معاصر تتحدى الطبيعة وتصنع فارقي الكمية والجودة تتواصل حملة جني وعصر الزيتون، عبر مناطق ولاية سطيف، لاستخراج الزيت بوتيرة متسارعة، ومواجهة الإنتاج الوفير لهذا العام، عبر 60 بلدية، وخاصة المناطق الشمالية الشرقية والغربية للولاية. فقد انطلقت منذ شهر نوفمبر الماضي، حملة الجني في ظروف حسنة ساعدها الجو المعتدل السائد، وتتوقع مديرية المصالح الفلاحية للولاية إنتاج 5.5 مليون لتر من زيت الزيتون هذا الموسم، بإنتاج فاق 240 ألف قنطار من الزيتون، من مساحة 12 ألف هكتار، من أصل 26 ألف تمثل المساحة الإجمالية لهذه الشجرة. وقد فاقت كمية الزيت المتحصل عليها لحد الآن من نشاط 60 معصرة بالولاية 1.5 مليون لتر، حيث تبلغ الطاقة الإنتاجية في مجال عصر الزيتون 300 قنطار في اليوم، وقد بدأت عملية عرض المنتوج الجديد في الأسواق بأسعار تتراوح بين 700 و800 دج للتر الواحد، وهي أسعار اعتبرها المواطنون مرتفعة بالنظر إلى الكمية الكبيرة للمنتوج هذا العام. يحدث هذا رغم الأهمية القصوى التي توليها الدولة لهذه الشعبة، من خلال دعم الفلاحين بالشجيرات للغرس، وتوسيع المساحات المغروسة بالزيتون، باعتباره منتوجا غذائيا استراتيجيا وصحيا، وك ذا تنظيم أيام دراسية وتحسيسية للفلاحين المعنيين بزراعة الزيتون، وكذا شق المسالك الفلاحية الصعبة لتمكين الفلاحين، ومن يساعدونهم في جني المحصول من العبور بسهولة وسرعة إلى مختلف الأشجار، وهذا على عاتقها قصد الاستغلال المثالي وإلى حد أقصى لكل الإنتاج، كما ذكرت المصالح المعنية أنها تبذل جهودا كبيرة لمساعدة الفلاحين في التخلص من الذبابة، وتقليل حجم الخسائر التي تلحقها بالمحصول. وتشتهر الولاية بجودة زيت الزيتون بمنطقة بني ورتيلان في المنطقة الشمالية الغربية للولاية، مع العلم أن بلديات أخرى تنتج كميات هامة منه على غرار بوعنداس وايت تيزي وايت نوال مزادة وتالة ايفاسن وقنزات وحربيل وغيرها. وتتوزع الكمية المنتجة للاستهلاك الذاتي للعائلات المالكة للشجرة، وكذا على الكثير من المحلات التجارية بالولاية، وحتى بالمعاصر، خاصة في هذه الفترة، حيث يتنقل المواطنون إلى المعاصر لاقتناء الزيت منها مباشرة، وهو حديث العهد بالإنتاج، خوفا من تعرضه مع مرور الوقت إلى عمليات الغش، خاصة في المواسم التي يكون فيها الإنتاج ضئيلا . وتعرف شعبة زراعة أشجار الزيتون بولاية سطيف اهتماما خاصا من طرف الجهات المعنية وعلى رأسها مديرية المصالح الفلاحية، حيث تتواجد شجرة الزيتون في كل بلديات الولاية البالغ عددها 60 بلدية بدرجات متفاوتة، وتكثر طبعا في المناطق الشمالية الغربية للولاية وغيرها من البلديات الجبلية. وحددت الجهات المعنية إلى الوصول إلى تشجير 10 ألاف هكتار من أشجار الزيتون إلى غاية السنة الماضية، كما تم تدعيم العملية التي تحظى باهتمام كبير، بعملية مرافقة من خلال فتح مسالك فلاحية بالمناطق الجبلية الوعرة لتسهيل الوصول إلى كل المناطق المغروسة بكل سهولة للفلاحين، وهذا لتحقيق المردودية اللازمة في إنتاج هذه المادة الغذائية الأساسية. مشروع طموح لتطوير إنتاج الزيتون واستفادت ولاية سطيف من مشروع ضخم لتشجير 10 ألاف هكتار من أشجار الزيتون، وقد تحققت من المشروع إلى يومنا هذا نسبة معتبرة تقدر ب30 بالمائة أي 3000 هكتار. وتتولى إنجاز المشروع الطموح محافظة الغابات للولاية ومديرية المصالح الفلاحية، حيث تتولى الهيئة الأولى 6000 هكتار فيما تقوم الهيئة الثانية بتشجير 4000 هكتار، واستمر المشروع في التجسيد إلى غاية العام الماضي، وخضع لمتابعة دورية من الجهات المعنية المكلفة به لضمان نجاحه، مع العلم انه تقرر غرس 120 شجرة في الهكتار الواحد، مما يرفع العدد الإجمالي للأشجار المزمع غرسها إلى مليون ومائتي ألف شجرة زيتون. وتتوفر ولاية سطيف حسب إحصائيات قديمة لمديرية المصالح الفلاحية للولاية على 1660183 شجرة زيتون على مساحة إجمالية تقدر ب18258 هكتار وهذا خلال سنة 2012، أما عن المردود المسجل حسب نفس الإحصائيات فقدر ب16.64 قنطار في الهكتار الواحد، ويشكل إنتاج زيت الزيتون أحد أعمدة الاقتصاد المحلي لسكان المنطقة الشمالية للولاية. ومن المعلوم أن أغلبية المناطق المغروسة بأشجار الزيتون بولاية سطيف، تقع في المنطقة الشمالية الغربية للولاية المتاخمة لولاية بجاية، خاصة في بني ورتيلان وضواحيها وبوعنداس وبوسلام وقنزات وغيرها، وهي تنتج أجود أنواع زيت الزيتون بالمنطقة، حيث يقصدها الزبائن من كل الجهات لاقتناء الزيت الذي تعرف أسعاره زيادة من سنة إلى أخرى، بسبب الطلب المتزايد عليه. زيت الزيتون لمواجهة الأزمات تحدثنا مع أحد شيوخ منطقة بوعنداس، سنه أكثر من 80 سنة، والذي أكد لنا أن سكان المنطقة يتمتعون بشكل عام بصحة جيدة، بسبب الاستهلاك شبه اليومي لزيت الزيتون في جميع مأكولاتهم وأطباقهم المحضرة بالبيوت، وهي العادة الغذائية المتوارثة عندهم أبا عن جد، منذ عشرات السنين، وان كل عائلة لا يقل مخزونها منه عن 100 لتر في كل موسم لمن يمتلك الأشجار، و50 لترا لغيرها من العائلات. وقد ساهم الزيت مساهمة كبيرة في مواجهة الأزمات، خاصة عندما تضرب المنطقة عاصفة ثلجية على غرار عاصفة 2002، حيث أغلقت الطرق المؤدية للقرى والمناطق النائية، وافتقدت السلع الاستهلاكية المختلفة المخزنة بالمحلات، فلجأ السكان إلى تناول الزيت مع التين المجفف المخزن سابقا، وهو ما أنقذ الموقف. يذكر أن بعض الباعة يروجون زيت الزيتون في الأسواق، على غرار سوق السيارات بمدينة سطيف، إلا أنه لا يلقى إقبالا كبيرا من طرف المتسوقين، رغم أسعاره المغرية لاقتناع أغلبهم أنه غير صافي، ويفضلون شراءه من المعاصر والمحلات المتخصصة.