من المقرر أن تجتمع غدا الدول الأعضاء في منظمة أوبيك بفيينا لبحث وضعية السوق النفطية و مستوى الاسعار في ظل استقرار نسبي للأوضاع انعكست مباشرة على ابقاء الاسعار في مستويات يبدو أنها تخدم في آن واحد كل من المستهلكين والمنتجين. ولأن الاسعار توجد في مستويات مقبولة إلى حد ما وفق معطيات السوق وتداعيات الأزمة الاقتصادية، فإن جل التكهنات والتعاليق تسير في اتجاه تأييد فكرة الابقاء على الحصص الانتاجية كما هي دون تغيير في حجم الانتاج من النفط الذي بلغ مستوى 29,15 مليون برميل في اليوم في الشهر الماضي، وهو مستوى قياسي لم يسجل منذ أربعة عشر شهرا، كما أن إنتاج العراق العضو في المنظمة والمستثنى من نظام الحصص، ارتفع إلى 2,6 مليون ب / ي مما قد يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول العودة التي قد تكون قوية في السنوات القليلة القادمة، ومدى تأثيرها على انتاج المنظمة عموما الذي تجاوز السقف المحدد في ديسمبر 2008 من 24,845 مليون ب / ي إلى 26,55 مليون ب / ي حاليا وذلك خارج العراق. وعلى الرغم من وجود فائض في المعروض النفطي إلا أن الأسعار حافظت على نوع من التوازن خلال المدة الماضية ببقائها في حدود تتراوح مابين 70 إلى أكثر من 80 دولار، وهو ما تراه الدول المنتجة سقفا مرضيا ولا يعيق جهود مواصلة الاستثمار، بينما تخشى الدول المنتجة للنفط في أوبيك في أحدث تقرير لها، من تفاقم المعروض النفطي في النصف الثاني من السنة الجارية التي عادة ما تتزامن مع تراجع الطلب على النفط. احتمال تراجع الطلب على النفط في المرحلة القادمة واستمرار بعض الدول في أوبيك في تجاوز حصص انتاجها سيمثل بدون شك أحد المحاور الاساسية التي سيعكف الأعضاء في المنظمة على دراستها خلال اجتماع هذا الاربعاء، الذي قد يشهد تدخل بعض الأعضاء من دول الخليج النفطية لدعوة أوبك إلى احترام حصص الانتاج، دون ممارسة ضغوط لفرض التقيد بحصة كل دولة، مثلما أشار إليه محللون خليجيون، خاصة وأن الأسعار تبقى في حدود مرتفعة نسبيا، لكن إذا حدث العكس خلال المرحلة القادمة وهو أمر وارد في السوق النفطية، فإن الدول الملتزمة جدا داخل أوبيك ستكون مجبرة على رفع مستوى الالتزام الذي عادة ما يتم خرقه من طرف دول مثل انغولا و إيران كما ورد في تقرير المجلة الاقتصادية »الميس«، التي تؤكد تجاوز حصصها ب 400 ألف ب / ي ، وذلك في فيفري الماضي. وقبل أربعة وعشرين ساعة عن اجتماع أوبيك تشير مختلف التقارير أن تصريحات معظم دول المنظمة تؤيد فكرة المحافظة على حصة الانتاج المقررة منذ أكثر من عام، في الاجتماع الطارىء الذي عقد بوهران بالجزائر، حين قرر الأعضاء سحب 4,2 مليون ب / ي من الفائض المعروض، وأدى عبر مراحل متعددة إلى الارتفاع التدريجي في الأسعار من 34 دولار للبرميل إلى 81 دولار المسجلة أمس في اختتام التعاملات الصباحية، حيث سمحت قرارات المنظمة أنذاك بعودة الانتعاش بصيغة مستمرة، تخللته بعض التراجعات التي لم تصمد كثيرا، أمام المحاولات المتكررة لعودة النمو في الاقتصاد العالمي بعد الانتكاسة المالية التي عصفت بمعظم اقتصاديات العالم. وكان وزير الطاقة والمناجم السيد شكيب خليل قد أكد في وقت سابق أن وضعية السوق النفطية ستكون من أهم محاور الاجتماع، ملمحا إلى امكانية أن تبقي المنظمة على نفس الانتاج الحالي. نفس الاتجاه ذهب إليه وزير النفط الايراني السيد مسعود مير كاظمي، حين صرح أمس أن الانتاج الحالي لأوبيك يجب أن يبقى بدون تغيير، لأنه لا توجد أية زيادة في الطلب في السوق، كما أن العرض لم يتراجع كثيرا. ومن جهته قال نائب رئيس الحكومة القطري وزير النفط السيد عبد الله العطية أنه لا يرى أي تغيير أساسي في مستوى الانتاج خلال اجتماع غد مرجحا أن يتخذ الوزراء قرار الإبقاء على سقف الانتاج الحالي رغم ارتفاع المخزون العالمي. لم تقل العربية السعودية كلمتها حول تمديد العمل بقرار أوبيك الحالي من تغييره، لكن من المحتمل أن تسير في نفس الاتجاه العام، كما أنها من المرجح أن تسير ايضا في نفس اتجاه الدول الأخرى التي ستركز على مسألة ضرورة احترام حصص الانتاج في المنظمة تجنبا لأي اختلال في الأسعار.