تشهد حركية المجتمع المدني بتيبازة طيلة السنوات الأخيرة تراجعا رهيبا في أدائها وتأطيرها للمجتمع، سواء تعلّق الامر برفع الحاجيات المعبّر عنها من القاعدة الى الجهات المعنية أو بإقناع المجتمع بالتريّث ريثما تتمكّن السلطات من توفير الموارد المالية الكافية لتجسيد المشاريع المعبّر عنها، وأضحت بذلك لغة الاحتجاج هي الاكثر فهما من لدن الجميع والأكثر قدرة على افتكاك المطالب العالقة على مدار سنوات. وفي ذات السياق، أكّد رئيس فيدرالية لجان الاحياء لبلدية فوكة، عبد القادر عريج، على أنّ الفيدرالية أضحت أكثر تنظيما وتاطيرا وتمثيلا لمختلف احياء البلدية مما سمح لها بتسطير أرضية عمل شاملة تأخذ في الحسبان مختلف أحياء البلدية بحيث تمّ إدراج المطالب وفقا لمبدا الأولويات، ما سيسمح للسلطات المحلية بتجنّب الاحتكاك المباشر بالمواطن في مسألة تلبية حاجياته التي تحمل الصفة الجماعية في حال التنسيق المحكم مع الفيديرالية إلا أنّ الواقع يشهد عكس ذلك تماما، بحيث سبق للفيدرالية وأن قدّمت طلبات مكتوبة للاجتماع بالمجلس البلدي منذ فترات طويلة إلا أنّها لم تتلق الرّد الايجابي على ذلك ولم تفلح الطلبات الشفوية المتعلقة بهذا الشأن من جمع الطرفين الى طاولة واحدة منذ فترة طويلة، والأدهى من ذلك أن تبرمج السلطات لقاءات مصغرة مع بعض لجان الأحياء لأسباب استعجالية قبل أن يغيب ممثل السلطة المحلية عن الموعد المتفق عليه لأسباب تبقى مجهولة و دون أي اتفاق آخر للتأجيل أو التعديل. وأكد رئيس الفيدرالية أيضا بأنّ العهدة الحالية للمجلس البلدي التي عمّرت 3 سنوات كاملة شهدت إجراء 3 لقاءات فقط مع المجتمع المدني، لم تكن جميعها صائبة وذات جدوى، ومن ثمّ فقد أسفرت الظاهرة عن تراجع رهيب في مختلف مسائل التنسيق والتشاور مما عرّض ثقة المواطن في السلطة المحلية لكل أنواع الريب والنفور، ويضيف محدثنا أيضا بأنّ الاحياء التي شهدت إندلاع احتجاجات متقطعة من حين لآخر للتعبير عن حاجتها لمرافق ومطالب اجتماعية، نالت حقها في ذلك فيما لا تزال الاحياء التي التزمت الصمت والتريّث بعيدة كلّ البعد عن مستلزمات التنمية المحلية، ما يترجم أن السلطات لا تعير مسألة التسيق والتشاور مع المجتمع المدني إهتماما متميّزا بقدر ما يهمها السلم الاجتماعي بالدرجة الأولى ضاربة بذلك عرض الحائط لمسألة التوازن الجهوي في اوجه التنمية المحلية. وإذا كان حال فيدرالية منظمة وذات خبرة ميدانية واسعة بلغ هذا الحد من التهميش والاقصاء، فإنّ الأمر اصعب وأمرّ حينما يتعلق الأمر بلجان أحياء غير منظمة وغير جاهزة لتحيين ملفات اعتمادها بمختلف بلديات الولاية الاخرى، على غرار ما هو حاصل بالدواودة وتيبازة وشرشال وحجوط وغيرها، بحيث تسعى كل افتقدت عدّة جمعيات ثقة المواطن فيها بعدما أصبحت علاقة ذات الجمعيات بالسلطات مخلخلة أيضا، بحيث ينجرّ عن ظاهرة عدم وفاء السلطات بوعودها تجاه متعامليها المحليين تراجع هؤلاء عن التعامل بصدق معها و أضحت ذات العلاقات التي تجمع مختلف الأطراف بحاجة الى تحيين واعادة نظرشاملة. مبادرة محلية تصنع التميّز ببلدية عين تقورايت تعتبر بلدية عين تقورايت بولاية تيبازة سباقة في اقتراح نموذج عملي يعنى بتحيين العلاقة الوطيدة التي تربطها بالمواطن بصفة مباشرة من خلال إنشاء مجلس استشاري يضمّ خيرة أبناء البلدية المتخصصين للنظر في سيرورة التنمية المحلية، ومناقشة الاولويات والمستجدات المرتبطة بهذا الشأن. وفي هذا الاطار، قال رئيس المجلس الشعبي البلدي لعين تقورايت، جيلالي جربوعة، بأنّ الفكرة تبلورت حين كان هذا الأخير رئيسا لمصلحة التجهيز بدائرة بوسماعيل قبيل موعد المحليات السابقة، الأمر الذي مكّنه من التعامل المباشر مع ممثلين واطارات من مختلف فئات المجتمع ليكتشف نماذج متميزة من الاطارات القادرة على تقديم الاضافة اللازمة للتسيير دون الرغبة في ممارسة السياسة، ومن ثمّ فقد أقدم رئيس البلدية غلى تشكيل مجلس استشاري يضم 24 عضوا من خيرة أبناء البلدية تتم استشارتهم دوريا في أهم مقتضيات التنمية المحلية، بحيث سبق لرئيس المجلس البلدي جمع هؤلاء في عدّة لقاءات رسمية على مدار 3 سنوات خلت تمّ خلالها التطرق الى عدّة أوجه تخص التنمية المحلية. وبالنظر إلى نجاح المبادرة، فقد عمدت الهيئة التنفيذية للمجلس البلدي الى تنصيب مكتب دائم لذات المجلس يؤطره منسق ومقرر لعقد سلسلة من اللقاءات الموسعة ما بين المجلس البلدي والمجلس الاستشاري بمعية ممثلين آخرين عن باقي المواطنين بوتيرة لقاء واحد كلّ 6 أشهر، في بادرة قد تكون هي الاولى من نوعها في الجزائر، وتهدف بالدرجة الأولى الى اشراك مختلف الفعاليات الاجتماعية في إعطاء رأيها في سيرورة التنمية المحلية، مع الاشارة الى أنّ الهيئة التنفيذية البلدية الحالية برمجت جملة من اللقاءات الدورية مع المواطنين على مستوى أحيائهم على مدار 3 سنوات خلت، الأمر الذي ينعدم تماما في قاموس العمل الروتيني للمجالس الشعبية لباقي البلديات.