شهدت أمس أسعار النفط تراجعا سريعا عند إفتتاح التعاملات في الأسواق العالمية، فقدت خلالها أزيد من 5٪ من قيمتها المسجلة في نهاية الأسبوع الماضي. جاء هذا الإنخفاض السريع بعد أن اتفق الأعضاء في منظمة الأوبيك على الإبقاء على مستوى إنتاجها الحالي دون تغيير رغم استمرار وجود فائض في المعروض النفطي ورغم تأكيدات عديدة عن توقع تراجع الطلب على النفط خلال السنة الجارية بما يزيد عن مليون برميل من النفط. وكان أعضاء أوبيك في إجتماعهم الإعتيادي ال 152 قد اتفقوا على عدم اتخاذ أي قرار لتخفيض الإنتاج قبل الإلتزام كلية بالتخفيضات السابقة التي أقرت العام الماضي والمقدرة إجمالا ب 4,2 مليون ب/ي، حيث تبين أن نسبة إلتزام الاعضاء بحصص الخفض بلغت 80٪، مما يعني أن دولا في المنظمة تأبى الإلتزام بالقرارات السابقة وأدى ذلك ببعض الدول المؤثرة إلى ربط أي خفض جديد بنسبة الإلتزام وإرجاء أي خفض آخر إلى إجتماع أوبيك القادم في ماي المقبل، علما أنه لا يزال ما مقداره 800 ألف برميل ينتج يوميا فوق حصص الإنتاج المتفق عليها. ومع استمرار تسجيل أسعار منخفضة، توقعت معظم التحاليل في بداية الشهر الجاري أن تلجأ أوبيك إلى مزيد من التخفيض بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدتها منذ تراجع الأسعار بدء من جويلية الماضي، إلا أن المنظمة قررت عدم سحب النفط الفائض في الوقت الراهن، متعللة بما أصبح يعرف بنسبة الإلتزام. وقبل لقاء فيينا الأخير، دعت الوكالة الدولية للطاقة، التي تضم أكبر مستهلكي الخام، أوبيك إلى عدم تخفيض إنتاجها مجددا، الأمر الذي يكون قد رضخت له المنظمة، مما حمل الوكالة إلى إعتبار أن قرار أوبيك الأخير يعد عقلانيا حتى لو أدى ذلك إلى تراجع الأسعار، كما حدث أمس في الأسواق العالمية، حيث تراجع الخام ب 2,4 دولار أي ما يعادل 5,2٪ ليصل الى 43,85 دولارا للبرميل في بورصة نيويورك و44,58 دولارا في آسيا مقابل 46,25 دولارا للبرميل في نهاية تعاملات الجمعة الماضية، بينما تراجع خام برنت تسليم الشهر القادم ب 1,66 دولارا أي 3,7٪ ليبلغ 43,27 دولارا للبرميل، وتراجعت عقود ماي القادم وهي الأكثر نشاطا بنسبة 4,1٪ لتصل إلى 44 دولارا. وكان وزير الطاقة والمناجم السيد شكيب خليل الذي وصف اتفاق أوبيك ب ''المسؤول'' قد حذر من مخاطر عدم تجاوب المنظمة مع متطلبات السوق النفطية التي كانت مهيئة لخفض جديد قدره المحللون بما يتراوح ما بين 0,5 م ب/ي إلى 1,5 م ب/ي .. هذه المخاطر بدأت أولى ملامحها تبرز على مستوى الأسواق النفطية التي سجلت جميعها وبدون استثناء تراجعا سريعا في الأسعار. وفي هذا الصدد، إعتبر شكيب خليل، في آخر لقاء صحفي له في الجزائر قبل لقاء فيينا، أنه في حالة عدم اتخاذ قرار جديد للخفض فإن الأسعار ستنهار وفي هذه الحالة، فإنه يصعب وقف هذا الإنهيار.