نظّمت غرفة الحرف والصناعات التقليدية الأسبوع الثقافي الثالث للصناعات التقليدية والحرف بقصر الثقافة محمد العيد آل الخليفة وسط مدينة قسنطينة. المعرض الذي شارك فيه 60 حرفيا وحرفية من ولايات قسنطينة، وهران، الأغواط، البويرة، الجلفة وأدرار، رسموا بالتنوع الثقافي المتميز لوحة فنية عن عادات الجزائر من خلال حرف لا تزال تواجه رياح التغيير وتحارب الزوال. عرض الحرفيون لوحات رسمت بأنامل بسيطة وإمكانيات قليلة رسّخت للتاريخ والحضارة وجعلته فرجة للجيل الجديد وذاكرة للقديم، حيث رسمت الصناعات الحرفية ممزوجة بأجود الأواني الفخارية والأواني النحاسية والحلي التقليدية وكذا الحلويات التقليدية عرضا جميلا جعلنا نخصص بعد افتتاحه من طرف وزير القطاع «عمار غول» زيارة خاصة لأجنحة المعرض الثرية لنجالس فيها الحرفيين ونعرف منهم أسرار الحفاظ على الحرف هوية الأمة وأصالتها. «الشعب» وخلال الجولة الميدانية، وقفت على إبداعات الحرفيين في الأسبوع الثالث للصناعات التقليدية الذي يندرج من بين 10 أسابيع مبرمجة تضم 5 ولايات بمعدل 10 حرفيين من كل ولاية، حيث صنعت جمالية الصناعات التقليدية وروائع الحرف مزيجا تراثيا يرسم عادات وتقاليد الجزائر في وهلة إبداعية متميزة. هذا المزيج نال إعجاب الزوار المتوافدين على أجنحة المعرض الثقافي بدءا من صناعة الزرابي والحلي، النحاس والألبسة التقليدية وصولا إلى الأزياء والإكسسوارات التقليدية التي جلبت أنظار الزوار. نال اللباس التقليدي «النايلي» اهتمام الزائرات لما يحمله من تقنية في التصميم وجمال يحمل في طياته عادات وتقاليد ولاية الجلفة، التي مثلتها الحرفية «جهرة سامية» والتي تعتبر من بين أشهر مصممات ولاية الجلفة، حيث كانت لها مشاركات وطنية ودولية. الحرفية تحدثت ل «الشعب» عن حرفتها في صناعة اللباس النايلي لتؤكّد لنا على أن اللباس يملك شهرة واسعة وتاريخ مميز تجسدت من خلال تمثال امرأة ترتدي هذا الزي بحديقة الحامة بالعاصمة، فضلا على عرض الزي النايلي ضمن لوحات زيتية بعروض بفرنسا من قبل الفنان الجزائري «نصر الدين دينات». وتحدثت الحرفية في ذات الشأن عن تاريخ اللباس الذي يعود تاريخ صناعته إلى سنة 1800 والذي كانوا يرتدونه باللونين الأبيض والأسود فقط، ليتم مع مرور الوقت إدخال بعض الرتوشات كالألوان وشكل الأقمشة المستعملة ليواكب الموضة لكن مع الحفاظ الدائم على الشكل العام، الحرفية. وركزت الحرفية جهرة سامية على الفرق بين اللباس النايلي والشاوي الذي يختلف في تصميمه وتميزه بضيقه من ناحية الخصر ومن جهة الحوض ليحدّد معالم الأنوثة النايلية، فالعروسة النايلية تتزين باللباس الذي يعد من أهم جهازها وتتزين وهي ترتديه بأنواع محددة من الإكسسوارات التقليدية على غرار السخاب المصنوع من المسك الأبيض و»المدور» وهو عبارة عن زينة وعقد الشنتوف.. أما أسعار اللباس الملحفة النايلية فهي تختلف باختلاف القماش المستعمل. من جهتها، أكدت السيدة سامية على أهمية هذه المعارض الوطنية والدولية في التعريف بالموروث النايلي خصوصا والجزائري عموما، قائلة إن الاحتكاك بالحرفيين يعتبر فرصة سانحة لتبادل الخبرات والتعرف على عادات وتقاليد ولايات الوطن الثرية، لتبدي إعجابها بمدينة الجسور المعلقة وبعاداتها التي لا تزال تلوح بسمائها معبرة على سعادتها بمشاركتها بفعاليات تدخل في إطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية لسنة 2015. وواصلت السيدة سامية حديثها عن اللباس النايلي الذي صنع الفرجة ببهو قصر الثقافة محمد العيد آل الخليفة متوقفة عند المعرض الثري الذي زادته ثراءً لأواني فخارية قمة في التصميم والإنجاز من إبداع أنامل أنثى حوّلت التراب إلى طين ثم إلى قطع حرفية تعبّر عن ثقافة عربية جزائرية وموروث تاريخي متميز. الحرفية «مليكة كتاش» المتخصصة في صناعة الأواني الفخارية من الطارف، أكدت ل»الشعب» أن الأواني الفخارية بالنسبة لها هواية استلهمتها منذ سنّ الرابع عشر وتعلمتها من أمها ففي سن مبكرأصبحت تجيد صناعة عدد من الأواني الفخارية على غرار «الطاجين، الكسكاس، البرمة». وهي الأواني اعتبرتها «مليكة» الانطلاقة في حبها لصناعة الأواني الفخارية، التي اعتبرتها من أهم الأواني التي تستعمل بالمناطق الريفية فالطهي عبرها له مذاق خاص وميزة تجعل الزائر يرغب في الأكل والشرب، فضلا عن أنه آمن وغير ضار للصحة. الحرفية شاركت في عدد من المعارض الوطنية جعلتها تزيد من دائرة اتصالاتها وزبائنها وكذا التعريف بأهمية الفخار بالمطبخ الجزائري كونه يدخل ضمن تقاليدنا وعاداتنا وتاريخ أجدادنا، فهي تعتبر أن حرفة تحويل الطين إلى أواني فخارية يتطلب تركيز وحب للحرفة حتى يتمكّن الحرفي من تجديد عمله بشكل دائم ومستمر وأنها تحوّل الطين إلى أدوات وأواني لطهي الطعام والكسرة بطريقة يدوية محضة، رغم أنها لا تفتقد للأدوات الخاصة بذلك مؤكدة على أنها تحصلت سنة 2010، على الدعم من طرف أجهزة الدولة لدعم الحرفيين والمتمثل في أدوات وفرن، إلا أنها لم تستخدمهم باعتبار محاولتها للحفاظ على الحرفة من الزوال والاندثار، فالكل يعرف ما يسمى بالطاجين لكنهم يجهلوا الأواني الأخرى التي تسعى بدورها إلى إعادة بعثها من جديد لتشجع العائلات لاستخدامها في الطبخ لأنها أضمن وأفضل بكثير من الطهي في الأواني الحديثة. خلال جولتنا لاحظنا التوافد الكبير للزوار لاقتناء مختلف الأواني الفخارية المعروضة، حيث أكدوا لنا أنهم يهتمون أكثر بشراء الأواني الفخارية التي تعتبر أأمن وأضمن للصحة هذا من جانب، باعتبارها أواني جمالية تعبر عن تاريخ الجزائر. حوّلت الحرفية «طيبي فطيمة»، أشياء انتهت صلاحيتها إلى حرفة تصنع من العدم وموهبتها صديقة للبيئة، تجذب الناظر إليها هي تلك العلب المزينة والمزهريات والأشياء التي تعلّق على الحائط في شكل لوحات فنية التي تصنعها الحرفية «طيبي» من علب وأسلاك مهملة صنعت هي بها مصنوعات جميلة تليق بالديكور، هي هواية وحرفة «طيبي فطيمة» من الأغواط، والتي استهلت حديثها معنا بجملة غريبة مفادها «أنا أصنع من لا شيء شيء» كيف لا وهي التي تفكر دائما في إعادة تكرير شيء قابل للرمي إلى مادة جميلة لها فائدة. على هذا الأساس روت لنا قصتها مع هذه الحرفة قائلة: «أعمل في إحدى دور الشباب معلمة أشغال يدوية وكذا الرسم على القماش، ومنذ سنة 2009، جاءتني أول فكرة جسدتها على علبة صغيرة وحولتها إلى علبة جميلة نضع فيها بعض الأشياء بعدها تم تنظيم مهرجان إبداع الفتاة شاركت فيه ببعض الأعمال وتوجت بالجائزة الأولى لتكون لي الفرصة الثانية في أن أشارك سنة 2012 بمهرجان تيبازة، وأصبحت حرفية في مجال تحويل المرميات إلى أشياء جميلة ولقيت تشجيعا كبيرا وإعجابا من قبل المهتمين حيث بدا اندهاشهم من أن مادة الصنع هي تلك المرميات، حتى في بعض المرات أنظم ورشة وأصنع أمامهم مزهرية أو علبة أو لوحة وسط ذهولهم وإعجابهم». اعتمدت الفنانة في إبداعاتها على قارورات فارغة، كؤوس تالفة خيوط، كوابل، علب، أوراق وكل ما يتم رميه، حتى إنها استخدمت حب الصنوبر. ورغم تشجيع الجمهور والناس إلا أنها لم تلق استجابة من قبل السلطات باعتبارها تجاوزت السن القانوني للاستفادة، حيث ناشدت السلطات بمد يد العون لها بالحصول على محل يمكنها مزاولة حرفتها بطريقة تجعلها تبدع في تحويل مهملات إلى أشياء تحافظ على البيئة.