّ من طرف مسلحين كانا بلباس عسكري، وأشار إلى أنهما كانا مدعومين من عنصرين أو ثلاثة آخرين سيتم القبض عليهم لا محالة لمعرفة الجهة التي تقف وراء هذه العملية الاجرامية التي تشكل على ما يبدو محاولة فاشلة ويائسة لضرب استقرار تونس التي استطاعت أن تتجاوز اخفاقات بلدان ما يسمى ب»الربيع العربي» - و هي واحدة منها - وقطعت المرحة الانتقالية بنجاح وانطلقت تعيد بناء الاقتصاد وترسي الأمن والاستقرار . الصيد أشاد بأداء قوات الأمن في مواجهة هذه العملية الإرهابية الأولى من نوعها، وأثنى على تدخّلها السريع الذي مكن من تقليص حجم الخسائر، ودعا الشعب التونسي إلى توحيد الصف لحرب طويلة المدى ضد الإرهاب الذي أصبح آفة تهدد أمن واستقرار البلاد، ويسعى إلى ضرب السياحة والاستثمار ومن خلال ذلك الاستقرار والسلم الاجتماعي. لكن تونس التي عرفت كيف تقود تغييرا سلميا للسلطة، ونجحت في الانتقال السياسي الديمقراطي، ستنجح لامحالة في مواجهة الإرهاب، وستجهض مؤامرة أولئك الذين يريدون جرّها إلى ما سقطت فيه باقي دول الربيع الدموي.