بتأكيد رئاسة الجمهورية أن «استقالة الحكومة غير واردة»، تكون قد وضعت حدا للتأويلات وتكهنات خاطئة تداولتها مختلف وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة، التي تترقب على الأرجح «تعديلا حكوميا»، وليس استقالة الجهاز التنفيذي غير المطروحة أساسا بعد تعديل الدستور، وبموجب التوضيحات الأخيرة، فإن التعديل أيضا غير وارد في الفترة الراهنة. وقع لبس كبير مؤخرا يخص استقالة الحكومة التي تختلف تماما عن التعديل الحكومي، تم التركيز عليه غداة المصادقة على دستور 2016 وربطه بالحدث، وتم تداول أسماء عن وزراء جدد وآخرين يغادرون، وعن الجمع بين عدة قطاعات وزارية، يحدث هذا رغم أن القانون واضح تماما في هذا الشأن، ذلك أن استقالة الجهاز التنفيذي غير مطروحة أساسا، ومراجعة الدستور لا تؤدي بأي حال من الأحوال إلى استقالة الطاقم الحكومي. وفي هذا السياق، كانت «الشعب» قد طرحت الإشكال غداة المصادقة على الدستور على أستاذ القانون الدستوري بوزيد لزهاري، الذي حرص على التوضيح أن «التعديل يكون في حالتين الأولى بقرار من رئيس الجمهورية لإنهاء مهام الجهاز التنفيذي بموجب المادة 77، وفي حال تقديم الوزير الأول استقالة الحكومة وفق ما تنص عليه المادة 86، لكن مجرد مراجعة الدستور أضاف يقول لا يعني استقالة الحكومة إذ لا يوجد نص يلزم بذلك». وإذا كانت المادة 86 من الدستور الساري المفعول، والتي تم الإبقاء عليها في دستور 2016، تنص على أنه «يمكن الوزير الأول أن يقدم استقالة الحكومة لرئيس الجمهورية»، فإن الدستور بصيغته الجديدة سيصبح ساريا بمجرد صدوره في الجريدة الرسمي، حمل بعض التعديلات أدخلت على المواد الموجودة في الساري المفعول، بينها المادة 81 التي تنص «يقدم الوزير الأول استقالة الحكومة لرئيس الجمهورية في حالة عدم موافقة المجلس الشعبي الوطني على مخطط عمل الحكومة»، على أن «يعين رئيس الجمهورية من جديد وزيرا أول حسب الكيفيات نفسها»، وبموجب المادة 84 من نفس الوثيقة «للوزير الأول أن يطلب من المجلس الشعبي الوطني تصويتا بالثقة. وفي حالة عدم الموافقة على لائحة الثقة يقدم الوزير الأول استقالة الحكومة»، في حال ترتب عن مناقشة بين السياسة العامة الذي بات إلزاميا «إيداع مُلتمَس رقابة يقوم به المجلس الشعبي الوطني طبقا لأحكام المواد 135 و136 و137». ولعل ما تؤكده مجمل المواد الدستورية المتعلقة باستقالة الجهاز التنفيذي، عدم ارتباطها بأي حال من الأحوال بتعديل الدستور، فبغض النظر عن المادة 77، التي تنص على اضطلاع رئيس الجمهورية بصلاحية تعيين الوزير الأول وإنهاء مهامه، التي أدخل عليها تعديلا في الوثيقة الجديدة المرتقب دخولها حيز التنفيذ خلال الأيام المقبلة، يخص «استشارة الأغلبية البرلمانية» لدى تعيينه، بامكان الوزير الأول تقديم استقالة الحكومة بموجب المادة 86 أو في حالة عدم موافقة الغرفة البرلمانية السفلى على مخطط عمل الحكومة، لكن ليس بعد إجراء تعديل دستوري. وعلى الأرجح، فإن توضيحات مصدر رئاسة الجمهورية ستضع حدا لمختلف القراءات والتنبؤات بخصوص استقالة الحكومة وإمكانية التعديل الحكومي، ما يجعل الطاقم الحكومي بقيادة الوزير الأول عبد المالك سلال يعمل في راحة أكبر بعيدا عن «المضاربات والتعاليق».