تعرف ظاهرة “الإلتراس” نموا كبيرا في الجزائر، حيث باتت جل أندية النخبة تملك مجموعات إلتراس، التي تعتبر تجمعات منظمة للأنصار لتشجيع الفرق، وتحمل الظاهرة إيجابيات عديدة لكرة القدم الجزائرية، أبرزها الحد من ظاهرة العنف وتنمية فكرة تشجيع الفريق حتى في أحلك الظروف، أثناء الهزيمة وحين الفوز، وهو ما غير الفكر الهمجي للكثير من أنصار الفرق الجزائرية المتعصبة التي تحولت مدرجات ملعبها إلى مجموعات أنصار منظمة يصنعون الفرجة ولوحات رائعة في المدرجات جعلت منهم الرجل الثاني عشر بحق، ويختلف كثيرون في تحديد أصل منشأ الظاهرة “الإلتراس”، فهناك من يرجع أصلها إلى جماهير أمريكا اللاتينية وتحديدا بالبرازيل سنة 1940 أين عرفت باسم “تورسيدا”، ثم انتقلت إلى جماهير أوروبا الشرقية التي كانت تعرف بحماسها الكبير في التشجيع في بدايات القرن الماضي وتحديدا بيوغوسلافيا سابقا ثم كرواتيا عند جمهور “هاجوك سبيليت”، وهناك من يقول بأن إيطاليا هي أول من شهدت ظهور مجموعات الإلتراس. التزام مادي ومعنوي وولاء للمجموعة إن الهدف الرئيسي من الإلتراس هو التشجيع على الروح الرياضية، وتنظيم الأنصار أثناء تشجيعهم لفرقهم، ومن بين قوانين “الإلتراس” أن يكونوا مستقلين كليا عن إدارة فريقهم ولا يقبلون أي دعم مادي أو إملاءات عليهم، حيث أن تصرفهم يكون نابعا عن إرادتهم واعتقاداتهم، كما أن القانون يلزم هذه المجموعات على ضرورة التواجد دائما في مباريات الفريق داخل وخارج الديار لمساندتهم ودعمهم وتعليق الراية التي ترمز لاسمهم، ويكون على رأس المجموعة شخص يقودها ويطلق عليه اسم (كابو) وتعني بالإيطالية القائد، حيث يتواجد هذا الأخير دائما في وضعية مقابلة للأنصار موجها ظهره للميدان لتوجيه المجموعة مستعملا في الغالب مكبرا للصوت، كما أنه من بين أبرز القوانين عدم الإشهار للمجموعة في وسائل الإعلام، لأن الهدف رقم واحد يبقى تشجيع الفريق دون تقاضي المقابل ودون كسب الشهرة، كما تميل هذه المجموعات إلى استخدام الألعاب النارية تسمى ب “الكراكاج”، والغناء وترديد الهتافات الحماسية لدعم فرقهم، ويقومون بتوجيه الرسائل إلى اللاعبين والإدارة وأنصار الفرق الأخرى عن طريق لوحات خاصة في المباريات المهمة تسمى ب«التيفو”، وكل ذلك يضفي بهجة وحماسا على المباريات، وحاليا تتواجد هذه الظاهرة بشكل أكبر بين محبي الساحرة المستديرة في أوروبا وأمريكا الجنوبية وبدرجة أقل في قارة آسيا وإفريقيا. تعتبر الألتراس ظاهرة هدفها الأساسي تقوية الحب والوفاء من الأنصار تجاه فرقهم، ولإلتراس أربعة مبادئ، أولها عدم التوقف عن التشجيع خلال المباراة مهما كانت النتيجة، وثانيها عدم الجلوس أثناء المباراة، وثالثها حضور أكبر عدد ممكن من المباريات، ورابعها الوفاء للمجموعة بعدم الانتقال لأي رابطة أخرى. «فيردي ليون” أول “إلتراس” جزائرية وتعود نشأة روابط “الإلتراس” في الجزائر إلى سنة 2007 بفضل مجموعة “فيردي ليون” ما يعني “الأسد الأخضر” التابعة لمولودية الجزائر التي تحمل لواء أول إلتراس في الجزائر، وتلتها مباشرة “غرين بويز” التابعة لفريق مولودية سعيدة، ولاحظنا أن الألتراتين قامتا بعمل جبار ولوحات رائعة، كما أن “الفيردي” اتصلوا بإلترايات فرق النادي الإفريقي التونسي والرجاء البيضاوي المغربي من أجل تبادل المعارف وهو ما نسج روابط متينة بين أنصار الفرق الثلاثة ولاحظنا ذلك في مواجهة العميد للوداد البيضاوي في آخر مواجهة لهم بالدار البيضاء برسم رابطة الأبطال الإفريقية لكرة القدم أين ساند أنصار الرجاء العميد وقتها، وتملك غالبية أندية المحترف الأول والثاني حاليا مجموعات إلتراس، كما تعرف أندية مثل مولودية الجزائر، اتحاد الحراش، شباب قسنطينة، وفاق سطيف، مولودية وهران ما لا يقل عن ثلاثة تجمعات للإلتراس، وظهرت هذه “مودا” بالجزائر في أواخر التسعينات مع الفاردي الذي انتظر ما لا يقل عن 8 سنوات ليصبح مجموعة منظمة. «الفريدي” و«الغرين” كانا مهدا لهذه الظاهرة التي انتشرت بسرعة البرق في مختلف النوادي الجزائرية مع “فاناتيك رادس”، “ديابلو”، “بولينا”، “داي بويز”، “توالفث بلاير”، “كرايزي كابيتال”، “غرين كورسير”، “لوكا راقازي”، “كابيلي بويز”، “آنديان” وغيرها كثير، حتى أن هناك من بات يضم ثلاث إلى أربع مجموعات للنادي الواحد ومنذ ظهورها ساهمت في تقليل ظاهرة العنف في الملاعب الجزائرية مقارنة بما كان عليه الأمر في سنوات التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، لكن بالمقابل سجل تجاوز واحد منذ نشأتها في الجزائر ويعود ذلك إلى ما تجسد في الرايات المسيئة والمشينة التي رفعت في مختلف المباريات المحلية، كما كان الحال مع مباراة اتحاد العاصمة وشباب بلوزداد بملعب 5 جويلية قبل ثلاثة مواسم، أو ما حدث الموسم الماضي من تراشق بالألعاب النارية بين العميد والشباب. وتلجأ هذه المجموعات لاستغلال وسائل التواصل الاجتماعي وصفحات خاصة بها على الفايسبوك، لترفع قدرتها أكثر على التنظيم، كما تقوم بعض الروابط بتأليف أغاني كثيرا ما تباع عبر أقراص مضغوطة تكون مصدرا لجمع الأموال لتحضير “التيفو” لصنع الفرجة فوق المدرجات. أولاد البهجة الاستثناء وفضل أنصار اتحاد العاصمة أن يصنعوا الاستثناء بعدم إتباع المودة وعدم تأسيس “إلتراس” خاصة بالفريق وعوض ذلك فضلوا الانخراط في مجموعة اسمها “أولا البهجة” تتميز بالتنظيم الجماعي وغير المنفصل مثل الأندية الأخرى، سواء في الغناء الشعارات الرايات وغيرها، من اللوحات التي تقام قبل وأثناء المباريات ما جعل منها الاستثناء، حتى أنهم ألفوا أغنية تؤكد بأنهم سيبقون الفريق الوحيد الذي لن يتبع نهج الآخرين.