نعيش عصر الثورة التعليمية والتكنولوجية، عصر تفجّر المعرفة والمعلومات وما تحمل من معاني ومصطلحات كالديمقراطية، حقوق الإنسان، حقوق الطفل وأولياء التلاميذ والشركاء. كل هذه العوامل لها فعاليتها بنجاح ومن شأنها مساعدة الطالب وإشراك الجميع في هذا الفعل التربوي. هل حضّرنا أنفسنا لهذا التحدي وأعددنا منظومة تربية نراهن عليها في تسليح النشء بالمعرفة معيار التطور ومقياسه؟ هذا ما نحاول الإجابة عنه من خلال هذه المساهمة. برز في المدة الأخيرة مستقبلية التعليم بإعداد ومواجهة العولمة والمتغيرات السريعة الطارئة. فقد أكّد المختصون في التربية أن تطوير أنماط التفكير والتجربة ينبغي الاستفادة منها، فالتعليم هو الوسيلة الفعالة لتغيير نمط المجتمع. فعمليات عديدة تدخل في إطار نشاط المتعلم وعمله، الذي يتم توجيهه وإرشاده وفق الموقف التعليمي، فالأستاذ يوجّه الطلاب نحو اكتساب المعلومات ويغرس فيهم القيم والسلوك، فتربية النشء مهمة شاقة ينبغي على المعلم أن يكون قادرا على أداء هذه المهمة، ولا بد من إعداده وتدريبه بشكل دائم فهي عملية تقتضي مهارات، تخطيط، تنفيذ، تقويم، تحقيق أهداف إذا كانت المناهج القديمة تسعى إلى نيل الغاية، فاليوم عصر الثورة التعليمية والتكنولوجية وعصر تفجر المعرفة والمعلومات، وما تحمل من معاني ومصطلحات كالديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الطفل وأولياء التلاميذ والشركاء، وكل هذه العوامل لها فعاليتها بنجاح، ومن شأنها مساعدة الطالب وإشراك الجميع في هذا الفعل التربوي، كما هو جوهر كل نشاط بشري ينمو ويتقدم ليواجه أخطار المستقبل، ويسيطر عليها ليصبح منتجا للعلم والفن، يتعلم ويعلم ليكون الطالب بمثابة الطاقة التي تؤدي إلى تعبير دائم. وإذا أخذنا مبدأ التكامل وما يستدعيه من تفاعل القدرات والميول بالتأثير في عملية الكفاءة عند المعلمين، والذين لا يزالون يتخبطون فيها وعن كيفية انجاز الدروس بكفاءة. ولقد أثبتت بعض الدراسات أن الكفاءة التربوية موهبة وعطاء، ولا يكتسب المعلم هذه الكفاءة بدراسة مهنية خاصة. نعم إنّ التدريس استعداد خاص، لأنه استخدم كامل الشخصية الكاملة لم يحدث من خلافات داخل القسم ووصفات كالعاصفة والرقة والمهارة والتفاهم والاستعداد. فالتدريس فن له قواعد وأصول وممارسات أصبح العمل فيه معقدا، ويتطلب قدرات ومهارات مدربة ومعرفة متخصّصة في التعليم، ينبغي إعداد جامعي عال لكل من يمارس هذه المهنة. إن التعليم الذي طالما تحدث حوله المتحدثون، وتصدّى لمعالجته الكتاب والباحثون والخبراء وأهل الاختصاص، وأقيمت بشأنه موائد مستديرة ومناظرات حادة لم يزل الإبهام والمفاهيم يزجّ بها في غياهيب الظلام، لقد أسدل الستار حينا من الدهر على الصعاب الذي يكتنفه والعقبات كأداء التي تصطدم به بسبب التداول عبر الحكم على قيادتها والتجارب الفاشلة التي مرت به شأنه في ذلك شأن كل القطاعات، وما من ثلة مقبلة إلا وتستأصل ما غرسته ثلة أخرى هجرت سائر العالم الانجليزي راسكن، وهو يحاور طلابه في الجامعة هل تتوقف المسيرة التربوية يوما؟ فأجاب قائلا: كلا........ إنّها لا تتوقّف ولكنها قد تضلّ طريقها، ولذلك إذا تحوّل قائدها إلى أباطرة والمساكين بزمامها إلى مضلين، إنّ الأساتذة اليوم يتساءلون هل نظام التعليم في حيز التنفيذ؟ هل هو نظام مبني على أسس علمية وتربوية مدروسة بلغة العلم وروح البحث العلمي؟ وهل يمكن للمدرسة الجزائرية من تجاوز الصعوبات التي تواجهها أم هو مجرد أسماء غربية لا وجود لها عندنا؟ فالأمور في أيامنا هذه قد تغيّرت، فجوانب المعرفة وحدودها قد اتّسعت وقلّت الكتب عما هو معروف عنها، وأصبح الفرد من غير الممكن أن يحيط ويعرف في ميدانه، فنتيجة تشييد الجامعات والمؤسسات على أعمال البحث والاكتشاف والاختراع، وكذلك انتشار أو اتساع نطاق الدراسات العليا وتزايد مستمر في مختلف الميادين. إنّ تعليم كل هذا العدد الضخم من التلاميذ المقدر 8 ملايين، ثقيل بأن يجعل منهم قوة مؤثرة في تنمية مجتمعاتنا، ومن هنا كانت مشكلة التعليم. فنشر العلم وتسييره وتعميمه في مختلف مجتمعات العالم وشعوبه من أهم المشكلات التي تتصدّى لها الهيئات الدولية وخاصة «اليونيسكو». إنّ تجديد نظام التعليم وتطويره يمكّن للأجيال القادمة مواجهة التحديات المستقبلية التي سوف تعترضه، فثورة هائلة صارمة متسارعة بكل متطلبات ومقتضيات العصر. ومن هنا يتطلب نظاما تعليميا قادرا على إعداد الأجيال الجديدة للتعامل مع الأوضاع المستجدة بكل متطلباته التي سيكون عليها عالم الغد، ولكن هناك اتفاقا عاما بأنه سيكون مجتمع التغيرات السريعة المتلاحقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فالمطلب الأساسي الذي سوف يعمّ الناس هو التسامح والإيخاء والسلام، والقضاء على المظاهر والنزاعات الانفصالية لتعيش في رخاء وأمن وطمأنينة، كما هو الشأن الآن التعليم يساعد على حل المشاكل. الرّسوب، الاكتظاظ وهواجس أخرى فتحديات المستقبل يتطلب الارتقاء بالتعليم لمواجهة المشاكل ومتطلبات العصر ومواكبتها، كيف يمكن إعادة بناء نظام التربية والتعليم بما يحقق أهداف العصر وتوقعات المستقبل، فالتعليم يواجه صعوبات جمة خاصة في ارتفاع نسبة الرسوب المدرسي، وكذلك التعليم يتعرّض إلى تأثيرات، كاكتظاظ في الأقسام بالمدارس الابتدائية، وهذا راجع إلى الارتفاع في عدد التلاميذ التي تطبق سياسة تعميم التعليم، وقس ذلك على الأطوار الأخرى في التعليم. ومن هنا كان لزاما علينا أن نعدّ قدر الاستطاعة لتوحيد ظروفا ووسائل ومناهج وكتب تكون بمثابة الحقل الخصب للتفكير مهما كان نوعها وصفتها، فكم من ناد أو صالون أو حلاق خرّج أدباء ومفكّرين ومبدعين، وكم من خرّيج جامعة تأوي الآلاف من الطلبة لكنه خال من الثمرات، وهناك جامعات خرّجت فطاحل العلماء وعباقرة وجهابذة الفكر. إنّ ما يجري الآن عندنا من نقاش أو يكتب حول التعليم، يشير إلى أنّنا لا نزال حتى الآن لم نهتد إلى الإطار المناسب للعمل، ولا إلى الأسلوب العلمي في العلاج، ولا علاج من دون وضع اليد على الداء، ولا علاج قبل التعرف على مكان الداء، وقال أهل العلم المعاصرين والخبراء أن في المجتمع مؤسسات أساسية إن صلحت صلح، وإن فسدت فسد، ويتعلق الأمر بكل من الأسرة والمدرسة والشارع والمسجد ووسائل الإعلام. ولا بد من إعادة النظر لنظام جديد للتعليم في مناهجه وطرائقه وسائر وسائله، وإيجاد أيدي قادرة على إنقاذ روح هذا النظام ومواكبة الركب الحضاري، لقد حققت الكثير ولتبقى هذه الأحوال صالحة، فالتعليم مستقبلا يتقدم بخطى العمالقة إذا كانت قيادته تسعى إلى زيادة العلم والمعرفة ليواصل المسيرة بسلام، لنعالج النقائص كالحشو والإهمال والإنحاء والانكفاء، ولا بد من إيجاد حل لهذه العوامل كاتباع منهج الحفظ والنقل لأنها تخلو من الرأي والفهم والتعبير، ينبغي على جميع القوى الاجتماعية أن تشارك في صياغة التعليم مستقبلا، واستنتاج الأهداف العامة للتعليم من معظم شرائح المجتمع. أيّ المناهج نريد؟ ما هي المناهج التي يمكن الاعتماد عليها؟ استخدام طريقة التلقين التي جاوزها الزمن وحشو أذهان الطلبة لا علاقة لها بالمعلومات للحصول على الدرجات دون فهم، فالمستقبل يتطلب من الاعتماد على المناهج الحديثة إلى عمليات الحوار والمناقشة ومشاركة الطالب الحيوية والنشاط بعيدا عن تقديم معلومات تتميز بالأوامر والنواهي التي تغفل أهمية البحث العلمي. أين مجلس الأعلى للتربية؟ الذي ربما يكون هو محور العملية التعليمية والبحث عن المعلومة وممارسة التجارب، ويقوم بتكوين المكونين على مستوى المعاهد التربوية التي لا زالت لم تسترجع إلى وزارة التربية الوطنية. ويناقش ويتّفق على تحقيق الأهداف، ويشعر المجلس على أنه شريك بمستقبل التعليم، ويسعى إلى التعامل مع التغيرات التي تحدثها التكنولوجيا والتجوال عبر قطرالجزائر، يقوم على إعطاء المعلومات الجديدة للفهم والتعليم المستمر من أجل البقاء والقدرة على التكيف. وإعطاء الدور الكبير للمدارس والثانويات، والتعامل مع أدوات المعرفة ووسائلها المتوفرة، واستنتاج التجارب وإدراك وفهم لما يختبره ويلاحظه من خلال زياراته، وعقد ندوات ولقاءات وتقدم مساهمات فعالة في تكوين ثقافة تؤهّل المعني بتسيير أدوار التربية كاملة، كما تعتمد التجربة في العالم خلالها بتكوين هيئة تقوم بإنشاء قاعات مجهزة بكل أنواع التكنولوجيا، وتسهّل الدروس لطالب جامعي بها وفي أي مكان بالجامعة أو بالمنزل الذي يتوفر فيه الحاسوب.