أوساخ متراكمة وروائح كريهة في بعض عمارات العاصمة التي تعيش حالة مقلقة نتيجة انعدام النظافة بها، وغياب عمليات الوقاية اليومية التي كانت تقوم بها عاملات النظافة، وكذا التصرفات اللاّمسؤولة لبعض المواطنين من خلال بعض السلوكات اللاّحضارية، خاصة التي تتعلق بمواقيت رمي النفايات والأماكن المخصّصة لها. أصبح منظر القاذورات والأوساخ عند مداخل العمارات ديكورا يميز معظم عمارات العاصمة باستثناء بعض الأحياء الجديدة على غرار "عدل" والأخرى الراقية التي تتوفر على خدمات تتعلق بالنظافة اليومية، غير أنّ باقي عمارات العاصمة الأخرى أصبحت غارقة في القاذورات، لاسيما وأنّ بعض المواطنين من السكان صاروا لا يهتمون بنظافة عمارتهم، وعلى حد تعبيرهم، يكفيهم الاهتمام بنظافة منازلهم فقط. عمارة "لاسيلا" بالمقرية تعتبر نموذجا حيا عن العمارات التي طالها الاهمال الذي تسبّب في تراكم الأوساخ والقاذورات بها. هذه البناية التي يجدر بكل داخل إليها، حبس أنفاسه، حتى لا يشمّ الرّوائح الكريهة المنبعثة من مدخلها، بالإضافة إلى المياه القذرة المتواجدة على الدوام بالطابق الأرضي للعمارة، ناهيك عن الأوساخ المتراكمة على السلالم والجدران المتسخة بالكتابات وخربشات الأطفال، كانت إلى غاية سنوات قليلة مثالا والقدوة بالنسبة لباقي عمارات الحي، يقول محدثنا وهو من السكان القدامى للعمارة، إنّه وخلال سنوات الاستقلال، وإلى غاية سنوات الثمانينيات والتسعينيات، كان سكان العمارة يتناوبون على تنظيفها كل أسبوع بأنفسهم، حيث كانت الفتيات والسيدات يخرجن إلى السلالم وينظفنها جيدا، كما يقمن بغسل الجدران، وتنظيف كل زوايا العمارة، فيما كان الشبان يتولون إصلاح المصابيح وإعادة طلاء الجدران المتسخة وتنظيف مدخل العمارة. وكانت العمارة على الدوام ناصعة البياض ونظيفة، إلا أنه ومع مرور السنوات وتغير الجيل، وقدوم سكان جدد، صار الظلام والروائح الكريهة والقذارة الميزة الأولى لهذه العمارة، حتى مع وجود عاملة نظافة يتولى السكان دفع أجرتها، إلاّ أنّها لا تقوم بعملها على أكمل وجه، نظرا لأن العمارة تضم 12 طابقا، ومن المستحيل أن تتمكن عاملة واحدة من تنظيف العمارة كلها بمفردها وفي يوم واحد. عمارات بلدية باش جراح تعاني هي الاخرى من انعدام النظافة بداخلها بالاضافة الى مشكل تسرب مياه الصرف الصحي، الأمر الذي أدى إلى تدكر واستياء السكان الذين إوضحوا ل "الشعب"، بأنّ أقبية عمارتهم تتحول في كل مرة إلى مستنقعات نتيجة امتلائها بمياه الصرف الصحي مما أدى إلى انتشار فظيع للحشرات كالناموس والذباب، ناهيك عن ظهور حشرات أخرى تسبّبت لدغاتها في أمراض الحساسية، دون ذكر الانتشار الواسع للجرذان والفئران مما جعلهم يتخوفون من خطر إصابة أبنائهم بالأمراض الفيروسية والجرثومية كالكبد الفيروسي. ولم يخف هؤلاء استياءهم من مصالح البلدية التي لم تقم بعملية تطهير وتنظيف للاقبية ورشها بالمبيدات قبل حلول فصل الصيف الذي تتصاعد فيه الروائح وتزداد حدتها وتتكاثر فيه الحشرات الضارة، حيث أكد بعضهم بأنهم يقومون بمفردهم بعملية التنظيف والتطهير رغم افتقادهم للخبرة وللوسائل المطهرة، إلاّ أنّ الأوضاع تعود إلى حالتها الأولى بسبب العطب الذي مس قنوات الصرف الصحي بعمارتهم والتي تصبّ مباشرة في الأقبية.